استمرار مسلسل استهداف أرتال التحالف في العراق

بعد أيام من إعلان خطة أمنية لحمايتها

TT

استمرار مسلسل استهداف أرتال التحالف في العراق

بعد أيام قليلة من إعلان السلطات العسكرية في العراق تأمين أرتال الإمدادات اللوجيستية لقوات التحالف الدولي المارة عبر جنوب البلاد إلى مواقعها في المناطق الشمالية والغربية منه، استمر، أمس، مسلسل الهجمات ضد تلك الأرتال التي كانت انطلقت وتصاعد منذ أكثر من سنتين، وحافظت على وتيره شبه ثابتة، أسبوعية وأحياناً يومية، من دون أن تتمكن السلطات الأمنية من ردع أو إيقاف تلك الهجمات.
ورغم الطابع «شبه الدعائي» المرتبط بتلك الهجمات بالنسبة للجماعات المنفذة لها، التي ترتبط غالباً بالفصائل الموالية لإيران، بالنظر لتواضع الأضرار التي تلحقها بقوافل الإمدادات، إلا أنها ما زالت تسبب حرجاً بالغاً للحكومة العراقية وتظهرها بمظهر العاجز عن وقف هجمات الميليشيات المنفلتة، أمام حلفائها من دول التحالف الدولي لمحاربة «داعش»، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية التي تقوده.
وفيما تقول الجهات الرسمية العراقية إن أرتال الإمدادات مخصصة للقوات العراقية وليس لقوات التحالف، تصر الميليشيات المناهضة لقوات التحالف والساعية إلى إخراجه من العراق على أنها مخصصة للقوات الأميركية وشركائها في التحالف.
وفي آخر حلقة من مسلسل الاستهدافات، أعلنت خلية الإعلام الأمني الرسمية، أمس الثلاثاء، استهداف رتل ينقل معدات للقوات العراقية في مدينة السماوة (280 كيلومتراً) جنوب شرقي العاصمة بغداد. وقالت بيان للخلية إن «رتلاً كان ينقل معدات للقوات الأمنية العراقية بواسطة شركات نقل عراقية وسائقي العجلات من المواطنين العراقيين، تعرض إلى انفجار عبوة ناسفة في منطقة مسيعيدة التابعة لناحية النجمي بين السماوة والديوانية، ما أدى إلى أضرار بإحدى العجلات، وقد استمر الرتل بالحركة نحو وجهته المقصودة».
وإذ تحدث بيان خلية الإعلام الرسمية عن حادث استهداف وحيد، تحدث منصات خبرية تابعة للجماعات الموالية لإيران، ومصادر أمنية أخرى عن 4 هجمات شبه متزامنة شنت، أمس، في محافظات بابل والناصرية والديوانية والمثنى (السماوة).
وكانت قيادة عمليات سومر أعلنت السبت الماضي، عن وضع خطة أمنية جديدة لتأمين الطرق الخارجية في المحافظات الجنوبية لحماية أرتال الدعم اللوجيستي التابعة للتحالف الدولي من الهجمات. وسبق أن أعلنت القيادات الأمنية أكثر من خطة لهذا الغرض، كان آخرها منتصف شهر يونيو الماضي، لكنها لم تنجح في وقف الهجمات. وتستند الخطة الأمنية الجديدة حسب قائد عمليات سومر الفريق الركن سعد حربية، التي تمتد من الحدود الإدارية لمحافظتي المثنى والديوانية، والحدود الفاصلة بين محافظة ذي قار والبصرة، على استمرار نشر القوات الأمنية المختصة بمكافحة المتفجرات على طول الطريق لمنع تكرار الهجمات، وتعمد الخطة كذلك، على «نصب كاميرات حرارية على طول الطريق ونشر دوريات لمساعدة مديرية الطرق وشؤون السيطرات للحفاظ على الأرتال باتجاه الحدود الدولية».
كانت مصادر سياسية عراقية قد تحدثت، قبل بضعة أسابيع، عن هدنة تعهدت بها الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق بعد تسلم الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، لمهام منصبه، تتضمن عدم استهداف المصالح الأميركية في العراق. بيد أن بعض فصائل «الظل» التي تقوم بالهجمات ضد قوافل الإمدادات، ومنها فصيل «قاصم الجبارين» تتحدث عن عدم صلتها والتزامها بالتعهدات التي تقطعها الفصائل والميليشيات المعروفة بمناهضتها للوجود الأميركي في العراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.