أعرب المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط عن قلقه من تأثير الأوضاع الراهنة في أفغانستان سلباً، على المكاسب التي حققتها المنظمة على مدار 20 عاماً لاستئصال بعض الأمراض. ورغم استمرار أداء المنظمة عملها في أفغانستان للحفاظ على هذه المكاسب، فإنها تشير إلى بعض المعوقات التي تواجه عملها، وأهمها نقص الإمدادات الطبية المتوفرة لديها.
وقال المدير الإقليمي للمنظمة أحمد المنظري، في مؤتمر صحافي افتراضي، أمس، إنه مع تطور الأحداث بسرعة في أفغانستان، كان لدى المنظمة أولويتان: الأولى هي ضمان سلامة موظفي المنظمة داخل البلد، وتم اتخاذ خطوات لزيادة تأمين الموظفين وأسرهم، منها إبعاد الآلاف ونقلهم إلى مناطق بعيدة عن الصراع، والأخرى «توفير الإمدادات الصحية المنقذة للأرواح التي تحتاج إليها المرافق الصحية لكي تواصل عملها».
وأوضح المنظري: «قمنا على وجه السرعة بتوزيع إمدادات الطوارئ المتوفرة، والتي تكفي لمدة أسبوع واحد على المرافق الصحية والشركاء في كابل وقندهار وقندوز، وتم استهلاك 70% من هذه الإمدادات».
ودعا المنظري البلدان التي تُرسل طائرات فارغة لنقل الأشخاص المقرر إجلاؤهم، إلى المساعدة في حمل بعض الإمدادات الطبية التي تريد المنظمة إرسالها إلى أفغانستان، حيث يوجد في مستودع المنظمة بدبي أكثر من 500 طن من الأدوية والإمدادات التي كان من المخطط تسليمها لأفغانستان هذا الأسبوع، لكن إغلاق مطار كابل أمام الرحلات التجارية يعوق توصيلها.
واستعرض المنظري بعض المكاسب التي حققتها المنظمة في أفغانستان خلال العقدين الماضيين، منها دعم النظام الصحي المُحطَّم، من خلال تدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية وتقديم الأدوية الأساسية، والإمدادات الطبية، ورصد فاشيات الأمراض والتصدي لها، وتوسيع نطاق برنامج رعاية الإصابات الشديدة، وإتاحة الخدمات للنساء والأمهات والأطفال حتى في المناطق النائية.
وأوضح: «نتيجةً لهذه الجهود، انخفض عدد النساء اللاتي تُوفِّين في أثناء الولادة في أفغانستان بنسبة 60%، كما انخفضت وفيات الأطفال بنسبة تزيد على 50%، وأصبح نحو 70% من جميع النساء لديهن الآن فرصة للبقاء على قيد الحياة حتى يبلغن سن 65 عاماً، مقارنةً بنسبة 54% فقط قبل 20 عاماً». وأضاف: «من المهم الآن مواصلة الاستفادة من هذه المكاسب والبناء عليها، لا سيما أن أفغانستان هي أحد بلدين اثنين فقط في العالم لم يستأصلا بعدُ فيروس شلل الأطفال».
وقال إنه «في إطار الإبلاغ عن حالة إصابة واحدة فقط بفيروس شلل الأطفال في كل من أفغانستان وباكستان حتى الآن في هذا العام، فإن الوقت الحالي يُعد مرحلة حرجة وفرصة غير مسبوقة لكي يتمكن البرنامج في أفغانستان من القضاء على شلل الأطفال وعدم إهدار المكاسب التي تحققت بصعوبة».
وعن وضع جائحة «كوفيد – 19»، لفت المنظري إلى أهمية إبقاء الجائحة تحت السيطرة، مع توثيق ظهور كل من تحوُري «دلتا» و«ألفا» في أفغانستان، وقال: «نخشى أن تؤدي الاضطرابات الحالية وزيادة حركة السكان إلى ارتفاع حاد في حالات الإصابة، لا سيما أن أقل من 5% من السكان تلقى التلقيح الكامل، ومن المتوقع أن يؤثر الصراع الدائر على التطعيم في جميع أنحاء البلد ويؤخر التمنيع الروتيني».
وأرسل المدير الإقليمي رسالة طمأنة حول بقاء المنظمة في أفغانستان، وقال: «مع استمرار تصاعد الأحداث، فإن المنظمة ملتزمة التزاماً تاماً بالبقاء ومواصلة العمل في أفغانستان، عبر شبكة مُكوَّنة من 684 موظفاً وعاملاً صحياً داخل البلد، يعملون في جميع المقاطعات البالغ عددها 34».
ورغم الصعوبات التي تفرضها تطورات الأحداث في أفغانستان، قال ريتشارد برنان، مدير الطوارئ الإقليمي، إن هناك إشارات مشجعة بشأن تفهم السلطات الجديدة هناك لدور المنظمة. وأشار خلال المؤتمر، إلى أن سلطات «طالبان» أبدت رغبتها في بقاء الأمم المتحدة ومنظماتها في أفغانستان، و«هو ما يجعلنا نشعر بتفاؤل حذر حيال قدرتنا على الاستمرار في العمل».
ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن عدم تقبل حركة «طالبان» فكرة اللقاحات وتأثير ذلك على جهود مكافحة «كوفيد - 19»، قال برنان: «حتى الآن لم يصل إلينا ما يشير إلى ذلك من السلطات الصحية الجديدة في أفغانستان»، لافتاً إلى أن تراجع خدمات التلقيح في الوقت الراهن قد يكون بسبب الأحداث الجارية هناك، وليس بسبب رفض اللقاحات.
وبعث دابنغ لو، ممثل منظمة الصحة العالمية في أفغانستان، بإشارات إيجابية، وقال إن «تقديم الخدمات يتم دعمه من السلطات الصحية لحركة (طالبان) دون أي ضغوط على العاملين الصحيين»، مشيراً إلى أنه تم استدعاء العاملين الصحيين للعودة، بما في ذلك الموظفات الصحيات، غير أن بعض الموظفات لم يعدن إلى مناصبهن، بسبب استمرار انعدام الأمن.
من جانبها، شددت الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج بمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، على ضرورة تقديم الدعم الدائم لأفغانستان، وقالت: «من المهم أن نلاحظ أنه حتى قبل وقوع هذه الأحداث الأخيرة، كانت أفغانستان تشهد ثالث أكبر عملية إغاثة إنسانية في العالم بسبب الحرب، والنزوح، والجفاف، والجوع، وبالطبع جائحة كوفيد - 19».
وأشارت إلى أنه قبل الأحداث، كان أكثر من 18 مليون شخص –أي أكثر من نصف السكان– يحتاجون بالفعل إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة.
«الصحة العالمية»: استهلكنا 70 % من مخزون الطوارئ في أفغانستان
«الصحة العالمية»: استهلكنا 70 % من مخزون الطوارئ في أفغانستان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة