معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب..70 ندوة أدبية وألفا كتاب هدية للجمهور

يشارك فيه ناشرون عرب وأجانب.. ومركز الملك فيصل للدراسات ضيف الشرف

ملصق المعرض
ملصق المعرض
TT

معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب..70 ندوة أدبية وألفا كتاب هدية للجمهور

ملصق المعرض
ملصق المعرض

احتفالية ثقافية حاشدة يشهدها معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب الذي تنطلق فعاليات دورته الحادية عشرة يوم الخميس المقبل 26 مارس (آذار) الجاري، ويستمر على مدار أسبوعين، حيث تتميز هذه الدورة ببرنامج ثقافي حافل يضم أكثر من 70 ندوة أدبية، تتنوع ما بين الأمسيات الشعرية والقصصية، ولقاءات مع الكتاب، ومناقشة عدد من القضايا اللافتة في مجالات الفكر والإبداع والفن.
تحتضن المكتبة المعرض في ساحتها الخارجية المطلة على البحر المتوسط، وهو ما يضفي عليه جوا من الحميمية الثقافية. ويشارك في فعاليات هذه الدورة عدد كبير من دور النشر المصرية، وناشرون من الكويت والإمارات والسعودية ولبنان وسوريا والولايات المتحدة الأميركية.
ويحل مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث بالسعودية ضيف شرف هذه الدورة. وبهذه المناسبة يشارك في افتتاح المعرض الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل. وتشمل مشاركة المركز مجموعة من المحاضرات تبدأ يوم الافتتاح بمحاضرة حول «المجموعات المصرية النادرة في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية»، يلقيها الدكتور يحيى محمود بن جنيد. كما يلقي الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع الخدمات والمشروعات المركزية بمكتبة الإسكندرية، في اليوم نفسه، محاضرة بعنوان «تكملة تاريخ الجبرتي: نسخة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية». وتقام يوم الجمعة الموافق 27 مارس محاضرة «ترجمات المصريين للرحلات الأجنبية إلى الجزيرة العربية» للدكتور عوض عطا البادي، تليها محاضرة «الأعلام المصريون في النقوش العربية القديمة المكتشفة في المملكة العربية السعودية» للدكتور سليمان الذيب. أما يوم السبت الموافق 28 مارس فيضم البرنامج محاضرة «تجربة مصري في التدريس بالجامعات السعودية» للأستاذ الدكتور عبد الستار عبد الحق الحلوجي، و«تراجم النجديين في التاريخ الجبرتي» للدكتور عبد الله بن محمد المنيف، و«المخطوطات المصرية المنسوخة في مصر والمحفوظة في مكتبة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية»، للأستاذ عبد العزيز الراجحي. ومن المقرر أن يهدي المركز مطبوعاته إلى مكتبة الإسكندرية والجمعية المصرية للدراسات التاريخية خلال فعاليات المعرض.
وقال الدكتور خالد عزب رئيس اللجنة الدائمة للمعرض إن مركز الإمارات للدراسات السياسية والاستراتيجية قرر المشاركة في المعرض بما يزيد على 300 عنوان من إصداراته المتخصصة في المجالات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، التي ستتنوع بين كتب مترجمة ومؤلفة وحوليات ودراسات.
ويقدم المعرض ما يزيد على 70 فاعلية ثقافية تتضمن ندوات ومؤتمرات ومحاضرات وأمسيات شعرية وورش عمل ولقاءات إعلامية، يشارك فيها أكثر من 300 مبدع وكاتب من مصر والعالم العربي، يمثلون شتى الأجيال والمشارب الأدبية.
وتحفيزا على القراءة والمعرفة استن المعرض في هذه الدورة مسابقات يومية للجمهور يجري خلالها توزيع ما يزيد على ألفي كتاب هدية مقدمة من مكتبة الإسكندرية ومركز الملك فيصل للدراسات.
ويضيف حسام عبد القادر المشرف على النشاط الثقافي بالمعرض أنه على مدار أسبوعين يقدم المعرض وجبة ثقافية دسمة للجمهور الإسكندري تتنوع بين الأدب والتاريخ والفن والسياسة والإعلام وغيرها، كما سوف يتم توزيع جوائز المعرض على الجمهور خلال الأيام الثلاثة الأولى خلال الأنشطة الثقافية.. ومن أبرز هذه الأنشطة ندوة حول «الرواية التاريخية.. لماذا الآن؟» يتحدث فيها كل من: د. أحمد صبرة، د. شيماء الشريف، ناصر عراق، ويديرها الكاتب الصحافي مصطفى عبد الله. وندوة عن الدكتور الراحل عبد الوهاب المسيري تحت عنوان «المسيري وثقافة المكان» يتحدث فيها الدكتور كامل رحومة، ويقدمها محمد العربي. كما يتضمن البرنامج الثقافي للمعرض ندوة عن «تحديات المسرح السكندري» يتحدث فيها كل من: الدكتور جمال ياقوت، والكاتب سامح عثمان، والفنان سعيد قابيل.. ومحاضرة عن رائد الخط العربي سيد إبراهيم، يتحدث فيها الدكتور محمد حسن مؤلف كتاب «سيد إبراهيم» يقدمها د. محمد فياض، كما يناقش مجموعة من النقاد «تجربة الديوان الأول وأزمة نشر الشعر» في ندوة يتحدث فيها كل من: أحمد عبد الجبار، صفاء عبد العال، محمد مجدي (هرمس)، أحمد ندا، مصطفى عبد ربه، ويديرها عبد الرحيم يوسف. كما يلقي الدكتور أحمد مصطفى والدكتور اسطفان شبرل محاضرة عن «الخط الكوني.. السنن الهندسية وعلم القلم في تصاوير الأحرف العربية». وتستضيف ندوة بعنوان «زمن الرواية.. أم زمن السرد؟» الروائي محمد المنسي قنديل، يعقبها حوار مفتوح مع الجمهور، تديره الأديبة زينب عفيفي. ويشهد البرنامج أيضا ندوة عن كتاب «جمال حمدان وعبقرية المكان» يتحدث فيها كل من: أيمن منصور، الدكتور محمد الشرنوبي، اللواء عبد العظيم حمدان، محمد غنيمة.
ويخصص البرنامج لقاء عن «السرد العماني وقضايا العصر» يتحدث فيه أدباء من عمان هم: أحمد الكلباني، بشرى خلفان، زهران القاسمي، منى حيراس السليمي، ويقدمه الشاعر محمد سيف الرحبي، ويعقب اللقاء قراءات قصصية من الأدب العماني، ثم تبادل الإصدارات بين مبدعي عمان ومبدعي مصر.
ويتضمن البرنامج الكثير من الفقرات الفنية تشهد عروضا لأفلام سينمائية، فيلم «خارج الخدمة» يعقبه لقاء مفتوح بين جمهور المعرض وأبطال الفيلم: الفنان أحمد الفيشاوي، والفنانة شيرين رضا، والمخرج محمود كامل، وتقدمه الكاتبة الصحافية ناهد صلاح.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».