فرض رسوم على تصوير شوارع القاهرة فنياً يُثير غضبة

العاصمة حددت مقابلاً يقدر بـ6 آلاف دولار في اليوم

شوارع العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
شوارع العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

فرض رسوم على تصوير شوارع القاهرة فنياً يُثير غضبة

شوارع العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
شوارع العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ما إن أعلن محافظ القاهرة عن فرض رسوم تصوير الإعلانات والمشاهد السينمائية في شوارع وأبنية وأنفاق وجراجات العاصمة المصرية، مساء أول من أمس، حتى أعرب فنانون ومخرجون ومنتجون عن غضبهم وصدمتهم من القرار الذي وصفوه بأنه «غير منطقي»، و«يحارب صناعة السينما».
وأعلنت محافظة القاهرة تحصيل 15 ألف جنيه رسوم تصوير في الساعة (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، وتحصيل 100 ألف جنيه لليوم الكامل.
وطالب الدكتور أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية، اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، بإعادة النظر في قراره الأخير، مضيفاً في مداخلة تلفزيونية مساء أول من أمس أن «هذا القرار سيؤدي إلى عزوف المنتجين عن التصوير بشوارع المحروسة، وأن ذلك سينعكس على عدم ظهور مصر بشكلها الحقيقي بعد التطوير».
وذكر أن «الأفلام القديمة ساعدت في تعرف المواطنين على معالم الدولة المختلفة». لافتاً إلى أن «دولة المغرب تفتح أماكن للتصوير بشكل مجاني أمام المنتجين».
وأكدت المحافظة أنه لن يتم الموافقة على التصوير إلا بعد تحصيل المبالغ المالية المقررة من خلال الإدارة العامة للعلاقات العامة بمقرها بميدان عابدين وسط العاصمة.
وأعلن إعلاميون مصريون عن غضبهم من القرار، من بينهم الإعلامي أحمد موسى. الذي وصف القرار بأنه «غير منطقي»، وأضاف في برنامجه المسائي أن الدول المتحضرة تدعو إلى التصوير على أراضيها للترويج لمعالمها السياحية والتاريخية، أما ما يحدث الآن فيعتبر هدماً للصناعة.

بدوره، أعرب إبراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب، عن «صدمته» من قرار محافظ القاهرة، وقال أبو ذكري في مداخلة تلفزيونية إن «هذه الخطوة ستقود إلى تصوير مسلسلات خارج مصر، وهو ما بدأ تنفيذه بالفعل خلال الفترة الماضية». وشدد على أن «تصريحات الرئيس الأخيرة عن الفن أسعدت الجميع، لكن قرار محافظة القاهرة صدم الجميع أيضاً».
وعلق المخرج المصري أمير رمسيس، المدير الفني لمهرجان الجونة السينمائي على القرار قائلاً عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «محافظ القاهرة... جزيل الشكر على أنك توليت منصبك حديثا وليس منذ زمن... فربما لو توليته في الماضي على الأرجح لم نكن لنرَ أفلاماً مثل (حياة أو موت) لكمال الشيخ (أحلام هند وكاميليا) لمحمد خان، (البحث عن سيد مرزوق) لداود عبد السيد، و(القاهرة منورة بأهلها) ليوسف شاهين... وكافة أعمال جيل الواقعية الجديدة في السينما المصرية التي حاربت تياراً سائداً وصنعت قصائد في حب مدينة القاهرة».
وأضاف رمسيس: «لو لم يتم سحب قرار رسوم التصوير الخارجي سيتذكر تاريخ السينما المصرية للأبد دور هذا القرار غير المدروس في قتل صناعة كانت يوماً رائدة في المنطقة، وبداية مرحلة أن نرى شوارع بيروت ودبي والدار البيضاء بديلاً لشوارع القاهرة».
كما وصف المخرج مجدي الهواري، قرار محافظ القاهرة بـ«المحبط لكل من يعمل في مجال الفن»، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس: «إنه يجب على وزارة المالية النظر إلى أرباح الأعمال السينمائية، بعد الضرائب التي يتم سدادها من أجل تنمية الدولة، مضيفاً: «في السابق كنا ندفع دون أن نرى نتائج، أما الآن فندفع لتحسين مستقبل أبنائنا».
وأوضح أن «تكلفة تصوير عمل سينمائي واحد قد تتجاوز 10 ملايين جنيه، وهو أمر لا تتحمله الأعمال الصغيرة»، مشيراً إلى أن القرار كان مفاجأة بالنسبة لصُناع السينما والدراما.
وقارن بعض المتابعين بين رسوم التصوير في المواقع الأثرية التي أعلنت عنها وزارة السياحة والآثار المصرية أخيراً، وبين أسعار التصوير في الشوارع والجراجات، إذ تبلغ رسوم التصوير التجاري والفني بها 5 آلاف جنيه لليوم الواحد، و20 ألف جنيه للأسبوع، و30 ألف جنيه للأسبوعين، و50 ألف جنيه في الشهر بالنسبة للمصريين، مع إتاحة التصوير للأجانب بتلك المواقع بـ15 ألف جنيه في اليوم الواحد.
ويلجأ الكثير من المنتجين المصريين واللبنانيين إلى تصوير أعمالهم في استديوهات خاصة بهم، بسبب ارتفاع أسعار مدينة الإنتاج الإعلامي، ويضطر الكثير منهم إلى الاستغناء عن تصوير بعض المشاهد في المطارات ومحطات السكة الحديد بسبب الرسوم الباهظة التي تطلبها تلك الجهات، بحسب منتجين.
في المقابل، يرى نقاد مصريون من بينهم محمد رفعت أن قرار محافظ القاهرة «سليم جداً» و«تأخر كثيراً»، ويقول رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الأسعار تعد منطقية مقارنة بحجم الأجور الضخمة التي يتقاضاها الكثير من النجوم المصريين، على غرار عادل إمام ومحمد رمضان وأحمد السقا»، مضيفاً أن: «غضب المنتجين غير مبرر لأنه يجب عليهم أولاً خصم 10 في المائة من الأجور المبالغ فيها وتوجيهها لبند تأجير الأماكن لصالح خزينة الدولة، فحصول النجم الأول بمفرده على نحو 80 في المائة من ميزانية العمل أمر غير منطقي يشعر السواد الأعظم من الشعب بالاستفزاز».
لكنه في الوقت ذاته طالب الحكومة بإعفاء منتجي الأفلام المستقلة والأفلام التسجيلية من دفع الرسوم بسبب ميزانيتهم الضعيفة.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».