مظاهرات في المخا تنديداً بالقصف الحوثي لمينائها

المحتجون دعوا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته إزاء جرائم الميليشيات

وزيرا الخارجية اليمني والسويسري لدى اجتماعهما في جنيف أمس (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية اليمني والسويسري لدى اجتماعهما في جنيف أمس (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات في المخا تنديداً بالقصف الحوثي لمينائها

وزيرا الخارجية اليمني والسويسري لدى اجتماعهما في جنيف أمس (إ.ب.أ)
وزيرا الخارجية اليمني والسويسري لدى اجتماعهما في جنيف أمس (إ.ب.أ)

تظاهر آلاف اليمنيين، أمس (الاثنين)، في شوارع مدينة المخا الساحلية للتنديد بقصف الميليشيات الحوثية ميناء المدينة السبت الماضي بطائرات مسيرة مفخخة وصواريخ باليستية، وهو الهجوم الذي أحدث دماراً واسعاً في الميناء، وتسبب في إحراق كميات ضخمة من المواد الإغاثية وبضائع التجار.
وفي حين عبر المتظاهرون عن غضبهم جراء الهجوم الذي شهد إدانات حكومية ومحلية وحقوقية، رددوا هتافات مناهضة للميليشيات، داعين إلى محاسبتها، وإلى استكمال تحرير محافظة الحديدة. وفي بيان صادر عن المظاهرة، دعا المحتجون المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى مواجهة مجرمي الحرب الحوثيين، ومحاسبتهم على جرائمهم الإرهابية. وعدوا الهجوم على ميناء المخا استهدافاً لأهم مكتسبات المدينة التاريخية، والميناء التجاري والتاريخي، ولكل بيت وأسرة في المدينة، وفي عموم اليمن.
ودعا البيان كذلك اليمنيين كافة إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة مجرمي الحرب الحوثيين، ومن خلفهم الإيرانيين، لإسقاط غطرستهم. كما دعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم، والتحرك العاجل لوقف ما وصفه بـ«الجرائم الحوثية» التي قال إنها تعد انتهاكاً للقوانين والمواثيق الدولية كافة.
وأعرب البيان عن ثقة المتظاهرين بالقوات المشتركة والحكومة والسلطات المحلية، وقدرتها على سرعة معالجة الأضرار التي سببها القصف الحوثي، لضمان الاستمرار في العمل، وعدم التوقف أو التراجع.
ومن جهتها، أكدت القوات اليمنية المشتركة في الساحل الغربي «حتمية تحريك الجبهات»، وصولاً إلى تحرير واستعادة صنعاء، رداً على الهجوم، في حين عد المكتب السياسي للمقاومة الوطنية التي يقودها طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، هجوم الحوثيين على الميناء «تصعيداً خطيراً، ورسالة صريحة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الميليشيات ماضية في جرائمها الإرهابية في البر والبحر دون استثناء أحد».
وكانت الحكومة اليمنية قد نددت بالهجوم الحوثي الذي أحدث دماراً واسعاً في ميناء المخا، غرب محافظة تعز على البحر الأحمر، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ مواقف أكثر حزماً مع الميليشيات الحوثية.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، أمس، خلال لقائه مع السفير الهولندي لدى بلاده، بيتر ديرك هوف، أن الهجوم الإرهابي الذي نفذته ميليشيات الحوثي الانقلابية بالصواريخ والطائرات المسيرة على ميناء المخا المدني، بالتزامن مع استئناف نشاطه التجاري والإنساني، يمثل امتداداً لمسلسل استهداف الميليشيا للأعيان المدنية، والتدمير الممنهج للبنية التحتية للاقتصاد الوطني.
وأضاف أن «ميليشيات الحوثي، من خلال هذا الهجوم الذي استهدف ميناءً مدنياً، ومخازن ومنشآت الميناء وبنيته التحتية، وإحراق مخازن عدد من المنظمات الإغاثية العاملة في الساحل الغربي، والبضائع الخاصة بالمستوردين، تصر على استمرار تعميق الكارثة الإنسانية التي تسببت بها منذ انقلابها على السلطة الشرعية، وإشعالها للحرب أواخر عام 2014».
يشار إلى أن الحكومة كانت قد وسعت من تحركاتها الدبلوماسية في الأوساط والدوائر الأوروبية في الأيام الماضية، من خلال زيارات لوزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، شملت النرويج وهولندا والسويد وسويسرا، وذلك في سياق سعيها للبحث عن ضغوط دولية لوقف التصعيد الحوثي.
ويوم أمس، أفادت المصادر الرسمية بأن بن مبارك بحث، بمدينة جنيف، مع وزير خارجية الاتحاد السويسري، إجناسيو كاسيس، تطورات الأوضاع في اليمن، وآفاق الحل السياسي للأزمة، والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
ونقلت وكالة «سبأ» أن الوزير بن مبارك استعرض مع وزير الخارجية السويسري «جهود الأمم المتحدة لإحلال السلام، وإنهاء الانقلاب الحوثي، بناءً على المرجعيات الثلاث المتفق عليها»، مؤكداً رغبة الحكومة اليمنية في التعاون البناء مع المبعوث الأممي الجديد.
وجدد وزير الخارجية اليمني التأكيد على «ضرورة ممارسة المجتمع الدولي أقصى درجات الضغط على ميليشيا الحوثي المتمردة لإفشالها للجهود كافة الهادفة إلى تحقيق السلام، واستمرار عدوانها على الشعب اليمني، وزعزعتها لاستقرار المنطقة».
وتطرق الوزير اليمني، حسب ما ذكرته المصادر الرسمية، إلى التصعيد العسكري المستمر لميليشيات الحوثي، واستهدافها مؤخراً لقاعدة العند العسكرية وميناء المخا التجاري، مما تسبب في سقوط عدد من المواطنين المدنيين ومنتسبي القوات المسلحة، وألحق دماراً كبيراً في المرافق والمنشآت الحيوية للميناء.
وأشار بن مبارك إلى «استمرار العدوان الحوثي على محافظة مأرب، واستهداف المناطق السكنية ومخيمات النازحين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، مما تسبب بتفاقم الكارثة الإنسانية، وعبثها بالأمن الملاحي والبيئي في البحر الأحمر، واستهداف السفن التجارية، وتعاملها غير المسؤول مع قضية خزان النفط صافر، على الرغم من التهديد البيئي الخطير الذي يشكله».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.