الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب

القرار {لم يفاجئ} الرباط

وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة
وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة
TT
20

الجزائر تعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب

وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة
وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة

أعلن وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة قطع الجزائر لعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، ابتداء من أمس الثلاثاء.
وقال لعمامرة في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية إن قطع العلاقات الدبلوماسية «سيكون بدءا من اليوم (أمس) الثلاثاء، لكن القنصليات في البلدين ستظل مفتوحة»، مرجحاً عدم تأثر مواطني البلدين بهذا القرار.
وفي معرض تقديم الأسباب التي أدت الى هذا القرار، قال وزير الخارجية الجزائري: «لقد ثبت تاريخياً أن المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن الأعمال العدائية ضد الجزائر»، سارداً الأحداث منذ حرب 1963. كما حمّل «قادة المملكة مسؤولية تعاقب الأزمات التي تزايدت خطورتها (...)»، معتبراً أن «هذا التصرف المغربي يجرّ إلى الخلاف والمواجهة، بدل التكامل في المنطقة المغاربية».
وأكد لعمامرة في مؤتمر صحافي أن الجزائر «ترفض أن تخضع لسلوكيات مرفوضة وتدينها بقوة تتبناها المغرب، ولسياسات الأمر الواقع والأحادية الجانب الكارثية على المنطقة. كما ترفض الجزائر الإبقاء على وضع غير اعتيادي في فضاء الاتحاد المغرب العربي»، مبرزاً أن المملكة المغربية «لم تتوقف يوماً عن أعمال غير ودية وعدائية» تجاه الجزائر منذ استقلالها.
وفي الرباط لم يصدر حتى ساعة متقدمة من أمس أي رد فعل رسمي على القرار الجزائري. لكن مصدراً دبلوماسياً قال لـ«الشرق الأوسط» إن القرار الجزائري «كان منتظراً، ولم يشكل مفاجأة للرباط».
وأضاف المصدر أنه منذ ترأس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأربعاء الماضي، اجتماعاً استثنائياً للمجلس الأعلى للأمن، ساد اعتقاد على نطاق واسع بأن الجزائر مقبلة على التصعيد مع المغرب.
وكان الاجتماع قد خصص «لتقييم الوضع العام للبلاد، عقب الأحداث الأخيرة الأليمة (الحرائق)، والأعمال العدائية المتواصلة من طرف المغرب، وحليفه الكيان الصهيوني ضد الجزائر»، حسب بيان لرئاسة الجمهورية. وأضاف البيان ذاته أنه بعد «تقديم المصالح الأمنية حصيلة الأضرار البشرية والمادية الناجمة عن الحرائق في بعض الولايات... أعطى الرئيس الجزائري تعليماته بمتابعة تقييم الأضرار، والتكفل بالمتضررين من الحرائق، التي ثبت ضلوع الحركتين الإرهابيتين (الماك) و (رشاد) في إشعالها، وكذا تورطهما في اغتيال المرحوم جمال بن اسماعيل».
وذكر البيان أن المجلس الأعلى للأمن «قرر تكثيف المصالح الأمنية لجهودها من أجل اعتقال باقي المتورطين في الجريمتين، وكل المنتمين للحركتين الإرهابيتين، اللتين تهددان الأمن العام والوحدة الوطنية، حتى استئصالهما جذريا، لا سيما (الماك)، التي تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، وخاصة المغرب والكيان الصهيوني، حيث تطلبت الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر إعادة النظر في العلاقات بين البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية».
وفهم المتابعون للعلاقات المغربية - الجزائرية آنذاك من «إعادة النظر في العلاقات بين البلدين، وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية»، أن قطع الجزائر لعلاقتها مع المغرب بات وشيكا.
وكان المغرب قد قرر رسمياً، في إطار سياسة اليد الممدودة للجزائر، التواصل مع السلطات الجزائرية للمساعدة في إطفاء الحرائق، التي اجتاحت أخيرا العديد من مناطق البلاد. وأعطى الملك محمد السادس تعليماته لوزيري الداخلية والخارجية للتواصل مع نظرائهم الجزائريين لإخبارهم بأن المغرب مستعد لمد يد العون، والمساعدة في إخماد هذه الحرائق. بيد أن الجزائر تجاهلت الرغبة المغربية في المساعدة، وقبلت مساعدة دول أوروبية.
وقبل ذلك، قال الملك محمد السادس إن «الشر والمشاكل لن تأتي إلى الجزائر أبدا من المغرب، كما لن یأتیها منه أي خطر أو تهديد»؛ معتبرا أن ما يمسها يمس المغرب، مؤكدا أن بلاده تحرص على مواصلة جهودها الصادقه من أجل توطيد الأمن والاستقرار في محيطها الإفريقي والأورو - متوسطي، وخاصة في جواره المغاربي، وجدد «الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر للعمل سويا، دون شروط من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار». لكن الجزائر تفاعلت سلبيا مع مبادرة ملك المغرب.
وزاد مؤخرا توتر العلاقات المغربية - الجزائرية، وذلك على خلفية دعوة ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمر هلال إلى «حق تقرير المصير» لسكان منطقة القبائل في الجزائر، وهو ما دفع هذه الأخيرة الى استدعاء سفيرها لدى الرباط.



«هدنة غزة»: اتصالات وضغوط تتوالى لاستئناف الاتفاق

امرأة فلسطينية نازحة وطفلها يسيران أمام أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية نازحة وطفلها يسيران أمام أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: اتصالات وضغوط تتوالى لاستئناف الاتفاق

امرأة فلسطينية نازحة وطفلها يسيران أمام أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية نازحة وطفلها يسيران أمام أنقاض مبنى مدمر في مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

اتصالات مصرية بهدف استئناف اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضغوط بالداخل الإسرائيلي تتصاعد، ضد رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في استمرار الحرب، وتريد التعجيل بصفقة وشيكة لإطلاق سراح مزيد من الرهائن.

تلك التطورات المتعاقبة منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ونتنياهو العمل على اتفاق بشأن إطلاق الرهائن، تعد بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، عوامل مساعدة تشكل ضغوطاً نحو استئناف عملية التفاوض لإبرام تهدئة جديدة، لا سيما قبل الزيارة الرئاسية الأميركية المرتقبة للمنطقة.

وبحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في لقاء بالقاهرة مع نظيره المجري بيتر سيارتو، وخلال اتصال هاتفي مع وزير خارجية إيران عباس عراقجي «الجهود الرامية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وبدء تنفيذ المرحلة الثانية، والعمل على احتواء التصعيد الراهن»، وفق بيانين لـ«الخارجية» المصرية، الخميس.

كما أطلع عبد العاطي نظيره البريطاني ديفيد لامي، على «ما تقوم به مصر من جهود للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وبدء تنفيذ المرحلة الثانية، ووقف التصعيد الإسرائيلي الراهن»، مشيراً إلى «أهمية تضافر الجهود في سبيل احتواء التصعيد في المنطقة، وتجنب توسيع رقعة الصراع بالنظر للتداعيات الوخيمة على شعوب المنطقة»، وفق بيان ثالث لـ«الخارجية» المصرية.

وأكّد عضو المكتب السياسي لـ«حماس» حسام بدران، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، «استمرار الاتصالات والمتابعات مع الوسطاء من أجل وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة».

وعلى مدار شهر مارس (آذار) الماضي، تعثرت 3 مقترحات للتهدئة؛ أولها أميركي قدّمه مبعوث ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، في 13 من الشهر ذاته، لم تقبله «حماس»، وتلاه مقترح مصري، واختُتم الشهر بثالث إسرائيلي، من دون أن تفلح الجهود في التوافق على أعداد المطلق سراحهم من الرهائن؛ ما أدّى إلى تعثر المفاوضات التي تحاول وقف انهيار اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل أن تعلن «هيئة البثّ الإسرائيلية» قبل أسبوع عن مقترح مصري جديد.

وبعد أيام من إعلانه التوجه للمنطقة وزيارة السعودية، خرج ترمب في لقاء مع نتنياهو، الاثنين، بالبيت الأبيض متحدثاً عن أن العمل جارٍ لتحرير الرهائن، وتمنى أن «تتوقف الحرب قريباً»، في حين قال رئيس وزراء إسرائيل: «نحن نعمل حالياً على اتفاق آخر، نأمل أن ينجح، ونحن ملتزمون بتحرير جميع الرهائن».

ويعتقد الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء سمير فرج، أن الجهود المصرية تسعى لإتمام اتفاق قريب، وتضغط في اتجاه ذلك عبر اتصالات وتحركات عديدة، مرجحاً أن تسفر تلك الاتصالات عن ضغط دولي وأميركي أكثر على حكومة نتنياهو للذهاب لتهدئة.

يتفق معه أستاذ العلاقات العربية والدولية الدكتور أحمد يوسف أحمد، في أن الاتصالات والتحركات قد تقود لهدنة، خاصة أن إسرائيل عليها أن تدرك أن القتال والتدمير لن يقودها إلى نتيجة كما سبق طوال أكثر من عام ونصف العام، وأن المفاوضات أقصر الطرق للحصول على الرهائن واستقرار المنطقة، وقد يساعد في ذلك التمرد والخلافات التي تزداد في إسرائيل ضد نتنياهو.

وداخل إسرائيل تتصاعد الأزمات ضد نتنياهو، ووقَّع نحو ألف من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، بينهم طيارون، رسالة احتجاج إعلاناً، في وسائل إعلامية بأنحاء البلاد، عن وقف الحرب في قطاع غزة، بحسب ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الخميس، مؤكدين أن «استمرار الحرب لا يؤدي إلى تقدم أي من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى مقتل الرهائن وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي والمدنيين الأبرياء».

وكانت محكمة العدل العليا الإسرائيلية أصدرت أمراً قضائياً مؤقتاً، الثلاثاء، ينص على أن رئيس «الشاباك» رونين بار، يجب أن يبقى في منصبه حتى إشعار آخر، وأمهلت الحكومة المستشارة القضائية للحكومة حتى 20 أبريل (نيسان) للتوصل إلى تسوية بشأن النزاع القانوني المحيط بالتصويت غير المسبوق الذي جرى الشهر الماضي على إقالته، وفق ما نقلته «تايمز أوف إسرائيل»، الأربعاء.

وجاء إعلان فرنسا اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين، ليضيف مزيداً من الضغوط على إسرائيل؛ إذ لاقى تنديداً من وزير الخارجية جدعون ساعر، معتبراً ذلك «مكافأة للإرهاب وتعزيزاً لـ(حماس)»، في حين رحبت «الخارجية» الفلسطينية، وطالبت بوقف «الإبادة».

ويرى فرج أن تلك الأمور تشكل ضغوطاً على نتنياهو، غير أن الأخير لديه ممانعة، لكن توالي الضغوط من احتجاج الجنود إلى أزمة «الشاباك» إلى اعتراف فرنسا بفلسطين... قد يكون عاملاً مساعداً لأن يتراجع مؤقتاً ويقبل بالتهدئة.

ويعتقد يوسف أحمد أن ما يحدث من تمرد وإقالات وصراعات داخلية يعزز الانقسام السياسي داخل إسرائيل، مشيراً إلى أن ذلك قد يكون مؤشرات على احتمال تغيّر الوضع للأفضل بشأن التهدئة، غير أن سوابق نتنياهو غير مشجعة لقبوله بهذا الأمر إلا مضطراً وبضغط أميركي قد يتحقق قبل زيارة ترمب للمنطقة.

ويعزز ذلك، بحسب أحمد، إعلان مهم للغاية من فرنسا باحتمال الاعتراف بدولة فلسطين، وهذا بجانب ما يحدث في إسرائيل وصمود «المقاومة»، وكلها عوامل تساعد مع جهود الوسطاء للضغط نحو تهدئة.