مصير مجهول لمفاوضات سد النهضة رغم قرار مجلس الأمن

وزير الموارد المائية المصري قال إن الوضع «شبه مُجمد»

TT

مصير مجهول لمفاوضات سد النهضة رغم قرار مجلس الأمن

لم ينجح قرار مجلس الأمن، الصادر قبل نحو شهر، في تحريك مفاوضات «سد النهضة» بين مصر والسودان وإثيوبيا، حتى الآن، ليبقى مصيرها مجهولاً. ووصف وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، الوضع بأنه «شبه مُجمد». وتتفاوض الدول الثلاث، بشكل متقطع منذ 10 سنوات، للوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لكن المفاوضات لم تسفر عن أي نتائج. واعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً رئاسياً منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي للوصول إلى اتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة». وعقب القرار تقدَّمت جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي ترأس الاتحاد الأفريقي، بـ«تصور» إلى الدول الثلاث، لاستئناف المفاوضات، لكن يبدو أنها لم تفلح في إرضاء أطراف النزاع.
وقال وزير الموارد المائية المصري، مساء أول من أمس، إن «الوضع فيما يخص سد النهضة الإثيوبي شبه متجمد حالياً»، مشيراً إلى «وجود اتصالات دولية، إلا أنها لا ترقى لطموحاتنا، وبالتالي فالوضع شبه متجمد». وأضاف وزير الري خلال ندوة نظمها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بـ«القناطر الخيرية» شمال البلاد، أن «القلق من سد النهضة طبيعي، ويجب ألا يكون القلق مرضياً». وتتمسك مصر، وفق عبد العاطي، بـ«ثوابت واضحة»، وهي «الوصول إلى اتفاق عادل قانوني ملزم، فيما يخص ملء وتشغيل السد»، مشيراً إلى أن الدولة المصرية على أتم الاستعداد للتفاوض الجاد، للوصول إلى هذا الاتفاق، ومشدداً على أن الدولة المصرية «لن تسمح بحدوث أزمة مياه». وتابع: «القاهرة تطالب بآلية واضحة ومدة زمنية محددة مع وجود مراقبين دوليين لهم دور للتوصل إلى اتفاق عادل وجاد حول قواعد ملء وتشغيل السد». وأكد عبد العاطي ضرورة أن «يثبت الطرف الآخر في ملف السد جديته»، قائلاً إن «مصر لا تنتظر حدوث ضرر بالغ، ومن يحدث ضرراً بالغاً يتحمل مسؤوليته».
وعززت تصريحات الوزير المصري إعلان رئيس جمهورية جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، يوم (الأحد) الماضي، فشل مساعيه لاستئناف المفاوضات. وقال ميارديت، عقب لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، إنه «أجرى زيارة خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، إلى أديس أبابا في زيارة لمدة يوم واحد، وتلقى وعداً بأنه بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) ستكون هناك مفاوضات عقب تشكيل حكومة إثيوبيا». وتابع: «الأمر لم يحدث، ولذلك أخبرت الرئيس السيسي بأن رئيس الوزراء الإثيوبي ليس في وضع لبدء مفاوضات، لأن المعارضة تحاربه في الوقت الحالي وليس في وضع للتحرك رغم كل القدرات التي يملكها». ومطلع أكتوبر الجاري، تسلم السيسي، رسالة خطية من رئيس الكونغو تشيسيكيدي، رئيس الاتحاد الأفريقي، عبر مبعوثه الخاص لدى الاتحاد الأفريقي السفير جان ليون نجاندو. ولم يشِر البيان المصري، الذي أعقب اللقاء، إلى بحث ملف «سد النهضة»، فيما عده مراقبون آنذاك مؤشراً على عدم التوافق حتى اللحظة».
من جهة أخرى، عرض الوزير عبد العاطي جهود الحكومة المصرية للحفاظ على مياه النيل، قائلاً إن «الوزارة تتعامل مع تراكمات 50 عاماً مضت في ملف التعديات على مجرى النهر»، مؤكداً أن «الدولة تسلك منهج المواجهة وإيصال رسالة واضحة إلى من يتعدى على نهر النيل بالقانون». وأضاف: «الدولة لا تتهاون في موضوع المياه، وأن الأولوية للترشيد وتبطين الترع وإعادة استخدام المياه لتلبية احتياجات الدولة من المياه». وأوضح أن «الدولة في عام 2016 اتخذت قراراً استراتيجياً بأن أي تنمية على السواحل تكون عن طريق تحلية مياه البحر لمواكبة الزيادة السكانية لتعظيم استخدام كل قطرة مياه»، مؤكداً «أهمية مشروع تبطين الترع الذي أدى إلى وصول المياه إلى نهايات الترع بشكل جيد»، لافتاً أيضاً إلى «مشروع تحديث نظم الري والدعم الكبير من الدولة للمزارعين في هذا الموضوع عن طريق تقديم قروض من دون فوائد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.