أهالي خان الأحمر استضافوا اليهود في خيامهم المهددة بالهدم

نشطاء يتضامنون مع خان الأحمر نوفمبر العام الماضي (أ.ف.ب)
نشطاء يتضامنون مع خان الأحمر نوفمبر العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

أهالي خان الأحمر استضافوا اليهود في خيامهم المهددة بالهدم

نشطاء يتضامنون مع خان الأحمر نوفمبر العام الماضي (أ.ف.ب)
نشطاء يتضامنون مع خان الأحمر نوفمبر العام الماضي (أ.ف.ب)

استضاف أهالي بلدة خان الأحمر الفلسطينية، المهددون بأمر ترحيل، المئات من اليهود الإسرائيليين في خيامهم بمناسبة عيد العرش.
جاءت هذه المبادرة تعبيراً عن حسن النية، ومحاولة لإطلاعهم على معاناتهم تحت حكم الاحتلال. وقد أقام الفلسطينيون عريشة، شبيهة بالعرائش التي يقيمها اليهود في هذا العيد طيلة ثمانية أيام، وأعلنوا أنهم يستضيفون اليهود المحتفلين كما يفعل الجيران لجيرانهم. ومد الفلسطينيون مائدة تضييف للزائرين، وراحوا يشرحون لهم قصتهم مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ويدعونهم للتدخل من أجل منع ترحيلهم. ورافقت الفلسطينيين في هذا النشاط «منظمة أصدقاء الجهالين»، التي تضم نشطاء سلام من اليسار.
تقول ميخال آيزنبيرغ، من قادة هذه المنظمة، إنه في مواجهة القيادات اليمينية المتطرفة للمستوطنين الذين يحاولون ترحيل هؤلاء الناس الطيبين من بيوتهم في خان الأحمر، والسلطات الإسرائيلية التي تدعم الاستيطان وتنفذ أهدافه، كان يجب أن يأتي إسرائيليون ويتعرفوا إلى الناس هنا من عرب الجهالين، ليروا عما نتحدث. إنهم يفتحون ليس فقط خيامهم المتواضعة، بل قلوبهم المفعمة بالمحبة والإنسانية.
وقالت: «انتهينا الآن من ثلاثة أيام استضافة. مئات العائلات اليهودية جاءت إليهم تلبي دعوة الاستضافة. الجو كان جميلاً، لم ترَ إلا الابتسامات على الوجوه. الأطفال المستضيفون والأطفال المحليون لعبوا معاً، وترابطوا في الطبيعة التي لا يعرفها إلا الأطفال، طاف الكبار حول الخان وبقوا في الخيم بهدوء، النساء اللواتي طبخن استضفن كل من حضر. من وجهة نظرنا أن العمل المشترك بيننا وبين أصدقائنا بني جهالين لا يقوي إلا الرابطة الإنسانية بين البشر. هنا تتجلى أروع القيم الإنسانية؛ التعارف والإنصات والتفاهم. ورسالة الجهالين كانت واحدة: نحن بشر مثلكم... اتركونا نعِش حياتنا».
المعروف أن خان الأحمر يضم نحو 200 شخص يعيشون في خيام وأكواخ من الصفيح، بجانب الطريق السريع من القدس في اتجاه البحر الميت. وتحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترحيلهم من هناك وهدم بيوتهم وإقامة أحياء سكنية للمستوطنين اليهود مكانهم. وتتولى هذه المعركة منظمة استيطانية تدعى «رجبيم»، وقد تمكنت من استصدر قرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلي يقضي بترحيلهم، لأنهم لا يملكون وثائق ملائمة لملكية الأرض. وقد حظي أهالي الخان الأحمر بدعم وتضامن ليس فقط من الشعب الفلسطيني وقيادته، بل أيضاً من دول، ومن اليسار الإسرائيلي. وتوجهت دول الاتحاد الأوروبي بطلب عاجل لإسرائيل؛ بأن تكف عن مطاردة هؤلاء الناس. وامتنعت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو وكذلك حكومة نفتالي بنيت، عن تنفيذ قرار المحكمة بسبب الضغط الأوروبي، لكن اليمين الاستيطاني يواصل الضغط لتنفيذ الترحيل.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.