اتهام إسرائيل باستخدام «القوة المميتة» ضد أطفال فلسطين

حركة عالمية تحدثت عن استهداف ممنهج للأجزاء العليا

أم مع أطفالها تتفقد بيتها في بيت حانون بعد قصف إسرائيلي للجوار أمس (رويترز)
أم مع أطفالها تتفقد بيتها في بيت حانون بعد قصف إسرائيلي للجوار أمس (رويترز)
TT

اتهام إسرائيل باستخدام «القوة المميتة» ضد أطفال فلسطين

أم مع أطفالها تتفقد بيتها في بيت حانون بعد قصف إسرائيلي للجوار أمس (رويترز)
أم مع أطفالها تتفقد بيتها في بيت حانون بعد قصف إسرائيلي للجوار أمس (رويترز)

اتهمت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (فرع فلسطين)، قوات الاحتلال الإسرائيلي، باستهداف الأجزاء العليا من الجسد بشكل ممنهج بدون وجود أي تهديد مباشر.
وقالت الحركة في بيان: «إن المعطيات التي تجمعها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال من الميدان، تشير إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، تستهدف الأجزاء العليا من الجسد بشكل ممنهج عند إطلاقها النار صوب الأطفال الفلسطينيين، إما بقصد القتل أو بقصد ترك عاهة دائمة، وأن الاستخدام المفرط للقوة هو القاعدة، وأن الإفلات الممنهج من العقاب يعرض الأطفال الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال للقتل في أي لحظة، دون محاسبة للقتلة».
وأضافت الحركة العالمية، «أنه بموجب القانون الدولي، لا يمكن تبرير القوة المميتة المتعمدة إلا في الظروف التي يوجد فيها تهديد مباشر للحياة أو إصابة خطيرة، ومع ذلك فإن التحقيقات والأدلة تشير بانتظام إلى أن قوات الاحتلال تستخدم القوة المميتة ضد الأطفال الفلسطينيين في ظروف قد ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد، حيث تصنف كانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وفق اتفاقية جنيف الرابعة وكجرائم حرب وضد الإنسانية، وفق نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية».
وجاء في البيان: «إنه في الرابع والعشرين من شهر أغسطس (آب) 2021، قتلت قوات الاحتلال الطفل عماد حشاش (15 عاماً) من مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس، بعد أن أطلقت النار عليه أثناء تواجده على سطح منزله خلال اقتحامها المخيم، في حوالي الساعة الثالثة من فجر ذلك اليوم، والرصاصة التي قتلت الطفل حشاش أصابته في أنفه وخرجت من رأسه من الخلف، تاركة أجزاء من دماغه وقد تناثرت على سطح المنزل».
وروى شاهد عيان للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، أنه شاهد الطفل حشاش وهو يحاول تصوير جنود الاحتلال بواسطة هاتفه النقال خلال اقتحامهم المخيم، من سطح منزله، وأنه كان يسمع أصوات إطلاق نار متقطع، وشاهد عشرات الجنود وهم ينسحبون من المخيم وكان بعضهم يأخذ وضعية القرفصاء (القنص) خلال ذلك.
وأضاف شاهد العيان: «سمعت صوت طلق ناري، لم أعد أعي ما يجري وبعد ثوان قليلة سمعت صوت صراخ على سطح منزل الطفل عماد، نزلت عن سطح منزلي، الذي يبعد حوالي 7 أمتار عن منزل عائلة الطفل عماد، إلى الشارع، وقد قام أحد جنود الاحتلال بإطلاق قنبلة غاز وقتها، وعندها شاهدت عددا من المواطنين وهم يحاولون إخراج الطفل عماد من المنزل، توجهت لجلب مركبة وعندما عدت كانوا قد أخرجوه، وبعد حوالي نصف ساعة علمت أنه استشهد».
وفي قطاع غزة، أعلن السبت، عن أن الطفل عمر أبو النيل (13 عاماً)، قضى متأثراً بإصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الحادي والعشرين من أغسطس، مقابل مخيم العودة بمنطقة ملكة الحدودية شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة. والطفل أبو النيل أصيب بعيار حي في رقبته، خلال قمع قوات الاحتلال المتمركزة خلف السياج الحدودي بمنطقة ملكة الحدودية، للمشاركين في مهرجان مركزي أقيم في تلك المنطقة إحياءً للذكرى الـ52 لإحراق المسجد الأقصى، تطور إلى مواجهات.
وقد أصيب أيضاً في ذلك اليوم 41 مواطناً بينهم 22 طفلاً وصفت معظم إصاباتهم ما بين طفيفة ومتوسطة، باستثناء حالتين إحداهما الطفل أبو النيل، والثانية للمواطن أسامة أدعيج (32 عاماً) من سكان مخيم جباليا، الذي أصيب بعيار حي بالساق الأيسر ووصفت حالته بالخطيرة، وقد أعلن عن استشهاده متأثراً بإصابته في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. وحسب ما أفادت به مصادر طبية للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإن عملية إنعاش للقلب أجريت للطفل أبو النيل لحظة وصوله المستشفى، ومن ثم تم إدخاله للعناية المكثفة بمستشفى الشفاء بغزة، وكانت حالته حرجة جداً.
ووفق رواية أحد شهود العيان للحركة العالمية، فإن الطفل أبو النيل كان يقف على مسافة تتراوح ما بين 70 و100 متر من السياج الفاصل، وكان يراقب الأحداث والمواجهات، وقد أصيب بعيار حي في رقبته في حوالي الساعة 5:30 من مساء ذلك اليوم.
وقتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري وحتى اليوم، 74 طفلاً فلسطينياً، 61 منهم في قطاع غزة و13 في الضفة الغربية، ونادراً ما تُحاسَب قوات الاحتلال على الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال الفلسطينيين، بما في ذلك القتل غير القانوني والاستخدام المفرط للقوة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».