السودان يدشن خطة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر

وزير العدل يؤكد التعاون مع المنظمات الدولية لتحقيق الهدف

TT

السودان يدشن خطة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر

أعلن وزير العدل السوداني، نصر الدين عبد الباري، أن الحكومة الانتقالية في البلاد ملتزمة بالتصدي لكل الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر وجميع أشكال استغلال الإنسان، فيما أشاد الاتحاد الأوروبي بالجهود التي تبذلها السلطات السودانية في حماية الضحايا وتطبيق القانون في مواجهة هذه التجارة البشعة.
ودشنت الحكومة السودانية أمس خطة العمل الثلاثية لمكافحة الاتجار بالبشر التي نظمتها لجنة وطنية بالشراكة مع مشروع تحسين إدارة الهجرة، الذي يهدف إلى تقليل عدد الأشخاص المعرضين للاستغلال، فضلاً عن دعم ضحايا الاتجار وتحقيق العدالة الجنائية. وقال عبد الباري: «ليس هناك إنسان أقل إنسانية من الإنسان الآخر». وأضاف: «يجب على الحكومة السودانية توفير الحماية للبشر والمساواة بينهم والتركيز على التدابير القانونية وتكثيف التعاون بين أجهزة تطبيق العدالة».
وأشار إلى أنه خلال العام الماضي تمكن السودان من الخروج من قائمة المستوى الثاني الأدنى إلى المستوى الثاني الأعلى من الاتجار بالبشر. ودعا وزير العدل إلى ضرورة تكثيف الجهود والتعاون على المستوى المحلي والعالمي والعمل على تعزيز الأطر القانونية للتمكن من التصدي لجرائم الاتجار بالبشر الذي جاء نتيجة للأزمات الاقتصادية والاستبداد السياسي. وأكد الاستمرار في التعاون مع المنظمات الدولية التي تهدف إلى صيانة كرامة الإنسان. وأثنى عبد الباري على الشركاء الدوليين من الاتحاد الأوروبي والتعاون الألماني والمجلس البريطاني والسفارة الأميركية على الجهد والتعاون مع اللجنة الوطنية السودانية.
من جانبه، أكد سفير الاتحاد الأوروبي، روبرت فان دوون، أن هنالك إنجازات ومجهودات قام بها السودان في مجال مكافحة الاتجار بالبشر بالتحقيق والمحاكمات مع تجار البشر وحماية الضحايا، مؤكداً دعم الاتحاد الأوروبي للسودان في هذا الشأن. وقال دوون إن هنالك حوالي 40 مليون شخص هم ضحايا الاتجار بالبشر يتعرضون لأسوأ تعامل وتصادر جوازاتهم. وأشار السفير الأوروبي إلى أن السودان دولة عبور بحكم الموقع الجغرافي وأن الهدف من البرنامج هو تمكين المؤسسات الوطنية بتيسير هجرة آمنة وشرعية ومحاربة الهجرة غير الشرعية والتركيز على الحماية وتوسيع فرص كسب العيش.
ومن جانبها، قالت وكيل وزارة العدل رئيسة اللجنة، سهام عثمان محمد، إن اللجنة ستعمل على تنفيذ الخطة الوطنية تلبية لمتطلبات المرحلة. وأضافت أن السودان يتوسط أكثر المناطق نشاطاً في المنطقة ويعد موطناً للفارين من ويلات الحروب ويستقبل ملايين المهاجرين واللاجئين برغم الظروف التي يعاني منها. وأوضحت سهام عثمان أن الخطة الثلاثية شارك فيها العديد من المؤسسات، وركزت على المنع والحماية والملاحقة الجنائية. وأشارت إلى أهمية توفير الدور الآمن لضحايا الاتجار بالبشر الذين يحتاجون إلى تأهيل الكوادر وإنشاء لجان فرعية بالولايات.
من جانبه، قال مدير إدارة الدعاوى بالسفارة الألمانية بالخرطوم، أوليفر فوقل، إن التحدي الأساسي هو تيسير الهجرة الآمنة ومكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة وأن تدشين الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر يعتبر خطوة. ودعا إلى تضافر الجهود المحلية والدولية لحفظ حقوق المهاجرين ومساعدتهم، قائلاً: «نحن مصرون على مساعدة السودان في عمليات التدريب والدعم النفسي للضحايا».
وكان وزير العدل السوداني قد بحث في 23 من أغسطس (آب) مع مديرة بعثة منظمة الهجرة الدولية، كاثرين نورثينق، التعاون لتنظيم الهجرة ومعالجة قضايا ومشكلات المهاجرين. وشرعت المنظمة الدولية في برنامج لمساعدة السودانيين للعودة الطوعية إلى البلاد من الدول التي تدور فيها نزاعات أو حروب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.