بعد 40 عاماً... «آبا» تستعد لمفاجأة جمهورها بعودة مدوّية

أعضاء الفرقة التقوا في أواخر الستينات وحقّقوا نجاحاً عالمياً بعد فوزهم بمسابقة «يوروفيجن» سنة 1974 (أ.ف.ب)
أعضاء الفرقة التقوا في أواخر الستينات وحقّقوا نجاحاً عالمياً بعد فوزهم بمسابقة «يوروفيجن» سنة 1974 (أ.ف.ب)
TT

بعد 40 عاماً... «آبا» تستعد لمفاجأة جمهورها بعودة مدوّية

أعضاء الفرقة التقوا في أواخر الستينات وحقّقوا نجاحاً عالمياً بعد فوزهم بمسابقة «يوروفيجن» سنة 1974 (أ.ف.ب)
أعضاء الفرقة التقوا في أواخر الستينات وحقّقوا نجاحاً عالمياً بعد فوزهم بمسابقة «يوروفيجن» سنة 1974 (أ.ف.ب)

انفرط عقد «آبا» قبل 40 عاماً، تاركة محبيها في حزن شديد، غير أن الفرقة تتعهد بمفاجأة «تاريخية» اليوم (الخميس) تشمل، بحسب وسائل إعلام، أغنيات جديدة وجولة بالهولوغرام، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وعبر «تويتر»، شكر الأعضاء الأربعة للفرقة؛ المؤلَّف اسمها من الحرف الأول من اسم كلّ فرد فيها: أنييتا فالتسكوغ (71 عاماً) وبيورن أولفاوس (76 عاماً) وبيني أندرسون (74 عاما) وأني فريد لينغستاد (75 عاماً)، محبّيهم على طول انتظارهم مع الإشارة في عبارة يلفّها الغموض إلى أن «الرحلة على وشك أن تبدأ».
وهم تعهدوا بإعلان «خاص» على «يوتيوب» عند الساعة 16:45 بتوقيت غرينيتش، بعدما أثاروا فضول جمهورهم في الأيام الأخيرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومن خلال لافتات ضوئية نُشرت في أنحاء لندن.
وفي هذه المناسبة، تنظّم مجموعة الإنتاج الموسيقي «بوليدور» حدثاً في برج بشرق العاصمة البريطانية.
وبحسب صحيفة «ذي صن»، تستعدّ الفرقة، صاحبة الأغنيات الضاربة: «غيمي! غيمي! غيمي! (إيه مان آفتر ميدنايت)» و«دانسينغ كوين» و«ماني، ماني، ماني»، لإصدار أغنيات جديدة ولإطلاق عرض مسرحي يبدأ في مايو (أيار) المقبل في مسرح يتّسع لثلاثة آلاف شخص جُهّز خصيصاً لهذا الغرض في شرق لندن.
وفي أبريل (نيسان) 2018، أعلنت الفرقة السابقة أنها عادت إلى الاستوديو للمرة الأولى منذ 4 عقود وسجّلت أغنيتين هما: «آي ستيل هاف فايث إن يو» و«دونت شات مي داون».
لكنها ما انفكّت ترجئ موعد كشف الأعمال الجديدة التي قال بعض أعضائها في مقابلات إن عددها بلغ 5، وأتت الأزمة الصحية لتعقّد الأمور.
وكشف بيورن أولفاوس، الوجه البارز في هذه الفرقة الرباعية، في تصريحات أدلى بها منذ فترة، أن أغنيات ستطرح قبل نهاية عام 2021.
وقال في مايو الماضي لصحيفة «ذي هيرالد صن» الأسترالية: «ستُطرح أعمال موسيقية جديدة هذه السنة. والأمر أكيد. ولم تعد المسألة تقضي بمعرفة إن كان الأمر سيحدث، فهو سيحدث».
وكانت «آبا» قد تعهدت قبل سنوات عدّة بتقديم جولة بالهولوغرام من المزمع كشف تفاصيلها اليوم.
ومنذ انفصال الفرقة بعد طلاق فالتسكوغ وأولفاوس من جهة وأندرسون ولينغستاد من جهة أخرى، خاض الفنانون مسيرات انفرادية كانت نشطة نسبياً، لكنهم حرصوا على البقاء بعيدين عن الأضواء.
وهم كانوا قد التقوا في أواخر الستينات وحقّقوا نجاحاً عالمياً بعد فوزهم بمسابقة «يوروفيجن» عام 1974 مع أغنية «ووترلو» وبيعت عشرات ملايين النسخ من أسطواناتهم.
ولم تصدر «آبا»، منذ آخر ألبوم لها في الاستوديو عام 1981 وانفصالها عام 1982، أي عمل جديد.
لكن الشعلة لم تنطفئ يوماً، فمجموعة «آبا غولد» المؤلفة من أفضل أغنيات الفرقة التي صدرت عام 1992 باتت من الألبومات الأكثر مبيعاً في العالم. وجذب الاستعراض الموسيقي «ماما ميا» والأفلام المنبثقة منه جيلاً جديداً من المعجبين لم يكن قد أبصر النور في ذروة شهرة الفرقة في السبعينات.
وأصبحت «آبا غولد» في يوليو (تموز) أول أسطوانة تبقى ألف أسبوع في قوائم الأعمال الموسيقية الأكثر مبيعاً في بريطانيا.



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».