صنعاء مشلولة.. ونزوح للأهالي إلى خارج المدينة

أزمة وقود وغاز منزلي حادة.. وهدوء في مأرب وتحركات بالبيضاء

صورة لمستودعات الصيانة والاسناد في قاعدة الدليمي في صنعاء بعد تدميرها بالكامل.
صورة لمستودعات الصيانة والاسناد في قاعدة الدليمي في صنعاء بعد تدميرها بالكامل.
TT

صنعاء مشلولة.. ونزوح للأهالي إلى خارج المدينة

صورة لمستودعات الصيانة والاسناد في قاعدة الدليمي في صنعاء بعد تدميرها بالكامل.
صورة لمستودعات الصيانة والاسناد في قاعدة الدليمي في صنعاء بعد تدميرها بالكامل.

شهدت شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، خلوا شبه تام من السكان، ونزوحا لكثير من الأهالي إلى قراهم خارج العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى توقف الدراسة في المدارس الحكومية والخاصة، وخلو المؤسسات الحكومية من موظفيها، وذلك بعد ليلة لم ينم فيها أهالي العاصمة جراء الضربة العسكرية الأولى التي أطلقتها المملكة العربية السعودية من عملية «عاصفة الحزم» ضد معاقل جماعة الحوثي المسلحة في اليمن، التي شاركت فيها دول التحالف الخليجية ما عدا سلطنة عُمان، بالإضافة إلى مشاركة الأردن والمغرب والسودان وإبداء مصر وباكستان استعدادهما للمشاركة بقوات جوية وبحرية وبرية، إذا لزم الأمر، والحصول على الدعم اللوجيستي والاستخباراتي العسكري الخليجي في اليمن من قبل الولايات المتحدة الأميركية.
وفي الوقت الذي كان فيه خطاب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مدينة عدن يدعو الجميع للحوار، يصرخ زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي من مدينة صعدة بالدعوة للحرب ورفد معسكرات الجيش بالمقاتلين.
ويخشى المواطنون من أن تتوسع الضربات الجوية وينتج عنها الانزلاق إلى حرب أهلية بين مؤيدين للضربات الجوية، ومعارضيها، وتتوتر الحالية سياسيا وميدانيا، في وقت لم تلح فيه أي بادرة من الأطراف المعنية في البلاد للتراجع؛ حيث يرى المواطنون ضرورة دعوة جميع الأطراف السياسية في اليمن للعودة إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول.
ويقول وضاح الجليل لـ«الشرق الأوسط» إن «الموقف الذي يتخذه أي عاقل الآن، دعوة جميع أطراف العملية السياسية في اليمن للعودة إلى طاولة الحوار الجاد».
وأضاف الجليل: «التغاضي عن عدوان الميليشيا، لن يفضي إلا إلى مزيد من الفوضى وتدمير ما تبقى من السلام في البلد».
وأغلقت كل المحلات التجارية بصنعاء إلى وقت غير معروف، وذلك تخوفا من وقوع رد فعل للمسلحين الحوثيين والموالين لهم من جماعة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ضد السفارات، حيث علقت السفارات في صنعاء أعمالها منذ الشهر الماضي، بالإضافة إلى إغلاق كثير من المطاعم بسبب أزمة البترول والغاز، وسفر المواطنين وبعض المالكين إلى قراهم خارج العاصمة.
وفي ظل أزمة الغاز المنزلي التي تشهدها العاصمة منذ أشهر، والموجود بشكل ضئيل منذ الشهر الماضي، امتدت الطوابير الطويلة، أمس، أمام محطات الغاز والبترول للتمكن من توفير الاحتياج المنزلي من الغاز وتعبئة السيارات للتمكن من مغادرة صنعاء، فقد اصطفت عشرات السيارات أمام محطات البنزين، فيما أغلقت محطات أخرى، في الوقت نفسه أغلقت محلات بيع الغاز المنزلي أبوابها أمام الأهالي. ويعاني كثير منهم في الحصول على أسطوانات الغاز، مما اضطرهم إلى جلبها من مناطق بعيدة في العاصمة.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» من مسؤول عسكري في محافظة الحديدة، غرب اليمن، أن قوات خفر السواحل والقوات البحرية، الموالية لجماعة الحوثي المسلحة، قد رفعت الجاهزية القتالية استعدادا لأي مواجهات قد تجري هناك على ميناء الحديدة، ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، الذي يعد من المرافق الحساسة التي سيطر عليها المسلحون الحوثيون بالإضافة إلى المطار، في حين تستمر المسيرات الاحتجاجية الرافضة للمسلحين الحوثيين، والمطالبة بطردهم من تهامة، والتأكيد على التمسك بإقليم تهامة دون هيمنة أو وصاية.
وقال عبد الرحمن حجري، القائد الميداني للحراك التهامي السلمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الوطن باق والفاسدون والمرتزقة وعصابات القتل الحوثية وعصابة صنعاء القديمة والجديدة وميليشياتها المحتلة لتهامة وأعوانهم، إلى مزبلة التاريخ قريبًا. وأقولها بالصوت العالي: تهامة ستنتصر وحق على الله نصرها، وقضيتنا عادلة وستنتصر»، مؤكدا أن الدور الإيراني خطير ويسعى إلى إشعال حرائق في الشرق الأوسط.
وتستمر جماعة الحوثي المسلحة بعملية الملاحقات والاعتقالات للمناوئين لها بمحافظة الحديدة؛ حيث اختطفت أكثر من 25 شخصا من قيادات وناشطي حزب التجمع اليمني للإصلاح في مديريات القناوص والضحي والمراوعة، واقتحام منازل ومقرات حزبية ومنظمات المجتمع المدني بالمحافظة. وقال حزب التجمع اليمني للإصلاح في بيان له، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «الممارسات الهمجية وغير الأخلاقية مسلك يقود إلى تعقيد المشهد السياسي في اليمن، وهذه التصرفات توسع حالة الغضب والاحتقان تجاه الميليشيات الانقلابية، التي يرفضها اليمنيون قاطبة؛ على رأسهم أبناء الحديدة، الذين يعبرون في مسيراتهم واحتجاجاتهم المتواصلة عن رفضهم لهذه الميليشيات التي يحملونها كل المشكلات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعصف باليمن، وتهدر مقدرات البلاد ومنها مقدرات محافظة الحديدة».
وأضاف البيان أن «اقتحام المقرات الحزبية ومنظمات المجتمع المدني هي جريمة سياسية وحقوقية، ونؤكد لهذه الميليشيات المسلحة أن استقواءها بالسلاح وسعيها لكبت الحريات وتكميم اﻷفواه.. ذلك لن يزيد أعضاء وعضوات اﻹصلاح إﻻ إصرارا على ممارسة النضال السلمي حتى تتحقق أهداف ثورتنا السلمية وفي مقدمتها بناء دولة النظام والقانون، وتعميق الوئام والسلام والسلم الاجتماعي مع مختلف التوجهات السياسية والاجتماعية».
وفي محافظة مأرب، أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن المسلحين انسحبوا من جبهة القتال في منطقة «قانية» على حدود مأرب، بعدما تمكنت القبائل من محاصرة بعض الأطقم العسكرية الحوثية التي حاولت التوغل في المنطقة، وقال الشهود إن «معارك عنيفة شهدتها منطقة قانية بين مسلحي القبائل والمسلحين الحوثيين مُنيت الجماعة فيها بهزيمة؛ حيث قتل فيها، أيضا، اثنان من الحوثيين، وجرح آخر، فيما قتل شخص وجرح آخر من مسلحي القبائل، جراء الاشتباكات التي اندلعت، منتصف ليل أمس، في جبهة مأرب - البيضاء؛ الأمر الذي جعل الحوثيين يعجلون من انسحابهم بمعداتهم بما فيها الأطقم والدبابات باتجاه محافظة البيضاء».
وكان قبل أيام بدأ، بحسب مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط»، سريان هدنة بين جماعة الحوثي المسلحة ومسلحي قبائل مأرب، تتضمن وقف إطلاق النار بين الطرفين، وأن يتم التفاوض حول آلية إنهاء المواجهات المسلحة بين الطرفين، وهي الهدنة التي قادها بعض المشايخ البارزين ومن بينهم الشيخ ياسر العواضي والشيخ حسين حازب والشيخ عبد الله مجيديع بمشاركة جماعة الحوثي من بينهم رئيس المجلس السياسي صالح الصماد.
وأكد مصدر محلي في البيضاء أن مسلحي القبائل واللجان الشعبية الموالية للشرعية تحاصر معسكر «اللواء 117 مشاه» المرابط بمديرية مكيراس والقريب من محافظة أبين والموالي للمسلحين الحوثيين، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «يأتي هذا التحرك بعد تواطؤ أفراد (اللواء 117 مشاه) مع المسلحين الحوثيين وقصفه بالمدفعية على قبائل اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.