«النزف البشري» يُرحل أطباء سوريين إلى الصومال

أطباء يتحدثون إلى مريض في أريحا شمال غربي سوريا في 13 سبتمبر (أ.ف.ب)
أطباء يتحدثون إلى مريض في أريحا شمال غربي سوريا في 13 سبتمبر (أ.ف.ب)
TT

«النزف البشري» يُرحل أطباء سوريين إلى الصومال

أطباء يتحدثون إلى مريض في أريحا شمال غربي سوريا في 13 سبتمبر (أ.ف.ب)
أطباء يتحدثون إلى مريض في أريحا شمال غربي سوريا في 13 سبتمبر (أ.ف.ب)

قبل نحو عام كتب أحد أطباء الجراحة في طرطوس غرب سوريا: «لم نغادر البلد. ليس لأننا أكثر وطنية من الذين غادروا؛ فكثيرون ممن اضطروا للرحيل تركوا أرواحهم هنا. نحن بقينا لأن الظروف سمحت لنا بذلك؛ ولا نعرف كم منا سيتحمل؛ وكم منا سيغادر بعد قليل أو بعد عام». الآن، اضطر الطبيب الجراح نور الدين ناصر للحاق بركب زملائه من الأطباء السوريين المهاجرين إلى الصومال، البلد الذي أنهكته وأفقرته الحروب الأهلية حتى أصبح مضرب مثل بين البلدان بسوء الحال.
الطبيب السوري الواصل حديثاً إلى الصومال، الذي سبق وحذر من «الضائقة الاقتصادية التي قد تدفع عشرات آلاف الشباب للرحيل»، وأن «كل ما يجري حتى الآن يزيد من طول النفق المظلم»، تعرض للانتقاد من بعض أبناء محافظته (طرطوس) الذين لم يجدوا سبباً مقنعاً لهجرته إلى الصومال، لأنه طبيب معروف ويتمتع بمستوى معيشي مقبول. وكتب أحد أصدقائه على «فيسبوك»: «كان من الأفضل للدكتور ناصر البقاء في طرطوس ومعالجة أبناء بلده». إلا أن الانتقادات سرعان ما توارت خلف سيل التهاني والاستفسارات التي تدفقت على صفحة الطبيب المهاجر حول الأوضاع في الصومال وإمكانيات العيش هناك. مع أن الطبيب الطرطوسي ليس أول طبيب سوري يقصد الصومال، بل إن عشرات من زملاء بدأوا العام الماضي يشدون الرحال إلى هناك دون توقف مع تزايد عروض العمل في القطاع الصحي الصومالي.
وقالت مصادر في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن الواقع الصحي المتدهور في البلاد، الذي كشف انتشار فيروس «كورونا المستجد» في موجتيه الأولى والثانية، وخسارة أكثر من 400 شخص من الكادر الطبي السوري، بينهم 230 طبيباً من أكبر وأهم الأطباء المختصين، أثار مخاوف العاملين بالقطاع الصحي ودفع كثيرين منهم للتفكير بالفرار من سوريا، في وقت أغلقت فيه غالبية دول العالم أبوابها في وجه اللاجئين، لا سيما السوريين، عدا دول قليلة كالصومال واليمن والسودان وإثيوبيا وغيرها. ولفتت المصادر إلى أن عروض العمل في الصومال كانت الأفضل في بلد استطاع تحقيق نمو اقتصادي رغم الحرب.
ومع بدء موجة هجرة الأطباء إلى الصومال العام الماضي أقرّ نقيب الأطباء السوريين، بأن الأطباء يهاجرون إلى هناك لوجود «فرص عمل أفضل ورواتب مرتفعة مقارنة بما هي عليه في سوريا».
وتشير عروض فرص العمل المنتشرة بكثافة على مواقع إلكترونية متخصصة إلى تراوح الأجر الشهري للطبيب في الصومال بين 1100 دولار أميركي و2500 دولار، في حين لا يتجاوز دخل الطبيب في سوريا 250 دولاراً شهرياً. طبيب من حمص يدرس في إحدى كليات الطب السورية الحكومية أخبر أصدقاءه في جلسة خاصة بأنه يخجل أن يتقاضى أجراً من الكلية عن محاضراته منذ بدأ بالتدريس عام 2005، لأنه «مهين له كطبيب مختص بخبرة ثلاثين عاماً»، حيث لا يتجاوز أجر المحاضرة ساعتين تقريبا الألف ليرة سورية (الدولار الأميركي يعادل 3400 ليرة)، لذا يعتبر ما يقوم به عملاً تطوعياً لوجه الله.
تجدد الحديث عن هجرة الأطباء السوريين إلى الصومال التي بدأت العام الماضي بعد كشف مصادر في غرف الصناعة السورية عن هجرة أكثر من 47 ألف صناعي ورجل أعمال سوري خلال الشهر الماضي. وحسب المعلومات المتداولة معظمهم غادر إلى مصر وأربيل وبيلاروسيا، وبينما دقت غرف الصناعة والتجارة ناقوس الخطر محذرة من كارثة اقتصادية، تجاهل الإعلام الرسمي تلك التحذيرات وبث التلفزيون الحكومي تقارير عن وجود 1100 منشأة صناعية تواصل العمل في المنطقة الصناعية بريف دمشق.
وقالت مصادر معارضة في دمشق إن «تجاهل النظام لنزف الثروة البشرية أمر متوقع لأنه يستثمر في الهجرة لجلب التحويلات من المغتربين، إذ يبلغ حجم الحوالات التي يرسلها السوريين من الخارج لذويهم وتقدر بأكثر من 10 ملايين دولار يومياً، تزيد في المناسبات والأعياد، ويقوم (البنك المركزي) باقتطاع ما نسبته 30 في المائة من قيمتها بحجة الفارق بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية الممنوع التداول فيه بموجب قانون صارم».
وبحسب تقارير دولية، يعيش أكثر من 70 في المائة من السوريين على الحوالات الخارجية، فيما تتجاوز نسبة الفقر في سوريا معدل 83 في المائة من عدد السكان، غالبيتهم بحاجة للمساعدات.



«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.