المصري: فك الارتباط مع الضفة حسم خروجي من الحكومة واعتبرته إهانة شخصية

«الحقيقة بيضاء»... مذكرات طاهر المصري توثق أزمة «قمة الجزائر» (الثالثة والأخيرة)

الملك حسين مستقبلاً الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد أثناء قمة عمّان 1987 (غيتي)
الملك حسين مستقبلاً الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد أثناء قمة عمّان 1987 (غيتي)
TT

المصري: فك الارتباط مع الضفة حسم خروجي من الحكومة واعتبرته إهانة شخصية

الملك حسين مستقبلاً الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد أثناء قمة عمّان 1987 (غيتي)
الملك حسين مستقبلاً الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد أثناء قمة عمّان 1987 (غيتي)

يروي رئيس الوزراء الأردني الأسبق طاهر المصري، في الحلقة الثالثة والأخيرة من مذكراته التي تصدر اليوم بعنوان «الحقيقة بيضاء»، المقدمات التي أسفرت عن اتخاذ المملكة قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية في 1987، بعد قمة الجزائر الطارئة.
ويؤكد المصري، في كتابه الذي انفردت «الشرق الأوسط» بنشر حلقات منه، أن قمة الجزائر التي عقدت في 1987، بعد انعقاد قمة عمان بأشهر، كانت بهدف «استثناء الأردن، وتغييبه عن أي نشاط سياسي، وعزله عن أي دور داخل الضفة الغربية»، في حين كان الراحل الملك حسين يسعى إلى عقدها لحشد الدعم للعراق، وتعزيز التضامن العربي معه، ولتحقيق برنامجه الهادف إلى لم الصف العربي وإجراء المصالحات.
ويروي كيف أن قمة الجزائر، واستثمار ياسر عرفات لها، مستغلاً الانتفاضة الفلسطينية لصالحه للحصول على استقلالية أوسع، وتوجيه جهده نحو تشديد قبضته على الضفة الغربية وإبعاد الأردن عنها، بدعم دول عربية له آنذاك، كانت المقدمة التي أدت إلى قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة.
القرار الأردني الذي لم يكن المصري على علم به، وتفاجأ بسماعه عبر التلفزيون الرسمي، تسبب بخروجه من الحكومة، محتجاً على ما آلت إليه العلاقة الأردنية - الفلسطينية في تلك الفترة، سارداً سلسلة مواقف أعلن عنها داخل اجتماعات رسمية أمام الملك حسين، وولي عهده آنذاك الأمير الحسن، وداخل مجلس الوزراء.
المصري، وهو أردني من أصول فلسطينية، عرف عنه تمسكه بهوية وطنية جامعة، وشكل جسراً في العلاقة بين البلدين، واستثمر الراحل الملك حسين في شخصيته منذ اختياره وزيراً في 1973، ثم سفيراً في عواصم القرار، ثم وزيراً للخارجية في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، ثم نائباً في البرلمان في 1989، ثم رئيساً للوزراء في 1991، ورئيساً لمجلس النواب في 1993، مختتماً سلسلة رئاساته رئيساً لمجلس الأعيان 2009.
وفيما يلي نص الحلقة الثالثة والأخيرة:
بعد جهد كبير، نجح الملك في عقد قمة عربية في عمان لمتابعة الحرب العراقية - الإيرانية التي كانت في أوجها، والتي كانت نتائجها تتأرجح بين معركة وأخرى، وذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) 1987.
كان هدف الملك من هذه القمة حشد الدعم للعراق، وتعزيز التضامن العربي معه، خصوصاً أن دولاً مثل سوريا والجزائر وسلطنة عمان لم تكن داعمة له في حربه مع إيران، لكن المفصل الأهم هو المفصل السوري، وكان نجم طارق عزيز لامعاً إلى أبعد الحدود، كونه وزيراً للخارجية العراقية.
كنت رئيساً لمؤتمر وزراء الخارجية العرب، كون الأردن هو البلد المضيف، وعقدنا اجتماعاً صعباً للغاية لصياغة قرارات تدعم العراق، وتدعم التضامن معه، وكانت الحكومة العراقية راضية عن نتائج هذه القمة.
كان من أهداف عقد القمة جمع الرئيسين صدام حسين وحافظ الأسد، وكان الملك ينظر إلى أهمية هذا اللقاء الذي سينعكس إيجاباً على سوريا والعراق. وعقد لقاءات عدة مغلقة، اقتصرت على القادة العرب، وكان صدام حسين منطقياً للغاية في عرضه لموقفه، وكان الملك معجباً بموقفه، لكن بالنتيجة لم يحصل الوفاق بين بغداد ودمشق.
أما «أبو عمار»، فكان متوتراً للغاية، لأنه كان يتوقع أن يحظى باستقبال رئيس دولة في المطار، فيستقبله الملك حسين، الأمر الذي لم يحصل، إذ إن زيد الرفاعي هو من استقبله، وظهرت على عرفات علامات الاستياء التي لازمته طيلة أيام المؤتمر، وانتشر أمر استيائه في أروقة منظمة التحرير.
وأذكر أن طالبات مدرسة في مخيم جباليا في غزة كن يتظاهرن ضد الأردن لتجاهله عرفات في ذلك المؤتمر، وكانت دورية عسكرية إسرائيلية تمر قرب مدرسة المظاهرات، فدهست أربع فتيات واستشهدن. وفي غزة، بدأ الاحتجاج على هذا الحادث، وعلى الأردن، وكانت الشرارة الأولى للانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انتشرت بسرعة لتعم كل أرجاء فلسطين.
وتسارعت أحداث الانتفاضة، وبدأ رصيد منظمة التحرير وياسر عرفات يرتفع نتيجة اندلاعها بعفوية ومن غير سلاح. وكانت أجواء الشارع العربي معجبة داعمة لهذا العمل السلمي والثورة الشعبية المتسلحة بالحجر في مواجهة الدبابة الإسرائيلية.
ورغم الأحداث تلك، كان الملك حسين يعوّل كثيراً على رئاسته القمة، وكان ينوي من خلالها مواصلة السعي لتحقيق برنامجه الهادف إلى لم الصف العربي، وإجراء المصالحات عبر الجامعة العربية، وذلك على امتداد فترة كان يعتقد أنها ستطول كثيراً، لكن توقعاته لم تدم طويلاً.
ففي يوم من أواخر شهر مايو (أيار) 1988، زار الأردن الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، وزير خارجية الجزائر، وقد التقيته قبل مقابلته الملك حسين. كان حديثي معه عابراً عادياً، ولم يفصح خلاله عن أهدافه من تلك الزيارة، مؤثراً الحديث عنها مع الملك مباشرة.
اصطحبت الإبراهيمي إلى قصر بسمان، والتقى الملك، ليلقي بقنبلته التي فاجأتنا، وكان أول المتفاجئين بها الملك نفسه. فقد أعلن عن رغبة الجزائر بالدعوة إلى عقد قمة عربية في منتصف شهر يونيو (حزيران) المقبل بسبب الانتفاضة الفلسطينية، والوضع في الضفة وقطاع غزة، وضرورة اجتماع الزعماء العرب للبحث في هذا الأمر.
ظهر الاستياء سريعاً على وجه الملك، وبشكل واضح، إذ لم يستطع إخفاءه. فقد عد تلك الدعوة التفافاً على رئاسته للقمة العربية التي كان يعتقد أنها ستطول، لكنه لم يكن يتوقع أن يبقى رئيساً لنحو ستة أشهر فقط. كما عد أن تلك الدعوة سوف تفسد عليه برنامجه الطموح لنشاط سياسي مكثف، وهي تتناقض مع شعوره بأهمية أن يكافئ العرب الملك والأردن بصفته عميداً للرئاسات.
وقدر الملك نتائج قمة الجزائر. فقد كان يعرف تماماً أن عرفات سوف يستغل الانتفاضة لصالحه في القمة، وسيحصل على أكبر استقلالية، وعلى أوسع دعم سياسي، وسيكون جهده موجهاً نحو تشديد قبضته على الضفة الغربية، وإبعاد الأردن عنها ما أمكنه ذلك.
كان الملك يشعر، ومنذ سنين، بوجود تيار داخل القمم العربية يريد إبعاده عن ترؤس القمة. فالمغرب، على سبيل المثال، ترأس القمة ست مرات، إلى أن تقرر عقد القمة سنوياً، وبانتظام، في مارس (آذار) من كل عام، وبحسب الحروف الهجائية، بدأت من الأردن.
خرج الملك بعد انتهاء لقائه بالإبراهيمي وقد ودعه بفتور، وكان زيد الرفاعي حاضراً اللقاء، ولاحظ إصرار الإبراهيمي على ضرورة عقد القمة في الجزائر التي ستباشر بتوجيه الدعوات للقادة العرب خلال فترة قصيرة.
فهمنا جميعاً مقاصد هذه الدعوة وأهدافها، لذلك ذهبنا إلى قمة الجزائر متهيئين لمواجهة مطالب ياسر عرفات من الأردن، الرامية إلى إبعاده قدر الإمكان عن الشؤون الفلسطينية، مدعوماً هذه المرة بمواقف عربية متعددة مؤيدة له.
عقد المؤتمر، وكانت البوادر واضحة فيما سيؤول إليه، خاصة من خلال مشروع القرار الذي قدمته منظمة التحرير، وكان وفدها يضم فاروق القدومي وياسر عبد ربه وآخرين.
وظهرت المؤشرات الأولية من خلال لجنة الصياغة التي حضرها نيابة عن الأردن السفير لدى الجامعة العربية المرحوم طلال سطعان الحسن، بصفته عضواً في هذه اللجنة، وكان مشروع القرار يلغي أي دور للأردن، سواء أكان سلبياً أم إيجابياً، في دعم الانتفاضة.
وللأسف، لاقى هذا الموقف الفلسطيني تجاه الأردن هوى عند الوفد الأردني الغاضب أصلاً من هذا المؤتمر، الذي يرغب أصلاً بإبعاد الأردن عن منظمة التحرير وتركها وشأنها. وأظن أن هذه الحادثة كانت بداية للتفكير في اتخاذ قرار فك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية.
اختلف الأردن والمنظمة في قمة الجزائر الطارئة التي عقدت في يونيو 1988، حول مطالبة المنظمة بالإشراف التام على الأموال المخصصة لدعم الصمود الفلسطيني، وعلى استثناء الأردن وتغييبه عن أي نشاط سياسي إقليمي أو دولي يتعلق بدعم الانتفاضة، وعزله عن أي دور له داخل الضفة الغربية أو في أي أمر يتعلق بالانتفاضة، وكأنه في هذه الحال مثله مثل أي دولة عربية أخرى، من أجل أن تمر كل القنوات السياسية والإنسانية والمعنوية التي تتعلق بالانتفاضة عبر منظمة التحرير.
وكان فاروق القدومي (وهو يقيم الآن في عمّان) شرساً في مواجهته للموقف الأردني الذي كان يدعو لإشراف فلسطيني - أردني مشترك، لكن المنظمة لم تقبل ذلك، وساندتها دول عربية وأيدتها، وصدر قرار بهذا المضمون.
بدأ الملك بالتشاور مع مساعديه ومع المسؤولين الأردنيين حول الخطوة التالية، واستمرت النقاشات بعد عودة الوفد الأردني إلى عمان. لم أكن ضمن حلقة التشاور لأن الملك يعرف أنني كنت أحمل وجهة نظر تتمسك بالإبقاء على ارتباط الأردن بالضفة الغربية، وبالعمل على استيعاب الرغبات الفلسطينية في المنظمة، لأن مصالح الفلسطينيين كانت -ولا تزال- مرتبطة إلى حد كبير بالأردن.
ألف الملك لجنة (ولم تكن بمعنى اللجنة الرسمية) ضمت كلاً من رئيس الوزراء زيد الرفاعي، والقائد العام زيد بن شاكر، ورئيس الديوان مروان القاسم، ووزير البلاط عدنان أبو عودة، ومدير المخابرات العامة طارق علاء الدين، وكانوا يجتمعون أحياناً في منزل مروان القاسم في جبل عمان، ويعملون على دراسة الخطوة التالية باتجاه فك الارتباط، ودراسة تداعياته المتوقعة والخطوات التي يجب أن تتبع القرار.
في الثامن والعشرين من يوليو (تموز) 1988، ألغيت خطة التنمية المتعلقة بالضفة الغربية التي وضعت في أغسطس (آب) 1986. وبعد ذلك بثلاثة أيام، أعلن الملك، عبر خطاب في التلفزيون الأردني، عن قرار فك الارتباط الإداري بين الضفتين، مؤكداً في الوقت نفسه على إبقاء الروابط والأواصر بينهما.
لم أكن على علم بما كان يجري الإعداد له إطلاقاً، وفوجئت تماماً بخطاب الملك عبر التلفزيون، معلناً قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية بدءاً من ذلك اليوم.
ورغم كل ما أورده الملك في خطابه لطمأنة الأردنيين من أصل فلسطيني الذين يقيمون في الضفة الشرقية، بشأن الروابط العائلية والاجتماعية والاقتصادية، فإن الإجراءات الإدارية التي مارستها الحكومة كانت عكس ذلك تماماً، إذ لم يتورع كثيرون من موظفي الدوائر المختصة بالوثائق والجوازات الأردنية عن التشفي والتعسف، فكانوا يلغون جوازات سفر الأردنيين من أصل فلسطيني بالمئات، وكان انقلاب الوحدة بين الضفتين إلى الانفصال بهذه السرعة مشهداً مؤلماً يعكس الروح والنفسية المتشفية.
كنت شخصياً من المعارضين لهذا العمل لأسباب وطنية وقومية، ولأسباب شخصية أيضاً، فقد شعرت بغضب شديد وإهانة شخصية لي، فأنا عنصر رئيسي في حكومة زيد الرفاعي، ولم أعلم بهذا القرار الخطير إلا عبر خطاب الملك في التلفزيون الأردني، وعبرت عن غضبي أمام الأمير حسن، إذ كنت مدعواً إلى العشاء في منزله ذلك المساء عندما أعلن الملك فيها خطابه، وقلت للأمير حسن إن هذا القرار نقطة سوداء في تاريخ الأردن.
كنت غاضباً من الطريقة التي تم بها تطبيق القرار، وكنت غاضباً لأسباب أخرى، غير تلك التي ذكرت بغية تبرير اتخاذ القرار، ومنها أنه جاء تلبية لرغبة منظمة التحرير الفلسطينية، وبناء على طلبها، وكنت غاضباً لأن فك الارتباط سوف يضعف الدور الأردني في المحافل الدولية كافة.
صحيح أن قرارات قمة الجزائر، وممارسات ياسر عرفات، كانت تدعو إلى استقلال القرار الفلسطيني، وحصر شؤون الانتفاضة بالكامل في منظمة التحرير، لكنني لم أكن على علم بمدى رغبة المنظمة بهذا القرار الذي اتخذ من دون علمها، ومن دون أي ترتيبات معها، لكي تحتاط لهذا الأمر، وتتخذ الإجراءات الكافية لحماية مصالح أهالي الضفة الغربية، وتتحضر للسيطرة الكاملة على الأوضاع الفلسطينية الداخلية.
تبين لي لاحقاً أن أحد الأسباب الرئيسية لاتخاذ قرار فك الارتباط هو خوف النظام الأردني والأجهزة الأمنية من تداعيات الانتفاضة التي لم تشهد لها المنطقة مثيلاً من قبل. فهي ثورة شعبية يراها الشارع العربي للمرة الأولى، ويرى من خلالها تصميم الفلسطينيين جميعهم على مقاومة الاحتلال، وقد لقيت هذه التجربة الفريدة من نوعها الدعم والإعجاب من الشارع الأردني خاصة، والشارع العربي عامة. وبسبب العلاقات البنيوية والعضوية القائمة بين الضفتين، حرصت السلطات الرسمية الأردنية، وتحديداً الأمنية منها، على عدم وصول هذه الحركة إلى الشارع الأردني، لا سيما أن نصفه من الفلسطينيين، ولذلك تم التعجيل باتخاذ قرار فك الارتباط.
لم أدفع في آرائي وتحركاتي باتجاه إلغاء القرار إطلاقاً، ولم أكن لأفعل هذا وقد أصبح أمراً واقعاً، وظهرت بقوة الهوية الوطنية الفلسطينية التي كان مطلوباً ظهورها وتنميتها من قبلنا جميعاً.
عبرت لزيد الرفاعي عن امتعاضي الشديد من هذا الوضع، ورفضي الاستمرار بتحمل مسؤولياتي وزيراً للخارجية، وكان زيد حريصاً على أن لا تنخدش صورة التضامن الحكومي وقوتها بشأن القرار، فحاول استيعابي من خلال علاقتي الوطيدة به.
وفي جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1988، والتي اتخذ فيها قرار إلغاء وزارة شؤون الأرض المحتلة التي كان يشغلها آنذاك مروان دودين، وحل البرلمان، وكنت عضواً فيه منذ عام 1973، وهي المرة الأولى التي تزول عضويتي فيه، قلت ساخراً في تلك الجلسة إنني كنت أول وزير لشؤون الأرض المحتلة، وها أنا أرى الآن موت هذه الوزارة.
ذهبت والرفاعي إلى الديوان الملكي، وكان الملك حسين بانتظارنا. وأذكر أننا جلسنا في غرفة الطعام، ولا أذكر من شاركنا آنذاك. ورحب الملك بي بشدة، وطلب مني الجلوس إلى جانبه. أبديت له حزني وأسفي على قرار فك الارتباط لأن الضفة الغربية كانت من مسؤوليات الأردن والهاشميين، ولا تزال استعادتها من مسؤوليتهم، وأضفت أنني لست ضد إعطاء منظمة التحرير حقوقها في إدارة شؤون الضفة الغربية، لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة ودية وبتفاهم، وبانتقال تدريجي، ومعاملة أهل الضفة الغربية معاملة أفضل مما يحدث الآن، حيث يتم إلغاء جوازات سفرهم فقط لأنهم من أصل فلسطيني، ما أدى إلى خسارة نصف سكان الأردن جنسيتهم وحقوقهم، وهم سكان الضفة الغربية، من خلال خطاب استغرق ساعة ونصف الساعة، ولا يوجد أي نص، لا في الدستور ولا في أي قانون أو قرار أردني، يجيز التخلي عن أراضي المملكة.
وكان من الواجب، كما عقدت الوحدة بين الضفتين عام 1950 من خلال الوسائل والآليات الدستورية، أن يتم فك الارتباط بينهما من خلال الوسائل الدستورية عينها، وليس تحت تأثير الانفعال بسبب قرارات قمة الجزائر أو أجوائها.
دافع الملك حسين بشكل مختصر عما جرى، وقال لي: «أريدك أن تتريث قليلاً قبل أن تترك منصبك، لأن هناك كثيراً من الأمور التي ننتظر ترتيبها، ونحن نحتاجك فيها». لم أجب بـ«نعم» أو بـ«لا»، ولم أتخذ أي قرار بشأن بقائي أو استقالتي. فقد تركت الأمور مفتوحة حتى تتضح لي تلك الترتيبات التي أشار الملك إليها. وانتهى اللقاء، وعدت إلى منزلي، وذهبت إلى الوزارة في اليوم التالي.
لم تغرني كثيراً محاولة استيعاب غضبي والتمسك بي، بل زادتني صلابة وإصراراً على موقفي، وإعلان رأيي بكل صراحة ووضوح. وقد رسخت ذلك خلال السنوات التالية، إذ كانت خلالها إرادتي قوية ثابتة. واستبعدت كثيراً فيما بعد، بسبب آرائي ومواقفي وجرأتي في التعبير عنها من دون تردد، ومن دون الوقوع في حسابات شخصية ضيقة.
راجعت زيد الرفاعي مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) برغبتي في الاستقالة مجدداً من حكومته، فاستمهلني حتى موعد انعقاد جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بفلسطين في جنيف، في ديسمبر (كانون الأول) 1988. وأعترف بأنني قبلت البقاء في الحكومة لبضعة أسابيع حتى استكمل الجهد الحكومي، وجهدي الخاص في قبول الولايات المتحدة الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وليس في قولي هذا تودد لأحد ولا تبرير لموقف ما، بل هو واجب وطني أشعر به بعمق.
أما قصة انعقاد الهيئة العامة للأمم المتحدة في المقر الأوروبي في جنيف، فهي أن السلطات الأميركية رفضت منح ياسر عرفات تأشيرة دخول إلى أراضيها لحضور مناقشات الأمم المتحدة حول بند القضية الفلسطينية، فاتخذت الجمعية العامة قراراً بأن تنتقل برمتها إلى مقرها الأوروبي في جنيف، للبحث في هذا البند، والاستماع إلى خطاب ياسر عرفات.
وطلب مني أن أكون في جنيف لهذه الغاية لمعرفة كل القضايا المطروحة في الاجتماع، لا سيما أننا كنا في خضم ترتيب تفاهمات منظمة التحرير مع الإدارة الأميركية، وتحديداً مع جورج شولتز، وشرطه لحوار أميركي مباشر مع منظمة التحرير أن يعلن ياسر عرفات، بلغة واضحة، إدانة الإرهاب ومحاربته ونبذ العنف.
ذهبت إلى جنيف، والتقيت ياسر عرفات الذي كان يحاول الالتفاف على شرط شولتز في ذلك الحين، ويسعى لتغيير صيغة الإعلان المطلوب حول نبذ الإرهاب، لكن شولتز كان على اتصال مع ريتشارد ميرفي بخط هاتفي مفتوح.
بدوره، كان ميرفي ينسق مع مجموعة فلسطينية تولت المفاوضات بين المنظمة والإدارة الأميركية، وتتألف من باسل عقل، وحسيب الصباغ، ومنيب المصري، وسعيد خوري. وعقب قرار فك الارتباط، لم أكن جزءاً من هذا الفريق، مع أنني كنت أتابع ما يجري.
لم ألحظ أي دور يذكر لفاروق القدومي الذي كان مع «أبو عمار»، وأظن أنه نأى بنفسه عن المشاركة في هذه المسألة. ولم تتضمن هذه الدورة بنوداً مهمة، سوى مسألة قبول عرفات بإعلان محدد واضح، مقابل فتح الحوار المباشر مع الإدارة الأميركية. أما الموضوع الأساسي الذي جئنا من أجله، فهو بند فلسطين، وكان الهدف الأساسي فتح الأبواب أمام حوار أميركي - فلسطيني مباشر.
عقد الاجتماع في جنيف بتاريخ الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) 1988، وتحدث عرفات لنحو نصف ساعة عما سماه في حينه مبادئ خطة السلام الفلسطينية، والمؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط. وفي اليوم التالي، عقد مؤتمراً صحافياً أوضح فيه قبوله بثلاثة مطالب طلبها جورج شولتز منه من خلال رسالة وجهها إليه عن طريق وزير الخارجية السويدي ستين أندرسون، مفادها أن الولايات المتحدة مستعدة لفتح حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية إذا أعلن عرفات قبوله بقرار (242)، وحق إسرائيل بالوجود، ونبذ الإرهاب.
سمعت عن هذه الرسالة، لكنني لم أطلع عليها، والأهم أن عرفات أعلن قبوله بتلك المطالب الثلاثة، واتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين تجاه القضية الفلسطينية، تضمن الأول الإقرار بالاستقلال الفلسطيني، والثاني تغيير اسم المنظمة إلى فلسطين في كل معاملات الجمعية وأوراقها الرسمية.
كنت أعرف أن تعديل حكومة زيد الرفاعي هدفه الوحيد هو إخراجي من الحكومة، وقد كنت طلبت مراراً وتكراراً وبإلحاح قبول استقالتي، لكن الرفاعي كان يؤجل ذلك. انتهت بذلك مدة خمس سنوات قضيتها وزيراً للخارجية، كان ينقصها فقط اثنا عشر يوماً لتكتمل، وهي أطول فترة لوزير خارجية في تاريخ الأردن حتى ذلك الحين.

حافظ الأسد هدّد بعمل عسكري رداً على تقارب الملك حسين وعرفات (الحلقة الأولى)
الملك حسين اجتمع سراً مع بيريز في لندن وصاغا اتفاقية (الحلقة الثانية)

 



مساعٍ يمنية حكومية لإيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
TT

مساعٍ يمنية حكومية لإيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)

تكافح الحكومة اليمنية من أجل إيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن وغيرها من المدن مع حلول فصل الصيف، وسط تشديد رسمي على اعتماد أقل البدائل تكلفة في التوليد.

وفي حين تعد معضلة الكهرباء واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومات اليمنية المتعاقبة، زادت الصعوبات أمام حكومة أحمد عوض بن مبارك لجهة شحة الموارد للإنفاق على الوقود، وفاقم من ذلك توقف بيع النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بسبب هجمات الحوثيين على مواني التصدير.

رئيس الحكومة اليمنية بن مبارك مجتمعاً في عدن لحل مشكلة الكهرباء (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن بن مبارك ترأس في عدن في مقر وزارة الكهرباء والطاقة، اجتماعاً خُصص لمناقشة الإجراءات المنفذة لمعالجة انقطاعات الكهرباء، والخطط الجارية لتزويد محطات التوليد باحتياجاتها من المشتقات النفطية اللازمة للتشغيل، وتخفيف معاناة السكان.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، اطلع رئيس الحكومة في الاجتماع الذي ضم وزراء المالية سالم بن بريك، والكهرباء والطاقة مانع بن يمين، والنفط والمعادن سعيد الشماسي، ورئيس لجنة مناقصات شراء وقود محطات توليد الكهرباء ناجي جابر، ومدير المؤسسة العامة للكهرباء مجيب الشعبي، على الخطط والبرامج الموضوعة، وما يجري تنفيذه لتجاوز الإشكالات القائمة في أغلب مفاصل المنظومة الكهربائية، والجهود الجارية لتنفيذ أعمال الصيانة وتوفير المشتقات النفطية للتوليد، وتفاصيل الأحمال والعجز القائم.

وقال بن مبارك إن حكومته تتفهم بشكل كامل معاناة السكان الكبيرة بسبب انقطاعات الكهرباء، وحرصها على إيجاد حلول مستدامة وعاجلة في هذا القطاع الحيوي، واعترف أن مواطنيه لم يعد يحتملون المزيد من المعاناة في هذا الجانب، داعياً الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على أهمية مراعاة الاعتماد على أقل البدائل تكلفة في التوليد، وتقليل أعباء ملف الطاقة على الموارد العامة للدولة، مؤكداً أن الأموال المخصصة للكهرباء يجب أن تنفق بالطريقة الصحيحة ووفقاً لأسس حوكمة رشيدة، وتحقيق منظومة الرقابة على هذا القطاع بما ينعكس بشكل مباشر على تحسين الخدمة وتخفيف معاناة المواطنين.

مصفاة عدن

في سياق مشكلة الكهرباء والبحث عن حلول لها، أكد رئيس الوزراء اليمني حرص حكومته على إقامة أنشطة اقتصادية في مجالات مختلفة تعتمد على البعد اللوجستي لمدينة عدن، وفي مقدمة ذلك إعادة تشغيل مصافي عدن للقيام بدورها الحيوي في تأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية ورفد الاقتصاد الوطني.

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)

تصريحات بن مبارك جاءت خلال زيارة إلى شركة «مصافي عدن» في مديرية البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن، للاطلاع على سير العمل فيها ومستوى الإنجاز في إعادة تأهيلها والسُّبل والآليات الكفيلة باستعادة نشاطها بشكل كامل.

واستمع رئيس الحكومة اليمنية - وفق الإعلام الرسمي - من إدارة المصفاة والمهندسين إلى شرح حول خطط وبرامج «مصافي عدن» لإعادة تأهيل المصفاة واستكمال صيانة وتشغيل محطة الكهرباء، وشدد بهذا الخصوص على ضرورة مضاعفة الجهود والتركيز على دراسات الجدوى لتشغيل المصفاة؛ كونها إحدى أبرز المنشآت الحيوية المعول عليها في رفد الاقتصاد الوطني.

وناقش بن مبارك مع المسؤولين في الشركة الخطط المستقبلية لعمل المصافي وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة والارتقاء بكفاءة الأعمال الإدارية ودورها في تسلم وتسيير منحة التسهيل النفطي المقدمة من السعودية والإمارات.

وأمر رئيس الوزراء بن مبارك مسؤولي الشركة بتقديم إيضاحات حول أسباب تعثر إنجاز محطة كهرباء مصفاة عدن، ووضع خطة زمنية عاجلة لاستكمالها للمساهمة في تعزيز وتيرة العمل ونشاط المصفاة بشكل عام.

جانب من جولة تفقدية قام بها رئيس الحكومة اليمنية لمرافق «مصافي عدن» (سبأ)

وقال إن إعادة تشغيل «مصافي عدن» تحظى باهتمام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وإن ذلك يتطلب الارتقاء بمستوى العمل في الجوانب الإدارية والاقتصادية وعدم الاكتفاء بالنظر إلى البعد التاريخي للمصفاة، مشدداً على تحديث أنشطتها بما يتواكب مع الاحتياجات القائمة.

وأكد بن مبارك استعداد حكومته لإصدار قرار بإعادة الامتياز لـ«مصافي عدن» باعتبارها منطقة حرة، وما يتطلبه ذلك من تهيئة واستعداد لضمان نجاح هذا النشاط، إضافة إلى تفعيل دورها في التخزين وتموين السفن وإعادة التصدير.

وأشار إلى أنه سيتم تخصيص اجتماعات لدراسة كل المواضيع المتعلقة بتفعيل نشاط «مصافي عدن»، وقال: «على الجميع تحمل مسؤولياتهم في إعادة الاعتبار لهذه المنشأة الحيوية وقيمتها»، بحسب ما نقله عنه الإعلام الرسمي.


اتهامات للحوثيين بخطف المراهقين في إب لتجنيدهم

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بخطف المراهقين في إب لتجنيدهم

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)

بينما أخضعت الجماعة الحوثية منذ أسابيع مئات الأطفال والمراهقين لتلقي دروس تعبوية وتدريبات قتالية في أكثر من 626 مركزاً صيفياً مغلقاً ومفتوحاً في محافظة إب اليمنية، شكا السكان من تنامي ظاهرة خطف المراهقين وتوسعها، في أكثر من قرية ومدينة، وسط اتهامات مباشرة لقادة الجماعة بالوقوف وراء حوادث الخطف بدافع الابتزاز والاستغلال والتجنيد.

وكان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أقرّ في آخر خطبة له، بتجنيد 296 ألف عنصر وتدريبهم منذ بدء الأحداث في غزة، وشدّد على الاستمرار في أعمال التعبئة والحشد، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين والاستعداد للمواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

الحوثيون يدفعون الطلبة للمشاركة في تظاهرات تخدم أجندتهم (فيسبوك)

وأفاد مصدر أمني مناهض للجماعة الحوثية في إب لـ«الشرق الأوسط»، بتصاعد مقلق لظاهرة اختطاف المراهقين في المحافظة، كاشفاً عن أن مدينة إب (مركز المحافظة) ومديريات العدين وحبيش ويريم وغيرها سجلت أخيراً أكثر من 7 حوادث اختطاف أغلب ضحاياها من المراهقين.

واتهم المصدر، الذي طلب إخفاء معلوماته؛ حفاظاً على حياته، قادة الجماعة الحوثية بالوقوف وراء حوادث الخطف السابقة والحالية التي تشهدها إب وبقية مديرياتها (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بالتزامن مع ما تعانيه المحافظة من فوضى وانفلات أمني غير مسبوقين، مضافاً إليها معاناة معيشية بائسة يكابدها السكان.

وتمثّل آخر تلك الحوادث وليس أخيرها، بحسب المصدر، في تعرّض مراهق يدعى موسى الزهيري للخطف من مديرية العدين أثناء دخوله من قريته «بني زهير» إلى مركز المديرية لشراء بعض الاحتياجات، حيث لم يُكشف عن مصيره حتى اللحظة.

وذكر مقربون من أسرة المراهق لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم أبلغوا أجهزة أمن الجماعة في المديرية عن فقدانهم ابنهم، وأن الجماعة لم تحرك ساكناً حيال ذلك البلاغ.

ونقلت المصادر عن شهود في مديرية العدين أن مشرفين حوثيين حشدوا قبل أيام مجموعة من الأطفال والمراهقين في المديرية دون معرفة ذويهم، ثم اتجهوا بهم على متن حافلات صوب مركز المحافظة لإلحاقهم بالمخيمات الصيفية، وإشراكهم بمظاهرة طلابية تعتزم الجماعة تنفيذها.

مدينة إب اليمنية تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

ورجحت المصادر أن يكون المراهق موسى الزهيري ضمن آخرين استقطبتهم الجماعة وأجبرتهم على الالتحاق بصفوفها.

وسبق اختفاء الزهيري تسجيل وقائع خطف أخرى تعرّض لها مراهقون وشبان في مديريات عدة في إب، منها تعرّض شقيقين، الأول عصام والآخر أدهم، للخطف على أيدي مجهولين في مديرية يريم شمال شرق إب، حيث يواصل أقاربهما حتى اللحظة عملية البحث عنهما بمناطق عدة؛ أملاً في العثور عليهما، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بالمسؤولية عن اختفائهما.

وعلى خلفية تكرار دعوات الجماعة الحوثية بتحشيد الطلاب إلى معسكراتها الصيفية والتي قوبلت بمزيد من الرفض المجتمعي، اتهمت مصادر في إب قادة ومشرفين في الجماعة بالوقوف وراء جرائم اختطاف المراهقين والأطفال بدافع التجنيد والانتقام من ذويهم لرفضهم إلحاقهم بالمعسكرات الصيفية.

ويؤكد سليم، وهو ناشط مجتمعي في مدينة إب، أن جرائم الخطف بمختلف أشكالها تشهد ارتفاعاً ملحوظاً كل عام أثناء تدشين الحوثيين لمراكزهم الصيفية.

ويقول إن الجماعة الانقلابية قامت مراراً باستقطاب وتحشيد الأطفال والشبان وخطف آخرين من قرى ومناطق متفرقة عدة في إب لتعزيز مخيماتها الصيفية بهم. داعياً الحقوقيين والمنظمات الدولية المعنية بالطفولة وحقوق الإنسان إلى التدخل لمعرفة مصير المختطفين وأماكن وجودهم.

تسرب من التعليم

في بيان حديث، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة، بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح في البلاد. وأكدت المنظمة أن شركاء التعليم يعيدون تأهيل الفصول الدراسية وبنائها، ويقدّمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس. معتبرة أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

الشبان اليمنيون يتلقون تعبئة متطرفة وتدريباً على استخدام الأسلحة (إعلام حوثي)

ومنذ انقلاب الحوثيين في أواخر 2014، خلّفت الهجمات التي تعرّض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في اليمن وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وبحسب «يونيسيف» كان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة.

ودمّرت الحرب - طبقاً للبيان- أكثر من 2.916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع.


‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
TT

‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)

كشف ناشطون يمنيون في المجال الثقافي عن توسع دائرة عبث الحوثيين بالطراز المعماري في مدينة صنعاء القديمة، ما يهدد بإسقاط المدينة التاريخية من قائمة التراث العالمي. وطالبوا منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (اليونيسكو) باتخاذ موقف جاد تجاه ذلك العبث.

ووفق إفادات جمعتها «الشرق الأوسط» من 5 ناشطين، طال عبث الحوثيين 3 حارات في المدينة القديمة التي أُدرجت ضمن التراث العالمي قبل 38 عاماً، وهو أمر من شأنه أن يهدد بإسقاطها من قائمة التراث العالمي، خصوصاً أنها موضوعة الآن على قائمة «التراث العالمي المعرّض للخطر».

الحوثيون يخططون لتحويل صنعاء القديمة إلى مزار طائفي (إعلام حكومي)

وبيّنت الإفادات أن المسؤولين الحوثيين ورغبةً في الحصول على الأموال، مكّنوا تجاراً وميسورين من هدم عدد من المباني التاريخية وإقامة مبانٍ كبيرة مكانها، مستخدمين الخرسانة المسلحة والأحجار، وبشكل مخالف تماماً للطراز المعماري؛ شكلاً ومضموناً.

وتشهد حارات ‏سكرة وموسى ونصير، عبثاً غير مسبوق في الطابع المعماري للمدينة، وفق الناشطين؛ نتيجة تواطؤ المسؤولين الحوثيين، ‏وسماحهم لأغلب التجار بإزالة مبانٍ تاريخية وإقامة مكانها مبانٍ من الخرسانة والأحجار.

وبيّنت المصادر أن ‏حارة بالكامل تم تغيير دكاكينها المعروفة بطرازها المعماري وصغر حجمها وأبوابها، وأُعيد بناؤها بالإسمنت المسلح والأحجار، وتحويلها إلى محلات تجارية وفقاً للنموذج الحديث في البناء، خصوصاً بالقرب من باب السلام ‏وحارة نصير.

وتحوّلت حارة سكرة، وهي الحارة الجميلة في المدينة القديمة، إلى محال تجارية مخالفة للبناء التاريخي القديم، حيث تجاهل الحوثيون القانون الذي يجرّم مثل هذه الأفعال، كما تجاهلوا تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة من هذه التجاوزات، واستمروا في صرف تراخيص هدم وبناء، خلافاً لمعايير البناء وأدواته في المدينة.

وذكر الناشطون أن أحد التجار الكبار أقام عمارة شاهقة بالحديد المسلح في شارع الذهب القريب من بيت الشاعر الراحل عبد الله البردوني، الذي تضرر نتيجة الأمطار الغزيرة، وأن التاجر يواصل البناء الآن.

‏ ترميم دون المعايير

اشتكى النشطاء في مدينة صنعاء القديمة من الطريقة التي يدار بها مشروع إنقاذ وتأهيل المباني التاريخية، وقالوا إن عملية الترميم لا تتم باستخدام أنواع جيدة من المواد، وتتم بأدنى المعايير، ولهذا تتضرر المباني بسرعة وفي وقت بسيط.

كما انتقدوا ذهاب غالبية الأموال المخصصة للمشروع في صورة نفقات إدارية بما فيها سفريات واجتماعات وورش تدريب، وقالوا إن كثيراً من أصحاب المنازل المتضررة جراء الأمطار حاولوا إدراج منازلهم ضمن قوائم المنازل التي يتم ترميمها حالياً، لكن دون جدوى.

التغيرات المناخية زادت الأضرار التي تعرض لها كثير من المنازل في صنعاء القديمة (إكس)

ووفق ما ذكرته المصادر فإن شباناً من المدينة، الذين يستهدفهم المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي، يحاولون منذ عامين الحصول على فرصة للتدريب والعمل، لكن مطالبهم قوبلت بالتجاهل.

وتؤكد «اليونيسكو» أن اليمن يشتهر بتراثه الثقافي الغني، بما في ذلك المواقع الأثرية والمدن ذات الأهمية التاريخية، مع وجود 5 مواقع تم ترشيحها للتراث العالمي، و9 مدرجة في القائمة المؤقتة.

وتقول المنظمة إن مواقع التراث الثقافي المبنية في اليمن تعد نافذة فريدة لفهم الحضارة غير العادية التي يبلغ عمرها 2200 عام، التي ازدهرت ذات يوم في شبه الجزيرة العربية.

وبحسب المنظمة الأممية، فإنه وبسبب النزاع المستمر، لا تزال مدينة صنعاء القديمة، ومدينة شبام القديمة المسورة، ومدينة زبيد التاريخية، وعديد من المراكز التاريخية المهمة في اليمن معرضة للخطر للغاية.

ولهذا أطلقت المنظمة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) 2022 مبادرة «توظيف الشباب من خلال التراث والثقافة في اليمن»، بهدف تلبية احتياجات إعادة تأهيل التراث، والبرامج الثقافية، وتوفير فرص العمل للشباب اليمنيين.


الزيّاني في عدن حاملاً رسالة من ملك البحرين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
TT

الزيّاني في عدن حاملاً رسالة من ملك البحرين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)

وصل إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، الخميس، وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، حاملاً رسالة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وناقش مع المسؤولين اليمنيين القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفق ما ذكره الإعلام الرسمي اليمني.

وأفادت وكالة «سبأ» بأن العليمي، ومعه عضوا المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، استقبل الزياني في قصر معاشيق، وأثنى على العلاقات المتميزة اليمنية مع مملكة البحرين، والدعم السياسي الكبير الذي تقدمه ضمن تحالف دعم الشرعية للشعب اليمني وقيادته الشرعية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.

وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني أثناء وصوله إلى مطار عدن (سبأ)

وتطرّق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدّات الوضع اليمني، والمواقف المشتركة إزاء التطورات في المنطقة، والتحديات المحدقة بالسلم والأمن الدوليين.

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بالجهود التي تبذلها مملكة البحرين، ملكاً وحكومة وشعباً، من أجل إنجاح أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين المرتقبة، لما فيه مصلحة الأمة وتعزيز دورها الجماعي لمواجهة كل التحديات.

في السياق نفسه، التقى الزياني، رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، وتطرّق اللقاء إلى جدول أعمال القمة العربية الـ33، المزمع عقدها الشهر المقبل، في البحرين، والتنسيق المشترك لإنجاح القمة، في ظل التطورات الإقليمية الراهنة.

ورأى بن مبارك في زيارة الزياني لعدن دلالة سياسية مهمة ضمن الموقف البحريني الثابت في دعم الشرعية اليمنية والحكومة لمواجهة التحديات في مختلف المجالات، وفق ما ذكره الإعلام الحكومي.

وأشار رئيس الوزراء اليمني إلى ألويات حكومته بموجب التحديات المستجدّة مع تصاعد الحرب الاقتصادية والعسكرية الحوثية هروباً من استحقاقات السلام، والإصلاحات الجاري تنفيذها لتخفيف وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية.

رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني (سبأ)

ونسبت وكالة «سبأ» إلى الوزير الزياني أنه جدَّد دعم بلاده للحكومة اليمنية، سواء بشكل ثنائي أم على المستوى الخليجي والعربي والدولي، لافتاً إلى الحرص على حضور ملف اليمن وأولويات الحكومة في مجلس التعاون وأعمال القمة العربية.

إلى ذلك، أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن الزياني التقى، بعد وصوله إلى عدن، نظيره وزير الخارجية شائع الزنداني، وناقش معه العلاقات الثنائية، وسُبل تعزيزها وتطويرها، واستعراض الأوضاع على الساحة اليمنية والتطورات الإقليمية.

وقال الزنداني إن بلاده «حريصة على إنجاح كل الجهود والمساعي الإقليمية والأممية لإحلال السلام، إلا أن الأعمال والسلوكيات التي تنتهجها الميليشيات الحوثية الإرهابية تشكل عائقاً أمام ذلك».

ونقل الإعلام اليمني الحكومي عن الزياني أنه أكد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة الشرعية اليمنية، والموقف البحريني الثابت من إحلال السلام والاستقرار باليمن، والمنطقة عموماً، والحرص على إنجاح الجهود الإقليمية والدولية لإحلال السلام وإنهاء الحرب في اليمن.

وضمن اليوم البحريني الدبلوماسي الحافل في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي قد تسلَّم بقصر معاشيق أوراق اعتماد سفير مملكة البحرين، الشيخ علي بن عبد الرحمن آل خليفة.


«حرب غزة»: هل تنهار ترتيبات المعابر الصامدة منذ 2005؟

صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
TT

«حرب غزة»: هل تنهار ترتيبات المعابر الصامدة منذ 2005؟

صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)

لم يكن رفع العلم الإسرائيلي على دبابات تقتحم معبر رفح من الجانب الفلسطيني، لحظةً عاديةً في الحرب المستعرة منذ نحو 8 أشهر، بقدر ما كانت خطاً فاصلاً بين ما كان وما سيكون في اليوم التالي بعد نهاية القتال.

الاختراق الأول من نوعه لاتفاق المعابر الموقَّع عام 2005، يراه خبراء في الشؤون العسكرية والفلسطينية والقانون الدولي، في أحاديث منفصلة مع «الشرق الأوسط»، بداية ترتيبات إسرائيلية جديدة في اليوم التالي للحرب.

قلب الطاولة

في 7 مايو (أيار)، قلبت قوات إسرائيلية الطاولة على اتفاق المعابر، الموقَّع عام 2005، بين السلطة الفلسطينية وتل أبيب برعاية أوروبية، و«توغلت آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الشرقي برفح، حسب إعلان الجيش الإسرائيلي». وفي اليوم نفسه، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن شركة أمن أميركية خاصة تُجري تل أبيب مفاوضات معها لتولي إدارة معبر رفح.

وجاء الرد المصري سريعاً عبر نفي مصدر مصري رفيع المستوى لقناة «القاهرة الإخبارية» ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن تولي مصر مسؤوليات أمنية داخل قطاع غزة.

تزامن ذلك مع أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن «القوات المسلحة المصرية نشرت قوات وآليات شرقي وغربي معبر رفح في الجانب المصري»، وأوضحت أن «تلك القوات في حالة استنفار واستعداد تام».

ووسط حديث متصاعد على منصات التواصل عن مساس التحركات الإسرائيلية باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، أكد المتحدث باسم حكومة تل أبيب، أوفير جندلمان، الأربعاء، أن «عملية رفح لا تخالف على الإطلاق معاهدة السلام».

لكنَّ الرئيس الأميركي جو بايدن، قال في وقت لاحق إن العملية الإسرائيلية في رفح «تتسبب في مشكلات مع مصر التي يحرص على العلاقات معها، وعلى المساعدة في تقدمها».

محددات مصرية

موقف مصر في هذا السياق ينطلق من محددات مهمة، كما يرى النائب مصطفى بكري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تشمل «التمسك بالاتفاقيات الموقَّعة لا سيما الأمنية في 2005، وما تضمنه من أن السلطة الفلسطينية هي التي تتولى إدارة المعبر في أراضيها».

فمصر، وفق بكري، «تدير الأزمة بحكمة وتلعب دورها في الوساطة وطالبت بفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لمرور المساعدات فوراً»، فيما «تسعى إسرائيل لترتيبات في اليوم التالي للحرب ولا تريد للسلطة الفلسطينية ولا لحماس وجوداً في الإدارة، وتسعى لوجود دولي وفرض سيطرتها الأمنية».

اختراق عابر

من جانب آخر، يعد ما قامت به إسرائيل بالسيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، «اختراقاً عابراً»، وفق اللواء سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري.

هذا الاختراق، وفق حديث سابق لفرج مع «الشرق الأوسط»، يعد «مجرد خطأ في تطبيق المعاهدة، ويواجَه عبر لجنة متخصصة تتكون من الجانبين المصري والإسرائيلي بالإضافة إلى الجانب الأميركي الراعي لمعاهدة السلام، وفق ما تنص الاتفاقية».

فرج يرى أن تلك التحركات «لن تخلق واقعاً جديداً»، ويعزو ذلك إلى أن «إسرائيل ليست من الغباء بأن تُحدث أزمة حالية مع مصر».

ترتيبات جديدة

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن غزة «إزاء ترتيبات إسرائيلية جديدة لليوم التالي للحرب عقب السيطرة الإسرائيلية على رفح».

مطاوع قال إن «السيطرة على رفح رغم مخالفته القانون الدولي يعد جزءاً من أهداف حرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو»، إذ يعتقد الأخير أن خروجه عام 2005، من معبر رفح والمنطقة الحدودية، كان «سبباً في الإضرار بأمن إسرائيل وبالتالي لا يريد أن يغامر بتكرار ذلك الخطأ السابق، وفق ما يعتقد».

نتنياهو لا ينظر إلى مدى التداعيات القانونية، بل يضع، حسب مطاوع، «مخططه فقط موضع التنفيذ»، ويسعى لتحقيق 3 أهداف: «عدم إيجاد أي مهدِّد لأمن إسرائيل باعتقاده، والضغط بورقة رابحة في المفاوضات الحالية في القاهرة بشأن هدنة غزة، وإرضاء اليمين المتطرف في حكومته».

وبالتالي، فإن سيطرة إسرائيل على شرق رفح تعني، وفق مطاوع، «مؤشراً مهماً على وجود ترتيبات جديدة تنطلق من معبر رفح ونراها في اليوم التالي للحرب، وتفرض أمراً واقعاً جديداً».

سيناريوهات قانونية

لذلك، فإن اتفاقية المعابر، وفق أستاذ القانون الدولي العام محمد مهران، «باتت مهدَّدة بأن تُنسف بالكامل بعد الاجتياح الإسرائيلي الأخير، سواء من الناحية العملية بفرض سيطرة أحادية على المعبر، أو من الناحية النظرية باعتبار أن خرق بنودها يُفقدها قيمتها القانونية».

في مثل هذه الحالات، يتعين على الدول المتضررة، وفق تصريحات إعلامية لمهران، «اللجوء إلى الإجراءات القانونية الواردة بالاتفاقية، أو اللجوء لوسائل التسوية السلمية وفقاً للقانون الدولي، مثل رفع شكوى لمجلس الأمن».


تنسيق مصري - أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح»

السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

تنسيق مصري - أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح»

السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

زيارة في سياق معقد أجراها بشر الخصاونة، رئيس الوزراء وزير الدفاع الأردني، إلى مصر، حملت في طياتها «خطوات لتحرك وتنسيق أكبر» في وجه ترتيبات إسرائيل بـ«رفح»، بعد سيطرة قواتها على المعبر من الجانب الفلسطيني.

وهيمنت تطورات الحرب في غزة، على لقاء الخصاونة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسط «رفض مشترك للعملية الإسرائيلية في رفح وتعطيل معبر رفح»، وفق ما أفاد به بيان للرئاسة المصرية عقب اللقاء.

وبحسب البيان المصري، جرى التأكيد على «الرفض الكامل والتحذير من الآثار الإنسانية الكارثية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وتُعطّل المنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية». كما ناشد المجتمع الدولي لـ«الاضطلاع بمسؤولياته للتوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار، والمضي قدماً في إنفاذ الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وحمل الخصاونة رسالة شفوية من ملك الأردن عبد الله الثاني، للرئيس المصري، بشأن الجهود المشتركة في ملف غزة ورفض تهجير الفلسطينيين، وفق ما ذكره رئيس الوزراء الأردني بمؤتمر صحافي مع نظيره المصري مصطفى مدبولي.

وكانت العملية الإسرائيلية الأخيرة في رفح الفلسطينية، محل رفض مصري أردني خلال اللقاء، كما ذكر الخصاونة، الذي دعا العالم لتحمل مسؤوليته إزاء تلك العملية. وأسفرت الزيارة عن تجديد الرفض المصري الأردني لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة، كما ذكر مدبولي.

وينطوي التصعيد الإسرائيلي في مدينة رفح وإغلاق المعبر على «تحديات أمنية جديدة في المنطقة»، وفق عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، مجدي عاشور، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة «فرصة لتبادل وجهات النظر بين الأردن ومصر حول كيفية التعامل مع هذا التصعيد وتأثيره على الاستقرار الإقليمي».

وتوقع عاشور أن تحمل الزيارة «تحركا دبلوماسياً مصرياً أردنياً بصورة أكبر ضد الخرق الكبير»، مضيفاً أن «الحديث عن ترتيبات إسرائيلية جديدة أمر مرفوض، وكل السيناريوهات مطروحة للرد المصري وبالتأكيد في ظل تنسيق أردني».

مصر والأردن ترفضان العملية الإسرائيلية في رفح وتعطيل المعبر (الرئاسة المصرية)

بدوره، قال المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات لـ«الشرق الأوسط» إن «التنسيق الأردني المصري بدا من اليوم الأول فاعلاً ومؤثراً في اتجاه أساسي هو رفض تهجير الفلسطينيين، وكان له أثر على المجتمع الدولي، ولم يتحقق التهجير حتى الآن على الأرض».

وناضلت مصر والأردن في إدخال المساعدات الإنسانية، وفق الحوارات، بعد «تضييقات إسرائيلية، ونجحا في ذلك بجهود مشتركة مع المجتمع الدولي»، في إشارة لعمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية.

وتعكس زيارة الخصاونة إدراكاً مشتركاً لأهمية التنسيق بشكل أكبر، ومخطط إسرائيل وترتيباتها الأمنية بشأن فصل الضفة عن غزة، والسيطرة على القطاع، عبر بناء جدار عازل، وتنفيذ إجراءات أحادية مرفوضة عربياً ودولياً، على حد قول الحوارات.

من جهة أخرى، ناقشت الزيارة تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين البلدين، بهدف تحقيق المصالح المشتركة في تحقيق التنمية الشاملة، لا سيما في ضوء الانعقاد الجاري بالقاهرة للدورة الثانية والثلاثين من اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، برئاسة رئيسي وزراء الدولتين.


الحوثي يتبنّى مهاجمة 112 سفينة وتجنيد 296 ألف عنصر

حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الحوثي يتبنّى مهاجمة 112 سفينة وتجنيد 296 ألف عنصر

حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية في اليمن مهاجمة ثلاث سفن في خليج عدن والمحيط الهندي، بينما توعّد زعيمها عبد الملك الحوثي بمرحلة خامسة من التصعيد دون خطوط حمراء، وتبنى مهاجمة 112 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتهاجم الجماعة المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، وأعلنت الأسبوع الماضي توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط.

طائرة من دون طيار وهمية من صنّع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)

وقال الحوثي في خطبة بثها تلفزيون «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، الخميس، إنه ليس أمام جماعته خطوط حمراء تحول دون تنفيذ الهجمات، التي قال إنها بلغت خلال شهر 25 عملية نفذت بـ71 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

وفي حين تبنى زعيم الجماعة الموالية لإيران مهاجمة 112 سفينة، قال إن العمليات التي نفذتها جماعته خلال هذا الأسبوع تمت بـ10 صواريخ باليستية ومجنّحة وطائرة مسيّرة.

وزعم أن لدى الجماعة خيارات استراتيجية حساسة ومهمة ومؤثرة، وأنها لا تكترث لكل التهديدات التي تلقتها ومستعدة لكل الاحتمالات.

وهدّد الحوثي باستهداف أي سفينة نقلت بضائع لموانئ إسرائيل، وقال إن المرحلة الرابعة من التصعيد التي كان أعلن عنها قبل أسبوع ستشمل استهداف أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل بضائع لإسرائيل وإلى أي جهة ستتجه.

ومع تهديده بمرحلة خامسة من التصعيد، أقرّ بأن جماعته استغلت الحرب في غزة لمزيد من التعبئة والتجنيد، حيث بلغ عدد المتدربين في التعبئة والتأهيل العسكري 296 ألفاً داعياً إلى المزيد.

المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يردد الصرخة الخمينية خلال تجمّع في صنعاء (إ.ب.أ)

خطبة الحوثي، جاءت بعد ساعات من تبني المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع مهاجمة ثلاث سفن بالطائرات المسيّرة والصواريخ، من بينهما سفينتان إسرائيليتان، الأولى «ديجو» في خليج عدن والثانية «جينا» في خليج عدن، زاعماً إصابتهما. كما تبنى مهاجمة السفينة «فيتوريا» مرتين، الأولى في المحيط الهندي والأخرى في البحر العربي.

وكان الجيش الأميركي أكد، الأربعاء، إطلاق الحوثيين 3 طائرات مسيرة وصاروخاً باليستياً مضاداً للسفن إلى خليج عدن، من دون أن تسبب الهجمات أي أضرار.

50 سفينة في البحر الأحمر

تأكيداً للأضرار الاقتصادية الناجمة عن تصعيد الحوثيين، قالت وكالة الأنباء الألمانية، إن الجماعة هاجمت أكثر من 50 سفينة تجارية في البحر الأحمر خلال الفترة من 19 نوفمبر وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضيين، وفقاً لبيانات شركة التأمين الصناعي «أليانز كوميرشال».

ووفقاً للشركة، انخفضت لذلك حركة المرور عبر قناة السويس الآن بشكل ملحوظ، ففي بداية العام تراجع عدد السفن التي عبرت القناة بنسبة 40 في المائة عما كانت عليه في أوقات الذروة.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

طلبة جامعيون في صنعاء يرفعون صورتين لزعيم الجماعة الحوثية ولمؤسسها شقيقه (أ.ف.ب)

وتشارك في مهمة الاتحاد الأوروبي (أسبيدس) فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها، إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وإذ بلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض نحو 450 غارة، اعترف زعيمهم الحوثي بمقتل 40 من عناصره وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.


جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية

توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)
توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)
TT

جدل مصري متصاعد بشأن التحركات العسكرية الإسرائيلية الحدودية

توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)
توقفت عملية إدخال المساعدات عبر معبر رفح منذ السيطرة الإسرائيلية (الهلال الأحمر المصري)

لم يهدأ الجدل المصري الدائر حول مصير اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل والصامدة منذ عام 1979. وذلك عقب التحركات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في مدينة «رفح» الفلسطينية على الحدود المصرية، وسط تباين ردود الفعل حول كيفية التعامل مع السيطرة الإسرائيلية على معبر «رفح» من الجانب الفلسطيني.

وبينما دعا إعلاميون وسياسيون معارضون لإلغاء الاتفاقية وقطع العلاقات الدبلوماسية بإسرائيل، يؤمن آخرون بأهمية «ضبط النفس»، بوصف ما حدث - وإن كان «خروقات مدانة» - «لا يمس السيادة المصرية» على أراضيها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، سيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، تزامن ذلك مع أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود؛ حيث قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات المسلحة المصرية نشرت قوات وآليات شرق وغرب معبر رفح في الجانب المصري».

وطالبت «الحركة المدنية الديمقراطية» التي تضم عدة أحزاب سياسية معارضة، بـ«إسقاط اتفاقية السلام، على خلفية ما وصفته بالانتهاك الإسرائيلي من جانب واحد للاتفاقية، مع طرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية». كما دعا نقيب الصحافيين المصريين خالد البلشي في بيان (الأربعاء) إلى «قطع العلاقات وإلغاء الاتفاقية واعتبارها كأن لم تكن»، في وقت شهدت فيه منصات مواقع التواصل الاجتماعي سجالاً حول الموقف من الاتفاقية.

ورصدت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي في برنامجها التلفزيوني ما قالت إنه «مطالب شعبية لإلغاء معاهدة السلام» مع المطالبة بـ«رد تاريخي».

لكن في المقابل، عارض آخرون دعوات «محاولة توريط الجيش المصري في حروب وصراعات»، مؤيدين التعامل الرسمي المصري مع الموقف.

وعدّ الإعلامي إبراهيم عيسى سيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني «لم تمس الحدود المصرية ومن ثم ليست لنا علاقة»، مؤكداً أن مصر إن كان عليها فعل شيء فهو «الاستنكار والاحتجاج واللجوء إلى الأمم المتحدة».

وكانت مصر قد حذرت مطلع الأسبوع الحالي، في إفادة رسمية عن الخارجية، من مخاطر العملية العسكرية الإسرائيلية بمنطقة رفح الفلسطينية وما ينطوي على ذلك من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني يوجدون في تلك المنطقة».

ويشيد البعض، ومن بينهم عضو مجلس النواب المصري محمود بدر، بالموقف المصري «الرافض تصفية القضية الفلسطينية والتهجير القسري على حساب سيناء».

عملية الاقتحام الإسرائيلي لمعبر رفح من الجانب الفلسطيني ووجود قوات إسرائيلية هناك، التي وصفها المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، أوفير جندلمان بأنها «مركزة ومحدودة»، يراها الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور كرم سعيد «تجاوزاً إسرائيلياً»، يستدعي التعامل بقدر شديد من «الحكمة والدبلوماسية».

وقال سعيد لـ«الشرق الأوسط»، رداً على دعوات شعبية لإلغاء اتفاقية السلام: «مثل هذه القرارات المصيرية والمهمة يجب ألا تتخذ بشكل سريع ومن دون دراسة كافية لجميع الأبعاد».

وهو الرأي الذي يدعمه المدير الأسبق للشؤون المعنوية، اللواء سمير فرج، الذي يشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن وجود قنوات التواصل الدبلوماسي مع الإسرائيليين أمر في غاية الأهمية من أجل تهدئة الأوضاع وتجنب مزيد من التصعيد، مؤكداً أن قرار قطع العلاقات وسحب السفير يجب أن يكون في إطار أوسع، في موقف عربي جماعي من الدول التي ترتبط بعلاقات بتل أبيب.

ويشير سعيد إلى أن مصر لديها كثير من أوراق الضغط التي يمكن أن تستخدمها قبل الذهاب إلى قطع العلاقات وتجميد اتفاقية السلام، مشدداً على ضرورة عدم الذهاب لهذا الخيار بشكل أسرع ومن دون استنفاد المسارات الأخرى الموجودة بالفعل.

يشير مدير الشؤون المعنوية الأسبق إلى أن التحركات الإسرائيلية على الحدود بمثابة «مخالفة» لاتفاقية «السلام» وملحقها الأمني، وهو الأمر الذي يجري بحثه – وفق الاتفاقية - من خلال اللجنة العسكرية الثلاثية بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل، وهو إجراء لا يستوجب إلغاء الاتفاقية، مؤكداً أن الفترة التي تصدت فيها القوات المسلحة بسيناء للإرهابيين تضمنت مخالفات من الجانب المصري.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكد لشبكة «سي إن إن» الأميركية (الخميس)، أن «إسرائيل لم تتجاوز بعد الخط الأحمر في رفح، المتمثل في دخول المناطق المكتظة بالسكان، حتى لو تسببت أفعالها في توترات بالمنطقة»، مؤكداً حرصه «على العلاقات بمصر».

ويؤكد الخبير بمركز الأهرام إدراك الحكومة الإسرائيلية بشكل واضح للخطوط الحمراء التي لن يسمح بتجاوزها، مشدداً على أن التداعيات «المؤلمة» لتجاوز هذه الخطوط لن تكون من مصر فقط ولكن من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضاً.


رئيس وزراء بريطانيا يدعو قيادات الجامعات لحماية الطلاب اليهود

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)
TT

رئيس وزراء بريطانيا يدعو قيادات الجامعات لحماية الطلاب اليهود

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك (في الوسط) يترأس اجتماعاً مع نواب رؤساء الجامعات الرائدة في البلاد وممثلي اتحاد الطلاب اليهود في داونينغ ستريت، لمناقشة الجهود المبذولة لمعالجة معاداة السامية في الحرم الجامعي وحماية الطلاب اليهود، لندن 9 مايو 2024 (د.ب.أ)

دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رؤساء الجامعات، اليوم (الخميس)، إلى حماية الطلاب اليهود مما وصفه بالمضايقات والإساءات المعادية للسامية من أقلية صاخبة في الاحتجاجات داخل الجامعات.

وأقام الطلاب في بعض الجامعات البريطانية مخيمات صغيرة احتجاجا على سلوك إسرائيل في حربها ضد حركة «حماس»، لكنها لم تبلغ نفس الحجم الذي وصلت إليه الاضطرابات في بعض الجامعات الأميركية.

وقال المتحدث باسم سوناك إنه دعا رؤساء بعض من أشهر الجامعات البريطانية إلى مقر الحكومة في داونينغ ستريت وأخبرهم أنه يتعين عليهم اتباع نهج عدم التسامح مطلقا مع حوادث معاداة السامية وأي شكل آخر من أشكال التمييز.

ولم يصدر تعليق فوري من مسؤولي الجامعات في الاجتماع. وأعلن سوناك في مارس (آذار) عن خطط لمعالجة ما وصفه بالنشاط المتطرف في بريطانيا، لكن بعض السياسيين في حزبه حذروه من استغلال القضية في محاولة للحصول على مكاسب سياسية.

وقال المتحدث للصحافيين بعد الاجتماع إن رئيس الوزراء «دعا الجامعات إلى أن تظل معاقل للتسامح حيث يجري النقاش باحترام مع الآخرين ويشعر كل طالب فيها بالأمان».

ومضى المتحدث قائلا إن سوناك حضر إلى جانب وزراء التعليم والأمن والمجتمعات المحلية في النقاش الذي أُثيرت فيه مخاوف بشأن تسلل «محرضين من غير الطلاب» إلى الحرم الجامعي.

وفي العام الماضي، سجّل «صندوق أمن المجتمع»، وهو مؤسسة خيرية تقدم المشورة لليهود البريطانيين حول الموضوعات الأمنية، 182 حادثة من حوادث معاداة السامية كان الضحايا أو مرتكبو الحوادث فيها طلابا أو أكاديميين، أو وقعت بمشاركة اتحادات طلابية.

وقالت مجموعة «تِل ماما»، التي تراقب حوادث رهاب الإسلام والتي تدعم الضحايا، إنها رصدت أيضا زيادة في الحوادث ضد المسلمين في الجامعات.

وأدى الغزو الإسرائيلي لغزة إلى مقتل ما يقرب من 35 ألف فلسطيني، وفقا للسلطات في غزة، وتسبب في أزمة إنسانية كارثية ومجاعة تهدد سكان القطاع البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة.

وبدأت الحرب عندما هاجمت «حماس» إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة، وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.

وهناك نحو عشرة مخيمات طلابية في الجامعات البريطانية للاحتجاج على الحرب. وحذر اتحاد الطلاب اليهود، الذي يمثل الطلاب اليهود في بريطانيا، في الأسبوع الماضي، من أن هذه المخيمات تخلق «أجواء معادية ومسمومة».


هل أحيل لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كورونا» إلى التقاعد؟

لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
TT

هل أحيل لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كورونا» إلى التقاعد؟

لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)

أثار قرار شركة «أسترازينيكا»، سحب لقاحها المضاد لـ«كوفيد - 19» من جميع أنحاء العالم، بعد إنتاج أكثر من 3 مليارات جرعة منه تساؤلات حول دلالاته وتوقيته، خصوصاً أنه يأتي بعد نحو أسبوع من اعترافها رسمياً بأن اللقاح قد يسبب آثاراً جانبية نادرة، مثل جلطات الدم وانخفاض الصفائح الدموية.

وقالت الشركة في بيان، الثلاثاء، إن قرار سحب اللقاح «فاكسيفريا» تم اتخاذه لأن هناك الآن مجموعة متنوعة من اللقاحات الأحدث المتاحة التي تم تكييفها لاستهداف متغيرات «كوفيد - 19». وأدى ذلك لتراجع الطلب على هذا اللقاح الذي لم يعد يتم تصنيعه أو توفيره.

وذكرت الشركة أيضاً أنها ستشرع في سحب تراخيص تسويق اللقاح داخل أوروبا، بسبب «فائض اللقاحات المحدثة المتاحة» منذ تفشي الجائحة، مشيرة إلى أنها «فخورة جداً» بلقاحها، لكنها اتخذت قرارها بناءً على النواحي التجارية، وأن ظهور سلالات جديدة من الفيروس جعل الطلب ينتقل إلى النسخ المعدلة من اللقاح.

يقول الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» عضو «الجمعية العالمية للحساسية»، إن جميع لقاحات «كورونا»، بما فيها «فاكسيفريا»، كان لها دور كبير في إنهاء حالة الطوارئ الصحية العالمية لجائحة «كورونا»، والحد من انتشار الطفرات الفيروسية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «اللقاحات ساهمت في تقليل مضاعفات المرض وخفض تكاليف العلاج والوفيات».

ويعدّ بدران سحب لقاح «فاكسيفريا» بمثابة «إحالته إلى التقاعد»، نظراً لظهور لقاحات أخرى أكثر فعالية ضد المتحورات الجديدة، مثل لقاحَي «فايزر» و«موديرنا»، تمتاز بأعراض جانبية أقل.

ولفت إلى أن السلالات الحالية لفيروس «كورونا» أصبحت «وديعة» حالياً وأقل خطورة، مع تسجيل 534 إصابة ونحو 52 حالة وفاة يومياً عالمياً، بالمقارنة مع أكثر من 3 ملايين حالة إصابة، ونحو 15 ألف حالة وفاة يومياً في ذروة الوباء، وفقاً للإحصاءات العالمية للوباء.

وأضاف بدران أن ضغط الوباء آنذاك دفع العلماء لتطوير لقاحات في غضون 10 أشهر، رغم أن هذه العملية كانت تستغرق عادة نحو 10 سنوات.

وأكد أن الفوائد التي جناها العالم من لقاحات «كورونا»، بما في ذلك «أسترازينيكا»، تفوق أي مخاطر محتملة، حيث كانت هذه اللقاحات آمنة وفعالة بشكل عام، مع آثار جانبية نادرة ومعروفة.

وأوضح أن سحب اللقاح يأتي نتيجة لاقتراب انتهاء صلاحيته وعدم الحاجة إلى إنتاج المزيد منه، مشيراً إلى أن هذا الإجراء طبيعي ولا يشير إلى خطورة اللقاح، بل يعود لعدم الإقبال وعدم الحاجة لتصنيعه حالياً.

شركة «أسترازينيكا» قررت سحب لقاحها المضاد لـ«كوفيد - 19» من جميع أنحاء العالم (رويترز)

في حين أرجع الدكتور مايكل هيد، أستاذ الصحة العالمية بجامعة ساوثهامبتون في إنجلترا، السبب الرئيسي المحتمل لسحب اللقاح إلى أن اللقاحات الأخرى لـ«كوفيد - 19»، مثل لقاحات «mRNA» من شركتي «فايزر» و«موديرنا»، كانت ببساطة منتجات أفضل.

وأوضح لشبكة «سي إن إن» أن لقاح أسترازينيكا كان جيداً جداً، لكن اللقاحات التي تستخدم تقنية «mRNA» لتحفيز الجهاز المناعي للجسم للتعرف على فيروس «كورونا» ومحاربته تُعدّ الأفضل بسبب فعاليتها الأعلى وقدرتها على التكيُّف بسهولة مع أحدث سلالات فيروس «كورونا». لذا، أصبحت هذه اللقاحات جزءاً أساسياً من الاستراتيجيات طويلة الأمد لمعظم الدول لمكافحة الجائحة.

في حين رأى البروفسور آدم فين، من جامعة بريستول أن لقاح «أسترازينيكا» كان مفعوله حاسماً خلال الجائحة؛ فهو الذي أخرجنا مع لقاح «فايزر» من الكارثة التي كانت تحيق بنا. لكنه أضاف لشبكة «بي بي سي» البريطانية أن «سمعة اللقاح اهتزَّت بعد ظهور حالات نادرة من الجلطات الدموية، نتيجة استعماله، فاختارت الحكومة البريطانية بدائل عنه. وأعتقد أن سحب اللقاح يعني أنه لم يعد مفيداً».

ووافقته الرأي رئيسة قسم الأوبئة في جامعة ديكين بأستراليا، البروفسورة كاثرين بينيت، مضيفة أن هذا اللقاح لعب دوراً حاسماً في مكافحة الفيروس، خصوصاً في الأيام الأولى من الوباء عندما كانت اللقاحات المتاحة محدودة.

وأوضحت لصحيفة «الغارديان» البريطانية: «كان اللقاح جزءاً مهماً جداً من الاستجابة العالمية الأولية. ومع ذلك، كان يستهدف النسخ الأصلية من الفيروس، لكننا تحولنا الآن إلى مجموعة من اللقاحات التي تتوفر فيها منتجات تتعقب السلالات الجديدة التي تظهر».

وأشارت إلى أن هناك تغييراً أيضاً في حسابات المخاطر، بالنظر إلى أن السكان أصبحوا أكثر حماية، ورغم أن «كوفيد» لا يزال يسبب وفيات، فإننا بشكل عام أصبحنا أقل عرضة للمرض.