مسرحية ابتزاز

TT

مسرحية ابتزاز

أهي صدفة، أن يخصص وزير خارجية الدنمارك جزءا من كلمته عن البحرين في جلسة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، قبل عدة أيام، ثم تقف وزيرة خارجية السويد لتخصص جزءا من كلمتها هي الأخرى، في ذات الجلسة، عن المملكة العربية السعودية؟
ليس دفاعا عن أن انتهاكات لحقوق الإنسان – إن وجدت - في البحرين أو السعودية، ولا اعتراضا على الحث على احترام هذه الحقوق، إنما سياسة الكيل بمكيالين في هذا الملف مع الدول العربية في ملف حقوق الإنسان تحديدا، هو ما يثير حفيظتنا، والضغط على الدول العربية فقط للحد من حقها في الدفاع عن أمنها واستقرارها بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان، وغض الطرف عن ذات الممارسات حين تقوم بها دول أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة ليتحول الأمر إلى ابتزاز لا أخلاقي، هو ما نقف عنده ونستنكره.
إبان الموجة الأولى لتسونامي «الربيع العربي» 2011 و2012، لعب أدوار البطولة حينذاك في مسرحية الدفاع عن حقوق الإنسان، وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا مع الوزير الأميركي، حيث كان الأميركي «يرفع» والبريطاني والفرنسي «يكبسان» في جلسات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وبرعا في توجيه الانتقادات للإجراءات التي اتخذتها البحرين ومصر تجاه الجماعات الدينية المتشددة، واعتبراها «انتهاكات» لحقوق الإنسان.
ويبدو موقف وزيري خارجية الدنمارك والسويد الاسكندنافيتين، اليوم، متناغما هذه المرة، ويشكل بديلا عن الموقف البريطاني والفرنسي عام 2011، ليهيئ الأرضية لاستقبال الموجة الثانية من تسونامي «الربيع العربي»، فبعد أن خرجت دول الخليج من الموجة الأولى بسلام ونجت من زلزالها في حفظ أمنها واستقرارها، وبعد أن (تفهمت) بريطانيا وفرنسا موقف الدول الخليجية وحقها الشرعي والأخلاقي في تحمل مسؤوليتها الأمنية والسياسية، نتيجة حسابات سياسية، استبدلوا أبطال المسرحية بوزراء خارجية الدول الاسكندنافية!
حيث أبدى وزير الخارجية الدنماركي، مارتن ليدغارد، عن تضامنه مع ما وصفهم بـ«المعتقلين السياسيين» في سجون البحرين، وذلك خلال كلمته أمام أعمال الدورة الـ28 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف.
وقال ليدغارد إن الجميع تضامنوا مع ضحايا جريمة «تشارلي» المروّعة في باريس، كما تضامنوا مع هجوم مماثل في كوبنهاغن، وبنفس الروح يجب أن نتضامن مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، وبشكل مستمر، ثم ذكر مملكة البحرين كإحدى الدول التي تنتهك حقوق الإنسان!
الوزير تضامن مع ضحايا الإرهاب في باريس، لكنه حين أتى على ذكر البحرين تضامن مع محرضي الإرهاب فيها، واصفا إياهم بـ«المعتقلين السياسيين». وإنني لأتساءل إن كان السيد ليدغارد سيجرؤ على وصف أي شخص حرض أو برر أو مجّد جريمة «تشارلي» بـ«الناشط السياسي»؟ أو يجرؤ على منع فرنسا من التحقيق والحكم بحبس الذين يقفون وراء الفكر والدوافع التي تسببت في قتل ضحايا «تشارلي»، مع الأخذ في الاعتبار أن عدد الذين قتلهم الإرهاب في البحرين أو أصابهم بعاهات أكثر بكثير من ضحايا «تشارلي».
أما المأزق الآخر الذي وقع فيه ليدغارد، وهو أنه «رأى أن أقوى سلاح لمكافحة الإرهاب هو سيادة القانون والحريات الأساسية للمواطنين»، مشددًا على أن الإرهاب يسود عن «طريق الحد من حريتنا في التعبير في خوف. «وهنا نتساءل مرة أخرى عن الأسباب التي تقف وراء انخراط الآلاف من الأوروبيين الغربيين في صفوف «داعش»، وهم من مواليد غرب أوروبا، هل كانت تنقصهم الحريات؟ هل منعوا من التعبير؟ هل منعوا من العمل السياسي؟ هل تنقصهم الديمقراطية؟ هل انتهكت حقوقهم الإنسانية في أوروبا؟ ما بالهم إذ ينخرطون في أعمال إرهابية؟
التناقض لم يقتصر على كلمة وزير خارجية الدنمارك، بل في الثاني من مارس (آذار) الحالي، قالت وزيرة خارجية السويد أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف: «إن الحكومة السويدية تريد تعزيز المساواة بين الجنسين، وتحسين وصول المرأة إلى الموارد وزيادة تمثيل النساء. ندعوا ذلك سياسة خارجية مناصرة للمرأة».
لقد تفوهت مارغوت فالستروم بتصريحاتها غير الودية تجاه السعودية، وتدخلت في ما لا يعنيها بانتقادها لأحكام النظام القضائي المطبق في اسعودية، وانطوت تصريحاتها على تجاهل للحقائق.
ونتساءل بدورنا إن كانت هذه الوزيرة تجرؤ على الوضوح بتوصيف الأسباب التي أدت إلى مقتل أكثر من أميركي بأنها أسباب عنصرية بغيضة لمجرد أن لونهم أسود؟ هل تجرؤ أن تكون أكثر وضوحا وتصف هذه الأعمال التي قامت بها الشرطة الأميركية على أنها أعمال وحشية لا تنتمي لعصرنا الحاضر؟
إنما لنفهم أسباب هذه الهجمة المفاجئة، لا بد أن نعرف أن العلاقات مع المملكة العربية السعودية، تعتبر مسألة ساخنة في الحياة السياسية السويدية منذ أسابيع، إذ تتفاوض الحكومة السويدية داخليا بشأن مسألة التجديد لاتفاق تعاون عسكري مع السعودية ينتهي في مايو (أيار) المقبل.
يأتي هذا فيما تستعد بعض دول مجلس التعاون للتوجه نحو السلاح الفرنسي للحصول على صفقات متنوعة حسب حاجتها الدفاعية، وتتوقع مصادر دفاعية أن تشتري الإمارات نحو 60 طائرة «رفاييل» لتعزيز قواتها الجوية. وإضافة إلى صفقات الأسلحة، وفي إطار الدعم العربي للاقتصاد الفرنسي مكافأة لباريس على موقفها المؤيد والداعم للخليج، ستعتمد خريطة الطريق وسائل تعزيز حركة التبادل التجاري بين فرنسا ودول الخليج والبالغ حجمها نحو 19.67 مليار دولار سنويا، مع العلم أن الميزان التجاري هو لصالح فرنسا، حيث تبلغ صادراتها إلى الخليج نحو 14.27 مليار دولار، مقابل 5.4 مليار حجم وارداتها من دول مجلس التعاون. وتتجه المساعي بين الجانبين إلى تشكيل مجلس أعمال خليجي فرنسي مشترك (جريدة العرب 21 يناير/ كانون الثاني) 2014.
أما بريطانيا فلها صفقات هي الأخرى مع بعض دول الخليج. هذا عدا عن صفقة الأسلحة البريطانية الإماراتية التي كادت تتم لولا أنها تعقدت بسبب منح بريطانيا حق اللجوء السياسي لعدد من الإخوان.
المسألة ليست اليسار السويدي أو اليسار الدنماركي وموقفه من ممارسات حقوق الإنسان، يبدو أن الدول الاسكندنافية ساءها أن تستأثر بريطانيا وفرنسا بالسوق الخليجي وأن تستأثر الولايات المتحدة بـ500 مليار دولار لإقناعنا بضرورة القضاء على «داعش»، والسؤال: ما العمل؟!



معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
TT

معرض «الذهب والمجوهرات» المصري يستلهم الفنون الفرعونية

خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)
خبراء يعتقدون أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ (الشرق الأوسط)

افتتح وزير التموين والتجارة الداخلية المصري الدكتور شريف فاروق، الأحد، فعاليات معرض «نبيو» للذهب والمجوهرات 2024، بالعاصمة المصرية القاهرة، الذي «يعد أكبر حدث سنوي في صناعة الذهب والمجوهرات بمصر، ويعكس تميز القاهرة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والدولي»، بحسب بيان صحافي للوزارة.

ويستمر معرض «نبيو»، الذي يقام بقاعة المعارض الدولية بالقاهرة، حتى الثلاثاء المقبل، بمشاركة 80 عارضاً محلياً ودولياً، من بينهم 49 علامة تجارية مصرية، و31 عارضاً دولياً، بالإضافة إلى جناحين مخصصين لكل من تركيا وإيطاليا للمرة الأولى، بهدف «تعزيز البعد الدولي».

جانب من افتتاح المعرض (مجلس الوزراء المصري)

وتتضمن فعاليات «نبيو» معرضاً فنياً بعنوان «المجوهرات كانعكاس للهوية المصرية عبر التاريخ - الحقبة الفرعونية». وقال وزير التموين المصري، خلال الافتتاح، إن «المعرض يعكس الإرث الحضاري العريق لمصر في مجال الذهب والمجوهرات، ويمثل فرصة حقيقية لتعزيز الصناعات الوطنية وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالمية».

وقال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير: «الحلي والمجوهرات في مصر القديمة لم تكن مجرد زينة تجميلية، بل هي لغة معقدة مليئة بالرموز تعبر عن المكانة الاجتماعية، الروحانية، والصلات العميقة بالطبيعة والإلهية».

قطعة حلي فرعونية بالمتحف القومي للحضارة المصرية (الشرق الأوسط)

وأضاف عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»: «المصريون القدماء استطاعوا بفضل مهارتهم الفنية وابتكارهم، صنع مجوهرات تحمل معاني وقيماً تفوق بكثير وظيفتها الجمالية»، مشيراً إلى أنهم «استخدموا الذهب في صناعة الحلي باعتباره رمزاً للخلود والنقاء، كما استخدموا أيضاً الفضة والنحاس وأحياناً البرونز، وزينوا المجوهرات بأحجار كريمة وشبه كريمة مثل اللازورد، والفيروز، والجمشت، والكارنيليان، والعقيق، والزجاج الملون».

ولفت عبد البصير إلى أن «المجوهرات كانت مؤشراً على الثراء والنفوذ، حيث اقتصر استخدام الذهب والأحجار الكريمة على الطبقة الحاكمة والنبلاء، بينما استخدمت الطبقات الأقل المواد البديلة مثل الزجاج».

وأشار إلى أن «هناك مجوهرات صنعت خصيصاً للموتى وكانت توضع بين الأثاث الجنائزي»، ضارباً المثل بالحلي التي اكتشفت في مقبرة الفرعون الذهبي «توت عنخ آمون».

وأردف: «كانت المجوهرات جزءاً لا يتجزأ من حياة المصري القديم، حيث تعكس فلسفته وتصوره عن العالم، كما كانت رمزاً لفنون ذلك العصر».

المصريون القدماء أبدوا اهتماماً لافتاً بالحلي (الشرق الأوسط)

ويشير الخبراء إلى أن المصريين القدماء عرفوا الحلي منذ عصر ما قبل التاريخ، وكانوا يرتدونها للزينة ولأغراض دينية أيضاً، حيث كانت تستخدم مثل تميمة لحماية جسد المتوفى.

ويستضيف معرض «نبيو» أيضاً 166 مشاركاً من 19 دولة لـ«تعزيز التعاون التجاري وزيادة الصادرات»، إضافة إلى مسابقة لتصميم المجوهرات بمشاركة 13 دولة. وقال وزير التموين المصري إن «المعرض يجسد التعاون المثمر بين الدولة والقطاع الخاص، ويعكس رؤية القاهرة لأن تكون مركزاً عالمياً لصناعة الذهب والمجوهرات».