«كاوست» تطوّر مستشعر ضغط متناهي الصغر ومنخفض الطاقة

يمكن الاستفادة منه في الاختبارات الطبية والأرصاد الجوية

الدكتورة نهى الشيخ تجهز محدد الليزر البصري  لفحص مستشعر الضغط الميكروي
الدكتورة نهى الشيخ تجهز محدد الليزر البصري لفحص مستشعر الضغط الميكروي
TT

«كاوست» تطوّر مستشعر ضغط متناهي الصغر ومنخفض الطاقة

الدكتورة نهى الشيخ تجهز محدد الليزر البصري  لفحص مستشعر الضغط الميكروي
الدكتورة نهى الشيخ تجهز محدد الليزر البصري لفحص مستشعر الضغط الميكروي

تُعد المستشعرات حلقة الوصل بين الأنظمة الآلية -مثل أجهزة الكومبيوتر والروبوتات– وبيئاتها، فالمستشعرات تقيس شدة الضوء، ودرجة الحرارة، والحركة، والكتلة، والضغط، والموقع، وغير ذلك كثير. وباختصار يمكن تعريف المستشعر بأنه جهاز يحوّل المقادير الفيزيائية (حرارة - ضغط – إضاءة) إلى مقادير كهربائية (تيار – جهد – مقاومة).
وتُبذل جهود بحثية مكثفة بهدف تصغير حجم هذه المستشعرات بحيث يمكن دمجها في المنتجات المحمولة، فعلى سبيل المثال، تُستَخدَم مستشعرات الضغط في التحكم الصناعي، والرعاية الصحية، والاختبارات الطبية، وعلم الأرصاد الجوية. وتتطلب بعض التطبيقات مستشعرات حساسة للتغيرات الصغيرة، تتسم بسرعة الاستجابة لهذه التغيرات، وتصلح للتعامل على نطاق واسع من مستويات الضغط.
وفي هذا الصدد طوّر علماء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مستشعراً -أو حساس ضغط منخفض الطاقة- على مستوى الميكرومتر الذي يعادل جزءاً من مليون من المتر، والذي يمكن أن تكون له تطبيقات محتملة في بيئات مفرغة الهواء.
يعتمد المستشعر الدقيق الحساس للضغط، الذي طوّره الباحثون: البروفسور محمد يونس، والدكتورة نهى الشيخ، والدكتورة أمل حجاج، أخيراً، على حزم متذبذبة من السيليكون لا يزيد طولها على 800 ميكرومتر، وبعرض 25 ميكرومتراً، وسُمك 1.5 ميكرومتر. تقول د. نهى الشيخ: «لقد طوّرنا مستشعر ضغط متناهي الصغر قابلاً للقياس وحساساً، ويصلح للتعامل على نطاق واسع من مستويات الضغط في النظام النانوي».
يتألف المستشعر من حزمة معلقة تتذبذب بتردد اهتزازي تحدده كتلتها، وطولها، وكثافتها، وصلابتها. وعند مرور تيار عبر هذه الحزمة، تزداد درجة حرارتها وتبدأ في الانثناء. ويؤدي هذا التقوس المتزايد إلى زيادة صلابة الحزمة ومن ثم يحرك التردد الاهتزازي. ويعمل الهواء المحيط بالحزمة على تبريدها، وكلما زاد الضغط، زاد الهواء وتحسَّن التبريد. وهكذا يرتبط التردد الاهتزازي للحزمة -الذي يمكن قياسه كهربياً- بالضغط.
يغطي الجهاز الذي طوّره الفريق نطاقاً واسعاً من مستويات الضغط، بدءاً من 0.038 تور حتى 200 تور (الضغط الجوي يساوي 720 توراً). وتبلغ حساسية المستشعر 2689 x 10 - 6 تور.
وأوضح الفريق أن المستشعر يمكن تعديل تصميمه خصوصاً ليلائم تطبيقاً محدداً، وذلك بتغيير سُمك الحزمة. كما أجرى الفريق محاكاة لعمل الحزمة كي يبينوا أن الحزمة الميكروية الأقل سُمكاً ترتبط بزيادة الدقة والحساسية، أما الحزمة الأكثر سُمكاً فتستهلك مزيداً من الطاقة. ومن ثم، يمكن حساب السُّمك الأمثل لتحقيق أفضل مستوى من الحساسية عند مستويات الضغط المنخفض أو العالي، بناءً على البيئة التي يستهدفها الجهاز.
ويعلق البروفسور محمد يونس على ذلك قائلاً: «نحن محظوظون لامتلاكنا القدرة على استكشاف أفكار جديدة مبتكرة، مثل فكرة مستشعر الضغط الجديد هذا، وذلك بفضل ما توفره (كاوست) من أحدث المرافق. ونأمل أن نواصل الاستفادة من هذه الفرصة كي نصل بفكرة هذا الجهاز إلى المستوى التجاري».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً