طائرات روسيا تغيب عن أجواء «مثلث الشمال»

تقرير حقوقي: تدخلها ساعد النظام على استعادة 65 % من البلاد

TT

طائرات روسيا تغيب عن أجواء «مثلث الشمال»

غاب الطيران الروسي عن «مثلث الشمال» في أرياف حماة وحلب وإدلب (شمال غربي سوريا)، إضافة إلى توقف القصف المدفعي والصاروخي من قبل قوات النظام، في هدوء وترقب حذر، أعقب 3 أشهر من التصعيد العسكري والغارات الجوية الروسية، دفعت بمئات العائلات للنزوح ومقتل وجرح عشرات المدنيين.
وقال محمود عواد، ناشط في إدلب، إن قرى جبل الزاوية جنوب إدلب ومناطق بريف حلب الغربي، تشهد منذ يومين حالة من الهدوء، وغياب مشهد القصف المكثف والغارات الجوية الروسية، الذي استمر لأكثر من 3 أشهر ماضية، منوهاً بأن الهدوء وتوقف التصعيد بدأ مع بدء اقتراب عقد قمة الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان في موسكو، أول من أمس (الأربعاء).
ويضيف: «لقد شهدت قرى جبل الزاوية جنوب إدلب على مدار الأشهر الـ3 الماضية، هجمات برية وجوية مكثفة من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية والمقاتلات الروسية، غير مسبوقة»، وأدت الهجمات، إلى مقتل ما لا يقل عن 220 مدنياً بينهم أكثر من 52 طفلاً، وأجبرت نحو 400 عائلة على النزوح إلى المخيمات الحدودية مع تركيا شمال إدلب.
من جهته، قال أبو إبراهيم (61 عاماً) وهو نازح من قرية كنصفرة إلى منطقة سرمدا شمال إدلب: «نأمل بعد لقاء الرئيس التركي إردوغان مع الرئيس الروسي بوتين، أن يكون هناك اتفاق بين الطرفين يقضي بوقف كامل لإطلاق النار، حتى يتمكن أهالي قرى جبل الزاوية من العودة إلى منازلهم، وإكمال حياتهم، بعيداً عن الموت والدمار».
وأضاف أن أهالي قرى جبل الزاوية نزحوا في ظروف إنسانية صعبة إلى المخيمات، ولم تقدم لهم يد العون والمساعدة من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غربي سوريا، ما جعل ذلك أوضاعهم المعيشية أكثر صعوبة.
إلى ذلك، أصدرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» تقريراً لمناسبة الذكرى السادسة للتدخل الروسي في سوريا، قالت فيه: «التدخل العسكري الروسي غير شرعي وتسبب في مقتل 6910 مدنيين بينهم 2030 طفلاً و1231 حادثة اعتداء على مراكز حيوية». وأظهر تحليل البيانات أن العام الأول للتدخل الروسي قد شهد الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 52 في المائة من الحصيلة الإجمالية)، تلاه العام الثاني (قرابة 23 في المائة). فيما شهدت محافظة حلب الحصيلة الأعلى من الضحايا (قرابة 42 في المائة)، تلتها إدلب (38 في المائة). كما وثّق التقرير قتل القوات الروسية 70 من الكوادر الطبية، بينهم 12 سيدة، إضافة إلى مقتل 44 من كوادر الدفاع المدني. وسجل مقتل 24 من الكوادر الإعلامية جميعهم قتلوا في محافظتي حلب وإدلب. وطبقاً للتقرير، ارتكبت القوات الروسية منذ تدخلها العسكري حتى 30 سبتمبر (أيلول) 2021 ما لا يقل عن 1231 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، بينها 222 مدرسة، و207 منشآت طبية، و60 سوقاً.
وجاء في التقرير أن حجم العنف المتصاعد، الذي مارسته القوات الروسية كان له الأثر الأكبر في حركة النزوح والتشريد القسري، وأسهمت هجماتها بالتوازي مع الهجمات التي شنها الحلف السوري الإيراني في تشريد قرابة 4.7 مليون نسمة، معظم هؤلاء المدنيين تعرضوا للنزوح غير مرة. وقال: «التدخل العسكري الروسي لصالح النظام السوري وقتل وتشريد مئات آلاف السوريين ساعد النظام السوري على استعادة قرابة 65 في المائة من الأراضي التي كانت قد خرجت عن سيطرته قبل عام 2015».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».