قتلى وجرحى بتفجير استهدف جنازة والدة المتحدث باسم «طالبان»

مصادر لـ«الشرق الأوسط» : ذبيح الله مجاهد كان داخل المسجد يتلقى العزاء

ذبيح الله مجاهد (إ.ب.أ) ...استنفار أمني خارج مستشفى الإسعاف الطبي الذي نقل اليه المصابون والضحايا من هجوم كابل أمس (أ.ف.ب)
ذبيح الله مجاهد (إ.ب.أ) ...استنفار أمني خارج مستشفى الإسعاف الطبي الذي نقل اليه المصابون والضحايا من هجوم كابل أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى وجرحى بتفجير استهدف جنازة والدة المتحدث باسم «طالبان»

ذبيح الله مجاهد (إ.ب.أ) ...استنفار أمني خارج مستشفى الإسعاف الطبي الذي نقل اليه المصابون والضحايا من هجوم كابل أمس (أ.ف.ب)
ذبيح الله مجاهد (إ.ب.أ) ...استنفار أمني خارج مستشفى الإسعاف الطبي الذي نقل اليه المصابون والضحايا من هجوم كابل أمس (أ.ف.ب)

أسفر انفجار وقع خارج مسجد في العاصمة الأفغانية عن مقتل «عدد من المدنيين» أمس (الأحد)، وفق ما أعلن الناطق باسم «حركة طالبان». وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الحركة ووكيل وزارة الإعلام على «تويتر»: «استهدف انفجار بعد الظهر تجمّعاً لمدنيين قرب مدخل مسجد عيد كاه، في كابل، (الذي يعتبر ثاني أكبر مسجد في العاصمة الأفغانية)، ما أدى إلى مقتل عدد منهم»، دون أن يقدم تفاصيل إضافية. وكانت تقام صلاة في المسجد بعد ظهر أمس على والدة مجاهد، التي توفيت الأسبوع الماضي، وفق ما أفاد المتحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، أول من أمس، إذ أكد أن «جميع الناس والأصدقاء مدعوون للحضور». وقال مجاهد إن عدداً من المدنيين قتلوا وأصيبوا في الانفجار، لكن لم يكشف عن أعداد محددة. من جهته، قال الشيخ مهران خيل، أحد المقربين من ذبيح الله، لـ«الشرق الأوسط»، إن المتحدث باسم «طالبان» في خير وأمان، ولم يصب بشيء، وكان داخل المسجد يتلقى العزاء. وأضاف أن ذبيح الله هو الذي تحدث إلى الصحافيين بعد التفجير مباشرة خارج المسجد.
وقالت منظمة إيمرجنسي غير الحكومية، التي تدير مستشفى في كابل، إنه تم نقل 4 مصابين للمستشفى بعد الانفجار. ولم تعرف بعد طبيعة الانفجار بالتحديد، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم. وتردد أن عدداً من قادة «طالبان» كانوا مشاركين في جنازة والدة مجاهد. في غضون ذلك، أفاد أحمد الله أحد شهود العيان، الذي يعمل في متجر قريب من المكان: «سمعت صوت انفجار قرب مسجد عيد كاه، أعقبه إطلاق نار». وأضاف: «قبيل الانفجار، أغلق عناصر (طالبان) الطريق لإقامة صلاة من أجل والدة ذبيح الله مجاهد في المسجد وسط كابل». وسمع مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في موقعين في العاصمة صوت الانفجار وإطلاق النار، فيما شوهدت سيارات الإسعاف وهي تهرع باتّجاه مستشفى الطوارئ في كابل.
وبحسب قناة كابل نيوز التلفزيونية المحلية، وقع انفجار قوي، بالقرب من مسجد «عيد كاه» بالعاصمة الأفغانية ؛ حيث تقام مراسم «عزاء» والدة ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم «حركة طالبان». وقالت مصادر محلية، إن الانفجار خلف 12 قتيلاً و32 جريحاً على الأقل، كما جرى اعتقال 3 أشخاص مشتبه بهم في التفجير.
وذكرت قناة كابل نيوز التلفزيونية المحلية، إن تبادلاً لإطلاق النار جرى في المنطقة، مرجحة أن الاشتباك الدائر هو بين عناصر «طالبان» وعناصر من «تنظيم داعش». وقتل مدنيون وأعضاء في حركة «طالبان» بهجوم وقع، أول من أمس، في مدينة جلال أباد بولاية ننغرهار، شرق البلاد، بحسب وسائل إعلام محلية أفغانية.
ونقلت قناة «طلوع» الأفغانية عن مسؤولين محليين أن الهجوم المسلح في الدائرة الثالثة من المدينة خلّف قتيلين من قوات حركة «طالبان»، فضلاً عن اثنين من المدنيين. وسيطرت حركة «طالبان» على معظم أراضي أفغانستان، إثر سقوط المدن تباعاً بيدها خلال أيام وسيطرتها على جميع المعابر الحدودية ومن ثم دخولها قصر الرئاسة، بعد فرار الرئيس أشرف غني إلى الإمارات، وكثير من المواقع الحكومية في العاصمة كابل، يوم 15 أغسطس (آب) الماضي.



2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟