بارزاني لزعماء عشائر عربية غرب الموصل: من ذهب مع «داعش» لا يمكن أن يعود

أحد شيوخ شمر لـ«الشرق الأوسط»: اللقاء كان إيجابيًا وبحثنا معه تحرير الموصل

مسعود بارزاني
مسعود بارزاني
TT

بارزاني لزعماء عشائر عربية غرب الموصل: من ذهب مع «داعش» لا يمكن أن يعود

مسعود بارزاني
مسعود بارزاني

بحث رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في دهوك أمس خلال لقائه مع رؤساء العشائر العربية في مناطق غرب دجلة، آخر المستجدات في المنطقة ودور هذه العشائر في التصدي لتنظيم داعش. وأكد بارزاني أن المناطق السنية هي الأكثر تضررا جراء سيطرة تنظيم داعش عليها، مشيرا إلى أن هذه المناطق أصابها الخراب والدمار على يد التنظيم.
وقال بارزاني في مستهل حديثه: «العلاقات بين العرب والكرد لم تتأثر بالإجراءات الظالمة والتعسفية التي مارستها الحكومات المتعاقبة على الحكم في بغداد ضد الشعب الكردي، وبقي هذا الشعب متمسكا بتلك الأخوة ولم يلجأ إلى الانتقام، ليس العشوائي فقط؛ بل حتى الانتقائي أيضا، عندما حانت له الفرص الكثيرة»، مؤكدا أن «الأكراد يؤمنون بمبادئ التعايش والتآخي والتسامح وقبول الآخر».
وشدد بارزاني على أنه «لا يجوز السماح للظالمين والضالين بأن يحولوا أي معركة أو حرب ضد (داعش) إلى حرب بين العرب والكرد (..) ومن واجبكم وواجبنا أيضا أن نقف ضد هذه المحاولات، و(داعش) فشل في تنفيذ هذا النهج الخطير وسيفشل من يأتي بعده بإذن الله».
وتابع بارزاني مخاطبا رؤساء العشائر، قائلا: «الآن كلنا نعاني من آفة جديدة تسمى (داعش)، وأظن أنكم أكثر من عانى من شر هذه الفئة الضالة، فمناطقكم تعرضت إلى الدمار، وأنتم شهود عيان على الحكم المتخلف الذي مارسه (داعش) في كثير من مناطقكم لفترة معينة، وأنتم تستطيعون أن تعبروا للناس وللعالم، كيف كانت معاملتهم»، متسائلا في الوقت ذاته: «ماذا قدمت هذه المنظمة الإرهابية الخطيرة للسنة قبل الآخرين؟»، مشيرا إلى أنها لم تقدم شيئا آخر لهم غير الشر والدمار والخراب.
وأضاف بارزاني: «الحمد الله، الآن حررت معظم المناطق من (داعش)، ونحن نحتاج إليكم جميعا، وينبغي أن نستفيد من التجارب السابقة لكي نبني علاقات جديدة، نريد أن تكونوا في مناطقكم معززين مكرمين، ولا يمكن أن نسمح لأحد أن يمس كرامتكم، فكرامتكم من كرامتنا وأمنكم من أمننا وعزتكم من عزتنا. الكل لهم الحق أن يعيشوا في هذه المناطق بحرية، ومن واجب الجميع أن يلعب دوره، كل من موقعه، للحفاظ على الأمن والاستقرار فيها»، مؤكدا: «سنعمل بكل ما لدينا من قوة لكي نقدم لمناطقكم الخدمات الضرورية، التي توفر لكم العيش الكريم»، مبينا أنه سيطلب من حكومة الإقليم المباشرة فورا باتخاذ الخطوات العملية، ومناشدا في الوقت ذاته الحكومة الاتحادية القيام بواجبها تجاه المواطنين في هذه المناطق.
وأكد بارزاني أنه «لا يجوز الجري وراء الأحقاد». وتابع: «أنا أدرك جيدا أن الإرهابيين ارتكبوا جرائم بشعة أنتم تعرفونها، لكن لا يمكن الخلط بين المجرم والبريء، فالذين ارتكبوا الجرائم يجب أن يدفعوا ثمن جريمتهم، لكن بالقانون، أما الأبرياء فلا يجوز محاسبتهم بجريرة الآخرين، فالمواطنون الذين رفضوا موالاة (داعش) واختاروا العيش في مناطقهم، ولم يذهبوا مع (داعش) عندما اندحر في هذه المناطق، يجب أن يعيشوا بكامل الحرية، أما من ذهب مع (داعش)، أود أن تكون رسالتي واضحة وصريحة في هذا الاتجاه، وهي أنه لا يمكن أن يعودوا إلى هذه المناطق، ومصيرهم سيكون مصير (داعش)، وأرجو منكم أن تنصحوا من بقي في هذه المناطق أن يلتزموا بمبادئ الأخوة والتعايش والتعاون، وأن يتفرغوا لبناء مستقبلهم ومستقبل أبنائهم».
بدوره، قال الشيخ ثائر عبد الكريم وطبان الجربا، أحد شيوخ قبيلة شمر، المشارك في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن «اللقاء مع رئيس الإقليم كان إيجابيا، وطلبنا منه فتح الحدود لدخول 600 عائلة من قبيلة الشمر التي هربت إلى سوريا بسبب ممارسات (داعش) والعمليات العسكرية، وقد بين لنا أنه أصدر الأوامر بفتح الحدود لهم. وأكد لنا أنه أصدر أمرا بإصلاح الكهرباء في ناحية ربيعة. من جانبنا، أوضحنا له التجاوزات التي حدث في بعض المناطق، ووعدناه بأن هذه الأمور لن تحدث بعد الآن»، مبينا أن 42 رئيس عشيرة شاركوا في الاجتماع، وأن التحالف بين العشائر العربية وقوات البيشمركة في المنطقة «أصبح واسعا جدا وبنسبة 100 في المائة».
وكشف الجربا أن العشائر بحثت مع رئيس الإقليم عملية تحرير الموصل والمناطق الأخرى في محافظة نينوى، وأوضح أن رئيس الإقليم «أكد لنا أنه يرحب بكل عشيرة عربية تنضم إلى عملية محاربة (داعش)». وأضاف الجربا أن قبيلة شمر طالبت بقوات خاصة للعشائر العربية لحماية مناطقها والمشاركة في محاربة «داعش»، وأن رئيس الإقليم رحب بذلك، وتابع: «رئيس الإقليم أبلغنا بأن لجنة خاصة تبدأ عملها بهذا الخصوص قريبا. نحن في قبيلة شمر لدينا فوج من المقاتلين تابع لإقليم كردستان، أما الأفواج الجديدة التي ستشكل قريبا فستكون من كل العشائر».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.