مساعد وزير الخارجية الأميركي: لم نتجاهل المنطقة العربية

قال لـ«الشرق الأوسط» إن حلفاء إيران أكبر عقبة أمام ازدهار العراق... وحذّر من التطبيع مع الأسد

مساعد وزير الخارجية الأميركي جوي هود (الخارجية الأميركية)
مساعد وزير الخارجية الأميركي جوي هود (الخارجية الأميركية)
TT

مساعد وزير الخارجية الأميركي: لم نتجاهل المنطقة العربية

مساعد وزير الخارجية الأميركي جوي هود (الخارجية الأميركية)
مساعد وزير الخارجية الأميركي جوي هود (الخارجية الأميركية)

لطالما شكك كثير من المراقبين والمتابعين للسياسات الأميركية الخارجية في رغبة إدارة الرئيس جو بايدن بالانخراط بشكل مباشر فاعل في منطقة الشرق الأوسط، أو ما يسمى في وزارة الخارجية الأميركية «الشرق الأدنى»، ويمتد من أفغانستان شرقاً حتى المغرب العربي غرباً، الأمر الذي نفاه مساعد وزير الخارجية بالإنابة لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، وقال إن التزام واشنطن تجاه المنطقة «طويل الأمد عميق».
وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، أكد هود موقف الولايات المتحدة في كثير من قضايا المنطقة الذي يستند في المقام الأول إلى مصالح بلاده، ودعم الشركاء والحلفاء في تعزيز الإصلاحات، ومحاربة الفساد، ودعم حقوق الإنسان، بصفتها الإطار الكبير لهذه الإدارة في تعاملها مع دول المنطقة.
وفي الشأن السوري، أكد هود استمرار «قانون قيصر»، والقوات الأميركية في محاربة «داعش»، جنباً إلى جنب مع قوات «قسد». وحذر الدول الراغبة في تطبيع العلاقات مع نظام الأسد. أما في الشأن اللبناني، فدعا السياسيين إلى «تنحية الخلافات والاستجابة لنداء الشعب». وأكد دور العراق المهم في المنطقة، ودعم نزاهة الانتخابات المقبلة، ووقف السلاح بيد الميليشيات. وأخيراً، في الشأن الليبي، قال إن اختيار خليفة حفتر للبلاد هو أمر يقرره شعب ليبيا، داعياً القوات الأجنبية والمرتزقة كافة إلى مغادرة البلاد.. وفيما يلي نص الحوار:
> قمت بزيارة منطقة الشرق الأوسط مرات عدة، أخبرنا ما سياسة إدارة بايدن تجاه المنطقة؟
- يعيد الرئيس بايدن تنشيط الدبلوماسية الأميركية، من خلال إعادة بناء التحالفات مع شركائنا لتعزيز المصالح الأميركية في جميع أنحاء العالم. ومن مصلحتنا جميعاً النهوض بالسياسات التي تنهي الصراع، وتحارب الفساد، وتعزز حقوق الإنسان، وتخلق الوظائف، مع الحفاظ على مناخنا للأجيال المقبلة. وتتعاون الولايات المتحدة مع أصدقائنا في الشرق الأوسط لمواجهة كل هذه التحديات.
> يعتقد كثير من الناس أن الشرق الأوسط لم يعد مهماً للولايات المتحدة، هل توافق أم لا؟ ولماذا؟
- في جميع أنحاء العالم، نحن ملتزمون بإيجاد حلول دبلوماسية للنزاعات الإقليمية، وإعادة بناء التحالفات والعلاقات مع أقرب شركائنا، وإعطاء الأولوية لحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، واتخاذ خطوات لمواجهة تحدي تغير المناخ؛ كل هذه القضايا أساسية لعلاقاتنا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
والتزامنا تجاه المنطقة طويل الأمد عميق، والتزاماتنا الأمنية واضحة قوية، ولدينا اتفاقيات تجارة حرة مع المغرب والأردن وإسرائيل والبحرين وعمان، ولدينا مليارات الدولارات في التجارة والاستثمار مع دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك السعودية ومصر والكويت والإمارات وقطر. ونرى هذه العلاقة القوية ممثلة بأكثر من 70 ألف طالب من المنطقة، وما يقرب من 1.5 مليون طالب على مر السنين الماضية درسوا في الجامعات والمؤسسات الأميركية، ويتدربون ليصبحوا أطباء ومؤسسي شركات تكنولوجيا ناشئة وعلماء يجلبون الازدهار والابتكار لتطوير حياة الشعوب في المنطقة.
ولا يمكننا أن ننسى أيضاً الفوائد التي أطلقتها اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين والمغرب، ومعاهدات السلام بين إسرائيل ومصر والأردن قبلها، في حين أن هذه الاتفاقيات لا تعني أن المشكلات في المنطقة أصبحت شيئاً من الماضي، إلا أنها تفتح طرقاً مهمة للتعاون. أريد أن أؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال تعتقد أن الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء يستحقون تدابير متساوية من الحرية والأمن والازدهار والكرامة.
- سوريا
> سوريا في حالة حرب منذ 10 سنوات، ولم يتحقق أي حل، كيف رأيتها في رحلتك الأخيرة؟ وكم مرة قمت بزيارة سوريا؟
- لقد عانى الشعب السوري من معاناة لا يمكن تصورها على يد نظام بشار الأسد. وبسبب حكمه الوحشي وفساده، شهدنا كارثة إنسانية. نعتقد أن الاستقرار في سوريا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال عملية سياسية تعالج العوامل الكامنة وراء الصراع والأزمات التي نراها اليوم. إذا كانت هناك نهاية مستدامة للصراع في سوريا، يجب على نظام الأسد تغيير سلوكه.
يجب أن تمثل هذه العملية إرادة جميع السوريين، ونحن ملتزمون بالعمل مع الحلفاء والشركاء والأمم المتحدة لضمان بقاء حل سياسي دائم في متناول اليد؛ هذا هو أحد الأسباب التي دفعت الوزير، أنتوني بلينكن، إلى استضافة الاجتماع الوزاري الخاص بسوريا في 28 يونيو (حزيران)، مع وزير الخارجية الإيطالي، على هامش الاجتماع الوزاري لتحالف هزيمة «داعش»، ولذلك نستمر في تقديم الدعم للسوريين للمشاركة بفاعلية في الأمم المتحدة، ودعم العملية السياسية والجهود الدبلوماسية الأخرى لدعم قرار مجلس الأمن رقم (2254).
وقد زرت شمال شرقي سوريا في مايو (أيار) الماضي لتأكيد هذه النقاط، وعناصر أخرى من سياستنا تجاه سوريا، مع الشركاء المحليين لتحالف هزيمة «داعش». وما زلنا ملتزمين بوجودنا في الشمال الشرقي في حملة هزيمة «داعش»، بما في ذلك المساعدة في تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة.

> أعرب بعض أعضاء الكونغرس عن آرائهم بشأن سوريا، وطالبوا إدارة بايدن برفع عقوبات «قانون قيصر» المفروضة على نظام الأسد لما لها من تداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي، كيف تتعامل وزارة الخارجية مع هذا النوع من التفكير في الكونغرس؟
- لا توجد خطط لرفع أي عقوبات حالية. وتعتقد الإدارة أن «قانون قيصر» هو لحماية المدنيين في سوريا، إضافة إلى سلطات العقوبات الأميركية الأخرى، وهي أدوات مهمة لتعزيز المساءلة لنظام الأسد، بما في ذلك الفظائع التي يرتقي بعضها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وسنواصل ممارسة هذه الأدوات، ولا تستهدف عقوباتنا المتعلقة بسوريا التجارة أو المساعدة أو الأنشطة الإنسانية، بل تسعى إلى الحد من قدرة الأسد وآخرين في الحكومة السورية.
> أعلنت بعض الدول العربية عزمها على تطبيع العلاقات مع نظام الأسد مرة أخرى، فما موقف الولايات المتحدة من هذه القضية؟ وهل طلبتم من حلفائكم عدم القيام بذلك؟
- ليس لدى الولايات المتحدة أي خطط لتطوير علاقاتنا الدبلوماسية مع نظام الأسد، ولن تفكر في القيام بذلك حتى نرى تغييراً كبيراً في السلوك، والتحرك نحو حل سياسي. لقد رأينا ولاحظنا تقارير التطبيع هذه، وحثثنا دول المنطقة -وما زلنا نشدد عليها- على النظر بعناية في الفظائع التي قام بها نظام الأسد. ونتساءل: عندما يفكرون في التطبيع، هل يفعلون ذلك لصالح الشعب السوري؟ هل يفعلون ذلك لإفادة شعوبهم؟ نحن لا نرى ذلك.
- لبنان
> ما سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان؟
- ندعو قادة لبنان إلى تنحية الخلافات السياسة الحزبية جانباً، وإبداء المرونة الكافية لتشكيل حكومة مستعدة قادرة على إصلاح حقيقي جذري حتى يتمكن الشعب اللبناني من تحقيق كامل إمكاناته. الشعب يستحق حكومة بشكل عاجل لتنفيذ الإصلاحات اللازمة لإنقاذ اقتصاد البلاد المتدهور الذي يمر بأزمة بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة. لقد أوضحنا نحن والمجتمع الدولي أن الإجراءات الملموسة تظل حاسمة لإطلاق الدعم الهيكلي طويل المدى للبنان.
وأود أن أؤكد أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب اللبناني، وهو يتعافى ويعيد البناء من الأزمات المتفاقمة، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية، ووباء «كوفيد - 19»، والانفجار المروع في مرفأ بيروت. وفي الرابع من أغسطس (آب) الماضي، أعلن الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة تقدم ما يقرب من 100 مليون دولار مساعدات إنسانية إضافية للبنان، علاوة على ما يقرب من 560 مليون دولار من المساعدات الإنسانية على مدى العامين الماضيين. وستفيد هذه المساعدة الإنسانية الفئات السكانية الضعيفة، بما في ذلك اللاجئون السوريون، والمجتمعات التي تستضيفهم.
> كيف يمكن للإدارة الأميركية الحالية أن تدعم اللبنانيين لإعادة مفاوضات السلام مع إسرائيل وبحث قضايا الحدود؟
- الحدود البحرية هي قرار يتخذه كل من إسرائيل ولبنان، والولايات المتحدة على استعداد لتسهيل المفاوضات حول الحدود البحرية على الأساس السابق الذي بدأنا على أساسه هذه المناقشات.
- العراق
> يعتقد بعض العراقيين أن إدارة بايدن لم تتوافق مع الحكومة العراقية، وليست لديها أجندة واضحة لردع أنشطة إيران الخبيثة، كيف تردون على ذلك؟
- إدارة بايدن شريكة للحكومة العراقية، ونحن نقدر علاقتنا، وقد التقى الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 26 يوليو (تموز) الماضي لتعزيز علاقتنا، وعقدنا جلسة للحوار الاستراتيجي. وقبل ذلك، أرسلنا وفداً رفيع المستوى إلى العراق، ضم مستشار وزارة الخارجية الأميركية ديريك شوليت، ومنسق مجلس الأمن القومي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، ونائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط دانا سترول، وأنا. لذا، من المهم ملاحظة أن علاقتنا تتجاوز مجرد الزيارات رفيعة المستوى، والتعاون الأمني، بل نحن نتشارك مع العراق مجموعة كاملة من القضايا الثنائية، كما هو موضح في اتفاقية الإطار الاستراتيجي. وكما قلنا مرات كثيرة، فإننا نرى العراق شريكاً وثيقاً له دور قوي يلعبه في المنطقة، ونتطلع إلى مواصلة العمل نحو هدفنا المشترك المتمثل في عراق آمن مستقر مزدهر.
> ما الذي يمكن للإدارة أن تفعله لتخفيف حدة التوتر في العراق، ودعم العملية الديمقراطية في الانتخابات المقبلة؟
- نحن نؤيد عراقاً مستقراً مزدهراً ديمقراطياً موحداً، وتظل اتفاقية الإطار الاستراتيجي أساس علاقتنا الثنائية، وسنستمر في الوقوف مع أولئك الذين يسعون إلى مستقبل سلمي مزدهر للعراق. ونحن ندعم حق الشعب العراقي في التعبير عن آرائه والاحتجاج السلمي من دون خوف من العنف أو الانتقام.
أما بالنسبة للانتخابات، فإن الولايات المتحدة لا تدعم أي مرشح فردي أو حزب، بل ندعم العملية الانتخابية، ونأمل في أن نرى انتخابات حرة نزيهة في بيئة آمنة حتى يتمكن الشعب العراقي من التعبير عن إرادته في نظام ديمقراطي. ودعم الانتخابات العراقية يمثل أولوية قصوى بالنسبة لنا.
ولقد سررنا بموافقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في 27 مايو (أيار)، وتضمن بنوداً استجابت لطلب الحكومة العراقية بمراقبة الانتخابات. وقد ساهمت الولايات المتحدة بمبلغ 5.2 مليون دولار لتمويل ولاية البعثة الموسعة لمراقبة الانتخابات التي تبلغ ميزانيتها الإجمالية 15.8 مليون دولار. لذا، نأمل في أن تساعد هذه الإجراءات التي تشمل وجوداً قوياً مرئياً للأمم المتحدة، مع تغطية جغرافية واسعة، فضلاً عن تنسيق الدعم لمراقبي الطرف الثالث، في ردع الاحتيال، وزيادة الإقبال، وإعادة بناء ثقة العراقيين في ديمقراطيتهم.
> ما الذي يقلقك أكثر في العراق؟
- أكبر عقبة أمام ازدهار العراق هي الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران، والأشخاص الذين يقوضون المؤسسات العراقية وسيادة القانون.
> متى تعتقد أن القوات الأميركية ستغادر العراق؟
القوات الأميركية الموجودة حالياً في العراق جزء من التحالف لهزيمة «داعش». ويقتصر دور هذه القوات على تقديم المشورة والمساعدة، وتمكين قوات الأمن العراقية لضمان الهزيمة الدائمة لـ«داعش». وأود أن أحث القراء على التشكيك في دوافع أي منفذ يصف وجودنا بطريقة أخرى.
- ليبيا
> أعلن نجل الزعيم السابق معمر القذافي رغبته في خوض الانتخابات المقبلة، فما موقف الولايات المتحدة من ذلك؟ هل تؤيده أم لا؟
- تعد الانتخابات الوطنية الليبية، في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حاسمة للتقدم الديمقراطي والوحدة الليبية. ومن خلال السماح للشعب في جميع أنحاء البلاد بأن يكون له صوت في تشكيل مستقبل ليبيا، نعتقد أن العملية السياسية يجب أن تكون مملوكة لليبيين، وبقيادة ليبيين، وخالية من التدخل أو النفوذ الأجنبي.
الولايات المتحدة ليس لديها موقف من المرشحين المحتملين. ومع ذلك، نود التوضيح أن سيف الإسلام القذافي مُدرج بموجب قوانين الأمم المتحدة والولايات المتحدة على قائمة العقوبات، ولا يزال خاضعاً لمذكرة توقيف معلقة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لارتكاب جرائم قتل واضطهاد مدنيين.
> لطالما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها إزاء القوات التابعة لروسيا في ليبيا، لكنها لم تسلط الضوء على القوات التابعة لتركيا، هل هذا شيء ناقشته واشنطن مع أنقرة وأعضاء آخرين في «الناتو»؟
- نجري مناقشات مع الحلفاء الأوروبيين والإقليميين، والحكومة الليبية المؤقتة، والأمم المتحدة، وآخرين، حول كيفية إحراز تقدم نحو انسحاب متسلسل متوازن لجميع القوات والمقاتلين الأجانب. وقد تم تسليط الضوء على القضايا المتعلقة بخفض التصعيد العسكري في مؤتمر برلين الثاني، وبينما لا تزال هناك مناقشات ثنائية مفيدة حول كيفية البدء في تفعيل مغادرة المقاتلين الأجانب، لا يزال تورط روسيا المزعزع للاستقرار في الصراع الليبي مصدر قلق خاص للولايات المتحدة.
وقد دعت اتفاقية وقف إطلاق النار الليبية، الموقعة في 23 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020، إلى انسحاب المقاتلين والمرتزقة الأجانب، ويشمل ذلك المرتزقة الروس، والقوات التركية، وجميع القوات العسكرية الأجنبية والمرتزقة والوكلاء والمقاتلين الأجانب، بمن فيهم أولئك القادمون من سوريا وتشاد والسودان، ونهاية أي تدخل عسكري أجنبي. يجب على جميع الأطراف المشاركة في النزاع احترام اتفاق وقف إطلاق النار على مستوى البلاد.
> ما رؤية الولايات المتحدة لدعم الليبيين لإنهاء الحرب، وإعادة توحيد ليبيا، بعد مخرجات برلين وجنيف؟
- إن هدف الولايات المتحدة هو إقامة ليبيا ذات سيادة مستقرة موحدة آمنة من دون تدخل أجنبي، وحكومة منتخبة ديمقراطياً تدعم حقوق الإنسان والتنمية، قادرة على محاربة الإرهاب داخل حدودها. ونحن نعمل على زيادة تركيزنا الدبلوماسي على دعم التقدم في ليبيا، بما في ذلك من خلال عمل المبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند.
ويتعين على قادة ليبيا القيام باستعدادات أساسية لضمان نجاح الانتخابات على مستوى البلاد، بما في ذلك تحديد الأساس الدستوري وقانون الانتخابات الذي سيحكمهم.
> هل ستدعم إدارة بايدن الجنرال حفتر إذا ترشح للانتخابات المقبلة؟ هل تقبلون التعامل معه؟
- إذا اختار خليفة حفتر الانخراط الحقيقي في العملية السياسية، فسيحدد الليبيون أنفسهم ما إذا كان هناك دور يلعبه في مستقبل البلاد.
> تسعى الحكومة الليبية الحالية لإعادة بعض الأموال التي جُمدت في الولايات المتحدة والغرب منذ اندلاع الثورة، هل لديك أي معلومات عن هذا الأمر؟
- تؤيد الولايات المتحدة نية مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضمان إتاحة الأصول المجمدة الليبية، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1970 (المعتمد في 2011) للشعب الليبي ولصالحه. وفي 15 يوليو (تموز) الماضي، أكد مجلس الأمن من جديد عزمه على ضمان توفير هذه الأصول «في مرحلة لاحقة» لصالح الشعب الليبي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.