إيطاليا تتجه لفرض «التلقيح الإجباري» على جميع السكان

«الصحة العالمية»: لا مجال للسيطرة على الوباء سوى بتعميم اللقاحات لمنع توطّنه وظهور متحورات جديدة

جنود من سلاح الجو الإيطالي يشاركون في حملة تلقيح قرب مدينة ميلانو أمس (إ.ب.أ)
جنود من سلاح الجو الإيطالي يشاركون في حملة تلقيح قرب مدينة ميلانو أمس (إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تتجه لفرض «التلقيح الإجباري» على جميع السكان

جنود من سلاح الجو الإيطالي يشاركون في حملة تلقيح قرب مدينة ميلانو أمس (إ.ب.أ)
جنود من سلاح الجو الإيطالي يشاركون في حملة تلقيح قرب مدينة ميلانو أمس (إ.ب.أ)

أقدمت الحكومة الإيطالية أمس (الثلاثاء)، على خطوة جديدة في اتجاه فرض التلقيح الإجباري على جميع السكان، إذ قررت تعميم «الجواز الأخضر» على أماكن العمل، بعد أن كانت فرضته لاستخدام أماكن النقل للمسافات البعيدة وارتياد الأماكن العامة، وأعلنت أنها ستبدأ قريباً بتوزيع اللقاحات في الصيدليات وتمديد صلاحية شهادات التلقيح من تسعة أشهر إلى 12 شهراً.
ومن المتوقع أن تدخل هذه التدابير الجديدة حيّز التنفيذ مطلع الأسبوع المقبل، إذا تمكّن رئيس الحكومة ماريو دراغي من تذليل العقبات داخل الائتلاف الحاكم، حيث يعارض حزب الرابطة تعميم التلقيح الإلزامي، ويدعو إلى التخفيف من التدابير القسرية بعد أن تجاوزت التغطية اللقاحية 72 في المائة من مجموع السكان.
ولتمهيد الطريق أمام فرض التلقيح الإلزامي على جميع السكان، قال وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا، إن «الجواز الأخضر» سيمنح في مرحلة أولى أيضاً إلى الذين يخضعون للاختبارات السريعة، وإن تكاليف هذه الاختبارات ستكون على عاتق الدولة في الإدارات العامة وعلى المؤسسات في القطاع الخاص.
وجاءت تصريحات الوزير الإيطالي في اليوم التالي لاختتام مؤتمر وزراء الصحة لمجموعة العشرين، حيث اعتمدت الدول الأعضاء بالإجماع «ميثاق روما» الذي حدد هدفاً طموحاً بتلقيح 40 في المائة من سكان العالم ضد «كوفيد - 19» بحلول نهاية العام الجاري. وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي شارك في أعمال المؤتمر إلى جانب عدد من الخبراء الدوليين في الصحة العامة والعلوم الفيروسية، إن تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى مليار جرعة لقاح وتوزيعها في أقل من أربعة أشهر، مشيراً إلى أن نسبة سكان العالم الذين تناولوا دورة اللقاحات الكاملة لا تتجاوز 27 في المائة.
وقال المدير العام للمنظمة الدولية: «لا مجال للسيطرة بشكل نهائي على الوباء سوى بتعميم اللقاحات على كل بلدان العالم بأسرع وقت ممكن لمنع توطّنه وظهور متحورات جديدة. والرسالة يجب أن تكون واضحة: لا يمكن التخلّي عن أحد، والدول المقتدرة مدعوة لمساعدة الدول الضعيفة، الآن وليس غداً».
وكان وزير الصحة الإيطالي قد أوضح أن المسعى إلى تحقيق هذا الهدف لن يمرّ عبر تعليق مفاعيل براءات اختراع اللقاحات، كما كانت تطالب بعض دول المجموعة وغالبية الخبراء المشاركين في المؤتمر. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر موثوقة أن ألمانيا هي التي اعترضت بشدة على هذا الاقتراح ورفضت تضمينه الميثاق كشرط للموافقة عليه بالإجماع.
لكن خبراء منظمة الصحة يؤكدون أن تبرّع الدول الغنية باللقاحات إلى الدول الفقيرة ليس كافياً لتحقيق الهدف المنشود، وأنه لا بد من الإسراع في نقل المعارف والتكنولوجيا إلى الدول النامية لزيادة الإنتاج المحلي، خصوصاً في بلدان مثل الهند وجنوب أفريقيا وباكستان وإندونيسيا.
أما الانتقاد المباشر للاتفاق الذي توصل إليه وزراء الصحة في مجموعة العشرين، فقد جاء أمس (الثلاثاء)، في بيان مشترك صدر عن عدد من المنظمات الإنسانية الكبرى، بينها أوكسفام وأطباء بلا حدود، يعرب عن الخيبة من عدم اتخاذ المجموعة أي خطوة ملموسة وحاسمة في اتجاه تعميم توزيع اللقاحات. وجاء في البيان «أن الميثاق، بغض النظر عن إعلان النوايا بأن اللقاحات هي ممتلكات عامة دولية، لم يقدّم أي إجابة عملية للتحديات الملحة والمأساوية التي تطرحها الجائحة. العالم بحاجة إلى حلول فورية لتوزيع اللقاحات على الجميع، وليس إلى لقاحات لفئة ضئيلة دفاعاً عن مصالح ضيّقة جداً».
وفي أوّل رد على هذه الانتقادات، قال وزير الصحة الإيطالي، الذي تتولى بلاده هذه السنة الرئاسة الدورية للمجموعة، إن اجتماعاً قريباً سيعقده وزراء المال في المجموعة للبحث في السبل العملية الآيلة إلى توفير الموارد المالية اللازمة لمساعدة الدول الفقيرة. وأضاف: «لقد أدرك الجميع اليوم أن العالم بحاجة إلى أن يكون جاهزاً دوماً للتحرك بسرعة وعلى نطاق شامل من أجل التصدي للطوارئ الصحية. وقد تعهّدنا في الميثاق اختزال دورة تطوير اللقاحات والعلاجات والاختبارات الآمنة والفاعلة من 300 يوم إلى 100 يوم».

أرقام
إلى ذلك، تسبب فيروس «كورونا» في وفاة ما لا يقل عن 4.574.225 شخصاً في العالم، منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2019، حسب تعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية أمس، استناداً إلى مصادر رسميّة. وتأكدت إصابة 221.133.570 شخصاً على الأقل بالفيروس منذ ظهوره. وتعافت الغالبية العظمى من المصابين رغم أن البعض استمر في الشعور بالأعراض بعد أسابيع أو حتى أشهر.
وتستند الأرقام إلى التقارير اليومية الصادرة عن السلطات الصحية في كل بلد وتستثني المراجعات اللاحقة من قبل الوكالات الإحصائية التي تشير إلى أعداد وفيات أكبر بكثير.
وتعد منظمة الصحة العالمية، آخذةً بالاعتبار معدّل الوفيات الزائدة المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بـ«كوفيد - 19»، أن حصيلة الوباء قد تكون أكبر بمرتين أو ثلاث مرات من الحصيلة المعلنة رسمياً.
وتبقى نسبة كبيرة من الحالات الأقل خطورةً أو التي لا تظهر عليها أعراض، غير مكتشفة رغم تكثيف الفحوص في عدد كبير من الدول.
وسُجلت الاثنين 7614 وفاة إضافية و463.457 إصابة جديدة في العالم.
وبالاستناد إلى التقارير الأخيرة، فإن الدول التي سجلت أعلى عدد وفيات في حصيلاتها اليومية هي الولايات المتحدة مع 959 وفاة إضافية وروسيا (795) وإيران (635). والولايات المتحدة هي أكثر الدول تضرراً لناحية الوفيات (649.426) والإصابات (40.018.326)، وفق أرقام جامعة جونز هوبكنز. تليها البرازيل بتسجيلها 583.810 وفيات (20.899.933 إصابة)، ثم الهند مع 441.042 وفاة (33.058.843 إصابة) والمكسيك مع 263.470 وفاة (3.433.511 إصابة) وبيرو مع 198.523 وفاة (2.155.508 إصابات).


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.