التعليم الإلكتروني في السعودية... قصة بدأت بالتخطيط ونضجت بعد الجائحة

من طوق نجاة لتفادي «كورونا» إلى خيار داعم للدراسة

جانب من فعاليات أول أيام الدراسة في مدرسة بالمدينة المنورة (واس)
جانب من فعاليات أول أيام الدراسة في مدرسة بالمدينة المنورة (واس)
TT

التعليم الإلكتروني في السعودية... قصة بدأت بالتخطيط ونضجت بعد الجائحة

جانب من فعاليات أول أيام الدراسة في مدرسة بالمدينة المنورة (واس)
جانب من فعاليات أول أيام الدراسة في مدرسة بالمدينة المنورة (واس)

بدأ التعليم الإلكتروني في السعودية كخطة مستقبلية، ثم تحوّل لحاجة ملحة بسبب جائحة كورونا، واليوم يمر بمرحلة نضج التجربة. فالتعليم عن بُعد صار خياراً في حالات معينة، مثل الصفوف الأولية التي ستبدأ عامها الجديد إلكترونياً، ثم تنتقل للدراسة الحضورية برفقة بقية مراحل التعليم العام والتعليم الجامعي في البلاد.
وفي حين تأثرت كثير من دول العالم بتداعيات الجائحة في العام الدراسي المنصرم، كانت السعودية تقاوم فكرة حرمان الطلاب من التعليم باستخدام كافة الوسائل التقنية الحديثة، اعتماداً على بنية تحتية داعمة وتكامل لمنظومة التعليم الإلكتروني، الأمر الذي دفعها لاجتياز هذا الامتحان الصعب بنجاح باهر.
يوضح الدكتور محمد الحجيلان، الأستاذ المشارك لتقنية المعلومات وإدارة التعليم الإلكتروني في جامعة الملك سعود بالرياض، أن استجابة الوزارة لتفعيل التعليم الإلكتروني كانت سريعة عبر إنشاء إدارة التعلم الإلكتروني التي تلت التحوّل الرقمي بالوزارة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا التحرك انبثق من «رؤية 2030»، إذ أصبح الهيكل الإداري في الوزارة يساعد على التخطيط ودعم إنجاح هذا التقدم الإلكتروني بالجودة المطلوبة. وأكد أن جائحة «كورونا» اختزلت الكثير من الخطوات في خطوة قصيرة، وهو ما يعتبره أمراً إيجابياً تجاه أي خطط مستقبلية.
وأفاد الحجيلان أن ارتفاع جودة الموارد البشرية السعودية، مقارنة ببلدان أخرى، دفع هذا الحراك الرقمي، وهو ما يراه نتائج قطف ثمار برامج الابتعاث السابقة التي أوجدت إمكانات كبيرة في مجالات تساعد على التعلم الإلكتروني، من الجوانب التقنية أو التربوية.
ويؤكد الدكتور صالح العطيوي، وهو أستاذ تقنية التعليم وإدارة المشاريع البرمجية في جامعة الملك سعود بالرياض، أن السعودية تعد من الدول الريادية في تطبيق تقنية المعلومات والاتصالات في جميع المجالات ومنها تطبيقها في بيئات التعلم المتنوعة.
وذكّر العطيوي بأن بداية جائحة «كورونا»، التي تسببت بإيقاف أو شبه إيقاف للتعليم الحضوري في العالم، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» بأن جميع الدول سعت إلى «بذل قصارى جهدها للبحث عن الحلول لهذه الأزمة غير المتوقعة، وكانت المملكة من الدول التي سعت إلى معالجة هذه الأزمة وتقليص انتشار الوباء»، لافتاً إلى استحداث وزارة التعليم السعودية إدارة تهتم بالتعلم الإلكتروني، مع سعيها إلى إيجاد الحلول اللازمة في خلق بيئات تعلم عن بُعد تدعم التعليم العام، ومتابعة سير العملية التعليمية. وقال إن «الإدارة (الجديدة) بذلت جهوداً متميزة للحد من معوقات وآثار هذه الأزمة، وهذا ما أكدته الدراسات التي قدمتها الجمعيات ومراكز الأبحاث العالمية، إذ اعتبرت المملكة أنموذجاً عربياً يحتذى به».
ويشير أستاذ تقنية التعليم إلى اختلاف بين إيجاد الحلول المناسبة للأزمات وتقليل الآثار منها باستخدام الأدوات الإلكترونية والتعليم عن بعد. ويشرح ذلك بالقول: «هذا النوع تم التخطيط له بطريقة صحيحة من جميع الاحتياجات التي تطلبها البيئة الإلكترونية عن بعد، والمتعلم والمعلم، وفي حالة الفشل في تحقيق الأهداف يكون فشل في التعليم عن بعد».
أما عن استخدام الأدوات الإلكترونية في التعليم عن بعد لحل هذه الأزمة، يرى العطيوي: «تعتبر الوزارة حققت نتائج رغم أن العالم لم يكن لديه القدرة على التنبؤ بآثارها لانعدام المعلومات المتوفرة لدية، لأن الطالب على الأقل لم يكن بعيداً عن العملية التعليمية».
ووفقاً لإحصاءات التعليم عن بُعد في السعودية في العام الدراسي المنصرم، فإن عدد الفصول الافتراضية التي تم إنشاؤها في منصة «مدرستي» التابعة لوزارة التعليم، تجاوز الـ101 مليون فصل يومياً، في حين بلغت استجابات المعلمين ما فوق الـ108 ملايين استجابة.
وتظهر الإحصائية التي أصدرتها وزارة التعليم أن عدد الاختبارات المسندة للطلاب والطالبات عن بُعد خلال العام الدراسي الماضي تجاوزت 107 ملايين اختبار يومياً، بمتوسط حل يقارب 700 مليون، أما عدد الواجبات المسندة للطلاب والطالبات فبلغ 83.2 مليون واجب يومياً، بما يفوق 12 مليار لمتوسط الحل.
ورغم هذه الأرقام المليونية، فإن بعض طلاب التعليم العام لم يلتحقوا بمنصة «مدرستي»، وهو ما أرجعته وزارة التعليم في تقريرها الإحصائي لعدة أسباب منها عدم توفر اتصال بشبكة الإنترنت، أو تعذر الوصول إلى قنوات «عين» التعليمية لأسباب صحية أو نفسية أو تقنية.
وتتويجاً لهذه الجهود، جاء اختيار تجربة السعودية في التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد أثناء جائحة كورونا من قبل منظمة اليونيسكو، لتوثيقها ونشرها واعتمادها كأحد أفضل الممارسات العالمية في التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد، وتأتي المملكة من ضمن أفضل أربع دول وهي: فنلندا، والصين، وكوريا الجنوبية، والسعودية.



المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

TT

المرتزقة في ليبيا... عصف الحرب المأكول

بعد 9 أشهر من الحرب التي شنها قائد «الجيش الوطني الليبي»، المشير خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، في 4 أبريل (نيسان) 2019، مدعوماً بمقاتلين من مجموعة «فاغنر» الروسية، دفعت أنقرة بمرتزقة ينتمون لمجموعات سورية معارضة، أبرزها فصيل «السلطان مراد»، الذي غالبية عناصره من تركمان سوريا، إلى ليبيا. وبعد اقتتال دام 14 شهراً، نجحت القوات التابعة لحكومة فايز السراج، في إجبار قوات «الجيش الوطني» على التراجع خارج الحدود الإدارية لطرابلس.

وفي تحقيق لـ«الشرق الأوسط» تجري أحداثه بين ليبيا وسوريا والسودان وتشاد ومصر، تكشف شهادات موثقة، كيف انخرط مقاتلون من تلك البلدان في حرب ليست حربهم، لأسباب تتراوح بين «آيديولوجية قتالية»، أو «ترغيب مالي»، وكيف انتهى بعضهم محتجزين في قواعد عسكرية بليبيا، وأضحوا الحلقة الأضعف بعدما كان دورهم محورياً في بداية الصراع.

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن عدد عناصر «المرتزقة السوريين» في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقاً، لكن فرّ منهم نحو 3 آلاف وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا.

مرتزقة الحرب الليبية.. وقود المعارك وعبء الانتصارات والهزائم