توتر في سامراء تحت عبء قوات الحشد الشعبي والنازحين

سكان المدينة يخشون المضايقات.. والمسلحون يؤكدون: لا أحد سوانا يدافع عنها

عناصر في الحشد الشعبي في أحد شوارع سامراء (أ.ب)
عناصر في الحشد الشعبي في أحد شوارع سامراء (أ.ب)
TT

توتر في سامراء تحت عبء قوات الحشد الشعبي والنازحين

عناصر في الحشد الشعبي في أحد شوارع سامراء (أ.ب)
عناصر في الحشد الشعبي في أحد شوارع سامراء (أ.ب)

يحيط الآلاف من رجال الحشد الشعبي (المتطوعين الشيعة) بمرقد الإمامين العسكريين في مدينة سامراء التابعة لمحافظة صلاح الدين التي مركزها تكريت وينتظر الكثيرون منهم الانتقال إلى الجبهة لقتال تنظيم داعش. غير أن وجودهم يثير حفيظة سكان المدينة، ومعظمهم من السنة، الذين يخشون طرفي الصراع.
ويعد المرقد ذو القبة المذهبة من أقدس الأماكن لدى الشيعة ويأتيه الزوار الإيرانيون على الرغم من القتال الدائر هناك. وفي عام 2006، فجر متطرفون المرقد مما أثار موجة عارمة من العنف الطائفي الدموي عبر أنحاء البلاد أسفرت عن سقوط آلاف القتلى من الجانبين.
وحسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس» فإنه مع اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لمناطق كثيرة في العراق الصيف الماضي، لبى المقاتلون الشيعة دعوة أطلقتها المرجعية الشيعية وزحفوا إلى سامراء للدفاع عن المرقد المقدس ووقف المتطرفين على بعد 60 ميلا (95 كيلومترا) إلى الشمال من بغداد. واليوم، تتزين المنطقة المحيطة بالمرقد برايات وأعلام الميليشيات وصور رجال الدين الشيعة من العراقيين والإيرانيين.
ويقول غني يونس حسن، صاحب متجر لبيع ملابس الأطفال، للوكالة: إننا «قلقون من وجود قوات الميليشيات الشيعية، خشية أعمال الخطف والقتل»، وقال إنه «لا يترك زوجته أو أطفاله يسيرون في الشوارع {خوفا من المضايقات». وأضاف «الميليشيات هي التي تملك القوة هنا، وليس الجيش، لذلك فإننا نشعر بالخوف وعدم الارتياح».
لكن قوات الحشد الشعبي أوقفت تقدم «داعش» ودافعت بقوة عن مدينة سامراء، موطن المئذنة الملوية الشهيرة التي يرجع بناؤها إلى القرن التاسع الميلادي وتعتبر من مواقع التراث العالمي لدى منظمة اليونيسكو. ولا تزال المئذنة قائمة، غير أنها اليوم تعلوها الكتابات السوداء والحمراء المشيدة بمختلف فروع الميليشيات الشيعية.
وفضلا عن اكتظاظها بمسلحي الميليشيات فإن المدينة تستضيف نصيبها من السنة الذين فروا من جحيم «داعش» أو نزحوا من أماكنهم جراء القتال.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن أحد النازحين، الذي يقطن في مدرسة نصف مشيدة تضم سكانا من قرية الكشيفة القريبة واشترط عدم الكشف عن هويته خشية انتقام الميليشيات، أن رجال الميليشيات يداهمون المخيم من وقت لآخر، ويصادرون ما يجدون من متعلقات قليلة لدى النازحين، ومن بين ذلك المساعدات الغذائية الحكومية. بدورها تقول النازحة ماجدة حمودي إن «الجيران اتصلوا بها ليخبروها أن الميليشيات هدمت منزلها». وأضافت «كنا خائفين من (داعش) والآن نخاف من الميليشيات الشيعية. إن الخوف لا ينتهي بالنسبة لنا».
لكن مسلحي الميليشيات ينفون تلك الاتهامات نفيا تاما لكنهم، حسب الوكالة، يقرون بأنهم لا يثقون في أن سكان المدينة السنة سيدافعون عنها.
النائب رعد الدهلكي عضو البرلمان العراقي ورئيس لجنة المهجرين والمهاجرين فيها قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تكلمنا كثيرا في مسألة الخروقات والانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين من أبناء الشعب العراقي في المناطق التي تنتشر قوات الحشد الشعبي ووجهنا كلامنا أكثر من مرة إلى الحكومة العراقية بأنه يجب أن يكون هناك إطار قانوني لمن يحمل السلاح حتى لو كان من ضمن قوات الحشد الشعبي كي تكون هناك متابعة من قبل الحكومة ويكون هناك مبدأ الثواب والعقاب فهناك من جاء تحت عباءة الحشد الشعبي لتحقيق مصالح ومآرب خاصة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».