الجيش السوداني يؤكد انسحابه الكامل من مناطق منزوعة السلاح مع الجنوب

الآلية السياسية الأمنية المشتركة بين البلدين تبحث القضايا العالقة

TT

الجيش السوداني يؤكد انسحابه الكامل من مناطق منزوعة السلاح مع الجنوب

أكد وزير الدفاع السوداني، ياسين إبراهيم ياسين، انسحاب جيش بلاده بالكامل من المنطقة الآمنة منزوعة السلاح مع جنوب السودان، مشدداً على أهمية نشر دوريات أرضية وجوية، وتنشيط آليات عمل الترتيبات الأمنية، فيما تجري نقاشات موسعة لفتح المعابر لتأمين انسياب حركة المواطنين والتجارة بين البلدين.
وبدأت في جوبا، عاصمة جبوب السودان، أمس اجتماعات الآلية السياسية الأمنية المشتركة بين السودان وجنوب السودان، بهدف بحث العلاقات الثنائية، والقضايا العالقة بين البلدين. وقال ياسين، الذي يرأس الآلية السياسية الأمنية عن الجانب السوداني، إن الآلية ولجانها الفرعية «تعمل على تعزيز علاقات البلدين الشقيقين، وصولاً لمرحلة الاستقرار والتعاون البناء، وفق مبدأ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين».
وأضاف ياسين موضحاً أن العلاقات مع جنوب السودان «استراتيجية على المستوى الرسمي والشعبي»، معرباً عن أمله في تسريع تنفيذ الاتفاقيات الموقعة لتحقيق طموحات الشعبين. لكنه أبرز في المقابل أن «هناك بعض القضايا العالقة التي تحتاج إلى حلول عاجلة، وعلى رأسها ترسيم الحدود، وقضية آبيي المتنازع، لكن يجب ألا تشكل هذه القضايا العالقة مانعاً من التعاون لتحقيق مصالح البلدين». مشيراً في هذا السياق إلى أن المنطقة والعالم «يشهدان تحولات كبيرة، تتطلب مزيداً من التنسيق وتوحيد المواقف حتى لا تتجاذبنا الأجندات المتقاطعة في الإقليم وعلى المستوى الدولي».
في سياق ذلك، أكد وزير الدفاع السوداني التزام السلطة الانتقالية في البلاد بما تم الاتفاق عليه في اجتماع الآلية السياسية الأمنية، المشتركة بالخرطوم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأعرب عن أمله في أن تتوصل هذه إلى «توافق تام وإزالة العوائق كافة، وحل كل المعضلات التي تقف أمام تنفيذ اتفاقية التعاون المشترك، فيما يتعلق بتسريع فتح المعابر الحدودية، وفق الترتيبات والتوقيتات المحددة».
كما شدّد ياسين على أن بلاده «على أتم الاستعداد للتعاون بلا حدود ولا قيود لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بهدف حماية سيادة ووحدة أراضي السودان وجنوب السودان».
معتبراً أن القمة التي عقدت بين رئيس حكومة جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، ورئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، في أديس أبابا في أغسطس (آب) الماضي، «هي بداية جديدة وفق أسس، تتعامل مع الماضي وتتماشى معه، دون أن تغفل الحاضر والمستقبل».
وأعرب ياسين عن أمله في وصول اجتماعات الآلية المشتركة، التي تجري حالياً بجوبا، إلى نتائج «تساعد في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في لقاء القمة، لتجعل جوار البلدين آمناً، وحدودهما الطويلة نموذجاً للاستقرار، وتبادل المصالح، وتواصل الشعبين».
وتسلم رئيس حكومة جنوب السودان من وزير الدفاع السوداني، خلال زيارته جوبا، أول من أمس، رسالتين من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ونائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، تتصلان بالعلاقات الثنائية بين البلدين، وعملية السلام في الجنوب.
ووقّع السودان ودولة جنوب السودان 9 اتفاقيات للتعاون المشترك، في 27 من سبتمبر (أيلول) 2012، بأديس أبابا، نصت على اقتطاع منطقة حدودية بمسافة 10 كيلومترات على طرفي الحدود، سميت منطقة منزوعة السلاح، كما تضمنت الاتفاقيات التعاون في مجالات الأمن والنفط، والمسائل الاقتصادية والترتيبات المالية الانتقالية بين البلدين، ورسوم العبور وتصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية، إضافة إلى التجارة الحدودية.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطوراً كبيراً عقب عزل الرئيس عمر البشير؛ حيث تتوسط جوبا في عملية السلام بين الحكومة الانتقالية في السودان، والفصائل المسلحة في مناطق النزاعات، فيما يعد السودان ضامناً رئيسياً لعملية السلام المنشطة بين الأطراف الجنوبية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».