موازين القوى في الجيش تنقسم بين هادي والحوثيين وصالح

4 مناطق عسكرية خاضعة للرئيس.. مقابل 3 لـ {أنصار الله}

عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي
عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي
TT

موازين القوى في الجيش تنقسم بين هادي والحوثيين وصالح

عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي
عبد الله صالح، عبد الملك الحوثي، والرئيس عبد ربه منصور هادي

انقسم الجيش اليمني منذ أحداث حروب عمران وحتى الانقلاب الحوثي، إلى فصيلين رئيسين؛ الأول في صنعاء والمحافظات الشمالية، ويخضع لسيطرة جماعة الحوثيين المتمردة وحليفهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والثاني في المحافظات الجنوبية والشرقي، التي لا تزال بعيدة عن سيطرة الحوثيين وتخضع للرئيس عبد ربه منصور هادي.
واستغل الحوثيون الوضع الهش لتركيبة الجيش اليمني القائمة على الولاء الشخصي، منذ 3 عقود، ليتمكنوا من استقطاب قيادات عسكرية وأمنية سهلت لهم الطريق للسيطرة على المدن والعاصمة صنعاء ومعسكرات الجيش والأمن.
بحسب مصادر عسكرية، فإن الخريطة العسكرية للجيش تغيرت منذ عدة سنوات، حيث تركزت القوات والألوية الحديثة التسليح في العاصمة صنعاء وكانت خاضعة للرئيس السابق ونجله العميد أحمد، وهي قوات تمتلك أسلحة نوعية ومتطورة وتلقى أفرادها تدريبات خاصة بعضها تحت إشراف الولايات المتحدة الأميركية، وتتوزع تشكيلات منها في عدة مدن بالوسط والجنوب خاصة في المناطق الاقتصادية ذات منابع النفط والغاز، وتؤكد المصادر العسكرية أن المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين تخضع بشكل مباشر لقادة معسكرات الحرس الجمهوري المؤيدة لصالح، فيما تعرضت الوحدات العسكرية في المناطق الجنوبية والشرقية في كل من حضرموت وأبين وشبوة، إلى حرب استنزاف منذ عدة سنوات جراء الهجمات التي تعرضت لها من قبل تنظيم القاعدة وقتل فيها العشرات من ضباطها وجنودها.
ويقول ضابط عسكري في المنطقة الجنوبية إن جميع الوحدات العسكرية في الجنوب والشرق تمتلك أسلحة ثقيلة قادرة على مواجهة الحوثيين في أي لحظة، ولفت الضابط الذي طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية، إلى أن هناك ألوية عسكرية في الشمال لا تزال تحت إمرة وزير الدفاع محمود الصبيحي، وأغلب منتسبيها يرفضون الانقلاب الحوثي، لكنهم فضلوا الصمت خشية تحول البلاد إلى ميدان لحرب أهلية، إضافة إلى خيانة قيادات سابقة وقيادة بعض المعسكرات لصالح الحوثيين والرئيس السابق.
ومع انتقال هادي ووزير دفاعه الصبيحي إلى عدن، سارعا إلى إعادة تشكيل وترتيب الوحدات العسكرية والأمنية، وفتح باب التجنيد، والاستعانة باللجان الشعبية التي شكلها هادي عام 2012. وبحسب مصادر عسكرية، فإن أغلب جنود المعسكرات في الجنوب ينتمون إلى المحافظات الشمالية وهو ما جعلهم مشكوكا في ولائهم لوزير الدفاع.
ويتوزع الجيش اليمني على 7 مناطق عسكرية؛ 3 في الشمال، و4 في الجنوب والشرق، وهي مقسمة بين قيادة هادي، وقيادة الحوثيين وحليفهم صالح، فالأول تخضع له المنطقة العسكرية الأولى ومقر قيادتها في مدينة سيئون، والمنطقة العسكرية الثانية ومقر قيادتها في مدينة المكلا، والمنطقة العسكرية الثالثة ومقر قيادتها في مدينة مأرب، وتمتد إلى محافظة شبوة الجنوبية والجوف في الشمال الشرقي، ومنذ عدة أشهر يرابط آلاف المقاتلين من قبائل محافظة مأرب النفطية لمواجهة الحوثيين الذين يتربص مسلحوهم على تخومها، أما المنطقة العسكرية الرابعة ومقر قيادتها في مدينة عدن، فهي من أهم المناطق العسكرية الخاضعة لهادي ووزير دفاعه، التي نجحت أمس في إنهاء تمرد قوات الأمن الخاصة الموالية لصالح في عدن، وتضم المنطقة العسكرية عدة ألوية ومعسكرات تمتلك أقوى الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ويمتد نفوذها إلى محافظة تعز وسط البلاد، وفيها أكبر قاعدة عسكرية في البلاد، وهي قاعدة العند في محافظة لحج المحاذية لعدن.
أما الحوثيون وحلفاؤهم فتقع تحت سيطرتهم، المنطقة العسكرية الخامسة ومقر قيادتها في مدينة الحديدة غرب البلاد، والمنطقة العسكرية السادسة ومقر قيادتها في مدينة عمران التي كانت أول مدينة تسقط في أيديهم وتمكنوا فيها من قتل القائد العسكري البارز العميد حميد القشيبي قائد لواء «310»، بمساعدة من معسكرات موالية للرئيس السابق، وأصبحت جميع الألوية والأسلحة الخاصة بالمنطق العسكرية تحت سيطرتهم ونقلوا أغلبها إلى معقلهم في صعدة، أقصى شمال البلاد، إضافة إلى أنهم يسيطرون على المنطقة العسكرية السابعة ومقر قيادتها في مدينة ذمار وسط البلاد، وفيها معسكرات وأسلحة نوعية بعضها تابع لقوات الحرس الجمهوري الموالي لصالح.
وتتكون قيادة الجيش بحسب الهيكلة العسكرية التي صدرت عام 2012، من الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مجلس الدفاع الوطني، يليه وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي الذي انشق عن الحوثيين وتمكن من الفرار من صنعاء، إلى عدن، حيث يقود الوحدات العسكرية التي لا تزال موالية لشرعية هادي وأغلبها في الجنوب والشرق. أما رئيس هيئة الأركان العامة، العميد الركن حسين خيران، فهو موال للحوثيين ويدير الوحدات العسكرية الخاضعة لهم بما فيها القوات الجوية، لكن مصادر عسكرية أكدت أن نائب رئيس هيئة الأركان، اللواء زكريا الشامى، وهو من القيادات الحوثية وهو القائد الفعلي للجيش بصورة مباشرة، ويشرف على إدارة شؤون وزارة الدفاع في صنعاء، وخلال الفترة القصيرة التي عين فيها منذ نهاية العام الماضي إلى اليوم، سعى إلى تمكين جماعته من السيطرة على معظم المناصب القيادية في عدد من المعسكرات والقوات في المحافظات الشمالية أهمها تسهيل سيطرتهم على قوات النخبة في معسكرات الصباحة بنهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، وهي أقوى المعسكرات وتمتلك أسلحة نوعية حديثة وجنودا مدربين على العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب. وتشير المصادر العسكرية إلى أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح يتقاسم إدارة معسكرات الجيش والوحدات الأمنية، عبر منظومته العسكرية التي بناها طوال سنوات حكمه الـ34. واستدلت المصادر التي طلبت إخفاء هويتها لأسباب أمنية، بأن سقوط المعسكرات والمدن في الشمال، كان بتوجيهات مباشرة من صالح وأقاربه الذين كانوا يديرون أجهزة الجيش والمخابرات والأمن، ولا يزالون يحتفظون بمعسكرات ومخازن أسلحة ضخمة، في مسقط رأسهم في مديرية سنحان بصنعاء بمنطقة تسمى «ريمة حميد»، وأكدت المصادر أن الحوثيين لم يكن بمقدورهم السيطرة على المدن والعاصمة صنعاء، لولا مساعدة ودعم وتوجيهات مباشرة من صالح للموالين له في المعسكرات والمناطق القبلية والسلطات المحلية، بهدف عودته للحكم تحت غطاء الحوثيين.
وتتوزع ألوية الجيش إلى وحدات مدفعية ودبابات ومدرعات ومشاة ميكانيك، ودفاع جوي وألوية صواريخ، أغلبها تتركز في صنعاء، والمناطق النفطية، وقد ذكر تقرير لمركز «أبعاد» أن الحوثيين باتوا يمتلكون أكثر من 70 في المائة من قدرات الجيش اليمني، وكان ذلك قبل سقوط معسكرات الحرس الرئاسي والقوات الخاصة في صنعاء، وقد ارتفعت النسبة إلى أكثر من ذلك، وبحسب التقرير، فإن الجماعة تمتلك 120 دبابة من نوع «T55 - T62»، ونحو 70 مدرعة (BTR – BMB).20 مدفع «شيلكا» و«هاوتزر» ذاتي الحركة، ونحو 10 عربات «كاتيوشا»، وما يقرب من 100 صاروخ (بين حراري مضاد للطيران و«غراد» بر - بر)، وأكثر من 100 مدرعة تحمل رشاشات ثقيلة ومتوسطة، إلى جانب مئات الأطقم العسكرية وعشرات المخازن للذخيرة الحية.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت قبل أيام إحصائية خاصة بالقوات الجوية اليمنية؛ حيث أوضحت أنها تمتلك أكثر من 120 طائرة عسكرية متنوعة، في إطار 10 أسراب، كل سرب يضم 12 طائرة، وتتركز معظمها في قاعدة الديلمي بصنعاء فيما تتوزع البقية على القواعد الجوية في محافظات أخرى، حيث يوجد في صنعاء سربان من نوع «ميغ 29»، بعدد 12 طائرة، وسرب في قاعدة العند بالجنوب، و4 أسراب من نوع «سيخوي» بعدد 48 طائرة، منها 3 أسراب في صنعاء، وسرب في الحديدة، أما طائرات «ميغ 21» فتضم سربين في مدينة الحديدة، بعدد 24 طائرة، كما تمتلك 10 مروحيات في صنعاء، وواحدة في الحديدة، وواحدة في الريان بحضرموت، إضافة إلى طائرات شحن من نوع «يوشن» العملاقة، وطائرات صغيرة من نوع «أنتونوف» تستخدم للمهمات اللوجيستية.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.