قوانين الانتخابات العراقية أملاها عدم الاستقرار السياسي

نظام «الدوائر المتعددة» اختير تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية

TT

قوانين الانتخابات العراقية أملاها عدم الاستقرار السياسي

انعكست الأوضاع السياسية المضطربة في العراق على معظم القوانين والإجراءات التي أقرها البرلمان منذ نحو عقد ونصف عقد، وقوانين الانتخابات وأنظمتها من بين أهم القوانين التي تأثرت بحالة الصراع القائمة بين الكتل والأحزاب السياسية من جهة؛ وبينها وبين الفعاليات والقوى الشعبية المعارضة من جهة أخرى.
وقد أجريت الدورات الانتخابية الأربع الماضية بقوانين وآليات توزيع وفوز مختلفة، وستجرى الانتخابات في دورتها الجديدة بقانون يختلف جذرياً عن جميع قوانين الدورات الماضية من خلال اعتماده نظام الدوائر المتعددة الذي قسم البلاد إلى 83 دائرة انتخابية، ويستطيع المرشح طبقاً لذلك، المنافسة مع خصومه الآخرين ضمن الدائرة الانتخابية التي يسكن بها، وهذا الترتيب الجديد يتقاطع جذرياً مع نظام الدائرة الواحدة الذي اعتمدته القوى السياسية في الدورة الانتخابية الأولى عام 2005، والذي أتاح حينذاك للناخب حق اختيار المرشح الذي يرغب فيه في أي محافظة عراقية.
وفي انتخابات عام 2010، عدّل القانون واعتمد فيه نظام الدائرة المفتوحة للمرة الأولى، ثم أعيدت الكرة مع انتخابات عام 2014 وألغي «قانون 2005»، وشرع قانون جديد اعتمد صيغة نظام «سانت ليغو» الانتخابية.
وفي الدورة الانتخابية الأخيرة عام 2018 التي أعقبت إعلان هزيمة «داعش»، أجريت تعديلات أخرى على نظام «سانت ليغو» وقسمت البلاد بوصف كل محافظة دائرة انتخابية، وأقرت 8 مقاعد «كوتا» للأقليات الدينية والعرقية في البلاد.
ومع تفاقم حالة الغليان الشعبي والغضب العام التي تواجه الأحزاب والكتل السياسية نتيجة فشلها في إدارة البلاد، ومع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التي رفعت شعار تحقيق العدالة في السياق الانتخابي، اضطرت الكتل والأحزاب السياسية إلى إجراء تغييرات جذرية جدية على القانون الانتخابي، ووافق البرلمان على إقرار قانون «الدوائر المتعددة» في أكتوبر (تشرين الأول) 2020. وكان القانون في أساسه مطلب جماعات الحراك الاحتجاجي والاتجاهات التي كانت تشتكي من أن قوانين الانتخابات السابقة كانت مصممة للكتل والأحزاب الكبيرة وتبقي سيطرتها ونفوذها الشامل في الدولة على حساب الجماعات والأحزاب الصغيرة التي لا تستطيع المنافسة.
ولعل من بين أهم وأبرز نتائج القانون الجديدة «تقسيم الدوائر الانتخابية المتعددة في المحافظة الواحدة» طبقاً لنص القانون، والتي سيترتب عليها لأول مرة صعود الفائز الأول إلى البرلمان من دون النظر إلى نتائج بقية الكتل والتحالفات. ففي معظم الانتخابات السابقة كان فوز المرشح ومهما كان عدد الأصوات التي يحصل عليها غير كاف وحده لوصوله إلى البرلمان، إذا لم تتمكن قائمته الانتخابية من الحصول على الأصوات اللازمة التي تؤهلها للتنافس مع بقية الكتل على مستوى المحافظة، وفي هذا الاتجاه، معروف أن القيادي في الحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي حصل في انتخابات عام 2014، على أكثر من 17 ألف صوت وكان من بين أقوى الفائزين في تلك الانتخابات، لكنه لم يصل إلى البرلمان بسبب مجموع الأصوات الكلية التي حصلت عليها قائمته الانتخابية. كما أن القانون الجديد اعتمد على نظام الترشح الفردي ضمن الدائرة الانتخابية، مما انعكس بشكل واضح على مشاركة واسعة بالنسبة للمرشحين المستقلين، حيث تشير إحصاءات مفوضية الانتخابات إلى مشاركة نحو 800 مرشح مستقل من مجموع 3250 مرشحاً.
ويتنافس المرشحون على 329 مقعداً؛ بينها 83 مقعداً مخصصة لـ«كوتا» النساء البالغة 25 في المائة من المجموع الكلي، إضافة إلى 9 مقاعد للأقليات موزعة بين المسيحيين والشبك والصابئة والإيزيديين والكرد الفيليين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».