في يوم جديد من سريان العمل على الطريق الساحلي الرابط بين شرق وغرب ليبيا، دبّت حركة الحافلات والسيارات الخاصة معززةً بدعم أمني فرضته الأجهزة الشرطية بينما كانت رحلة الحافلة الخضراء هذا الأسبوع من بنغازي إلى طرابلس، ثمرة تأخَّر قطافها لعملية سلام في طريق محفوف بالأشواك، وكانت الأولى من نوعها منذ سنوات بين أكبر مدينتين في شرق ليبيا وغربها.
الأسبوع الماضي، أُعيد افتتاح الطريق الساحلي السريع بعد شهور من المفاوضات في إطار اتفاق هدنة أُبرم في أكتوبر (تشرين الأول) فيما ترتب عليه السماح لحركة المرور بالعبور عبر خط المواجهة الثابت وتفادي الالتفاف الخطر والطويل في منعطفات الصحراء.
وقال عطية بادي، وهو راكب هبط من الحافلة في مدينة مصراتة في غرب البلاد، إنه لم يقابل أسرته منذ خمس سنوات. لكن، رغم نافذة الأمل التي فتحها الطريق أمام السائق عبد الحميد الهمالي، والركاب البالغ عددهم 35، تكشف الحقائق على الأرض تعثر العملية السياسية في ليبيا فيما تحاول شخصيات قوية استغلال الوضع لتحقيق المكاسب.
وقال بادي بعد رحلة طولها 800 كيلومتر عبر صحراء قاحلة مروراً ببلدات ما زال الاقتتال يترك أثر مخالبه فيها لوكالة «رويترز»: «أتمنى ألا تعود معارك، وتبقى مفتوحة حتى يتواصل الناس».
وأصبحت أفضل فرصة للسلام منذ سنوات على المحك، بعد عقد كامل من الفوضى وأعمال العنف بعد الانتفاضة التي دعمها حلف الأطلسي ضد الرئيس الراحل معمر القذافي، وأفضت في نهاية المطاف إلى تقسيم البلاد بين الشرق والغرب.
وإذا أُجهض حلم السلام فمن الممكن أن تعود ليبيا بسرعة إلى الانقسام بين حكومتين متحاربتين تدعمهما قوى أجنبية في الشرق والغرب. وبعيداً عن عيون السائقين والركاب لا يزال «المرتزقة» الأجانب المدججون بالسلاح في أماكنهم دون أي مؤشر لاتفاق على انسحابهم.
كانت وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية»، قد نفت الأحد الماضي، ما تردد حول تعرض بوابة الثلاثين الواقعة غرب مدينة سرت لهجوم من مجموعة مسلحة، وطرد أعضاء الشرطة الموجودين هناك، وقالت إن هذه أخبار «عارية عن الصحة»، مؤكدة أن البوابات والدوريات على الطريق الساحلي تمارس عملها على أكمل وجه من الجانبين، وأن حركة السير على الطريق العام منتظمة.
وقال مواطنون يعيشون في بلدات صغيرة على جانبي الطريق، إنهم تضرروا كثيراً من إغلاق الطريق كل هذه السنوات، معبرين عن أمنياتهم «عدم العودة إلى الحرب مرة ثانية».
وعندما كانت حافلة الهمالي تسير على الطريق مغادرة سرت المحطة الأخيرة قبل عبور جزء من الطريق السريع تم إعادة فتحه مؤخراً هذا الأسبوع، مرت بلافتة على الطريق إلى طرابلس تملؤها ثقوب الرصاص كأنها رسالة تحذير لليبيين من أن وقف إطلاق النار لا يزال هشاً وعرضة للانهيار.
وأُعيد فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها في 30 يوليو (تموز) الماضي، وقالت اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» إن الطريق يخضع لسيطرة لجنة الترتيبات الأمنية التابعة لها، والتي ستضطلع بكل الإجراءات الأمنية بـ«حرفية وحيادية تامة» لضمان سلامة وأمن المارة بالطريق.
ونهاية الأسبوع الماضي، أدانت اللجنة العسكرية في بيان ما سمتها «الأفعال الشنيعة» التي وقعت على الطريق دون أن تحدد طبيعتها، ورأت أنها «تمثل شكلاً من أشكال نشر الكراهية بين أفراد الشعب الليبي وتقوم به مجموعات من المخربين والغوغائيين والعابثين بأمن الوطن والمواطن».
مسافرون بين شرق ليبيا وغربها يأملون توديع الحرب
وسط دوريات للشرطة لتأمين الطريق الساحلي من الجانبين
مسافرون بين شرق ليبيا وغربها يأملون توديع الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة