معارك طاحنة في شمال أفغانستان... و{طالبان} تسيطر على مدن جديدة

واشنطن تدعو الحركة إلى وقف دائم لإطلاق النار

علم طالبان وسط الميدان الرئيسي في قندوز بعد سيطرة عناصر الحركة على مفاصل المدينة أمس (أ.ب)
علم طالبان وسط الميدان الرئيسي في قندوز بعد سيطرة عناصر الحركة على مفاصل المدينة أمس (أ.ب)
TT

معارك طاحنة في شمال أفغانستان... و{طالبان} تسيطر على مدن جديدة

علم طالبان وسط الميدان الرئيسي في قندوز بعد سيطرة عناصر الحركة على مفاصل المدينة أمس (أ.ب)
علم طالبان وسط الميدان الرئيسي في قندوز بعد سيطرة عناصر الحركة على مفاصل المدينة أمس (أ.ب)

ضيقت طالبان الخناق أمس (الأحد) على شمال أفغانستان حيث سيطرت على عاصمتي ولايتين إضافيتين في وقت تنقل معركتها إلى المدن بعدما انتزعت معظم مناطق الريف في الأشهر الأخيرة». وسيطر المتمردون على ما يصل إلى أربع عواصم ولايات منذ الجمعة في هجوم سريع يبدو أنه شكل ضغطا كبيرا على القوات الحكومية، التي سارعت للحشد العسكري لوقف تقدم عناصر طالبان». وأكد نواب وسكان أن مدينتي قندوز وساري بول في الشمال سقطتا خلال ساعات أمس، بعد معارك شرسة». وسيطرت حركة طالبان على السجن المركزي بإقليم تخار، شمال أفغانستان وحررت جميع السجناء، طبقا لما ذكره ممثل محلي أمس الأحد، حسب وكالة «باجوك» الأفغانية للأنباء أمس». وقال عزام أفضلي، سكرتير مجلس الإقليم إن طالبان استولت على السجن المركزي قبل ظهر أمس وحررت جميع السجناء». وذكر مصدر أمني آخر أن طالبان سيطرت على معظم المناطق بمدينة طالقان، عاصمة إقليم تخار». وتحدث أحد سكان قندوز عن «حالة فوضى تامة» تعم المدينة. من جهتها، أكدت طالبان في بيان «بعد قتال شرس سيطر المجاهدون بفضل الله على عاصمة (الولاية) قندوز». وأضافت «سيطر المجاهدون أيضاً على مدينة ساري بول بما في ذلك المباني الحكومية وكافة المنشآت فيها». وقالت باروينا عظيمي، الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة في ساري بول، لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف إن مسؤولي الحكومة والقوات المتبقية انسحبوا إلى ثكنات تقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات عن المدينة». وأفاد عضو في مجلس الولاية يدعى محمد حسين مجاهد زاده بأن طالبان «حاصرت» المجمع. وتعد قندوز أهم مكسب تحققه طالبان منذ أطلقت هجوما في مايو (أيار) مع بدء القوات الأجنبية آخر مراحل انسحابها من البلاد». ولطالما كانت قندوز هدفا بالنسبة لطالبان التي اجتاح مقاتلوها المدينة في 2015 ومرة أخرى في 2016، لكن من دون أن ينجحوا يوما في السيطرة عليها لمدة طويلة». وأكدت وزارة الدفاع أن القوات الحكومية تقاتل لاستعادة المنشآت الرئيسية، ووقف الزحف». وذكرت في بيان أن «قوات خاصة أطلقت عملية تطهير. تم تطهير بعض المناطق بما في ذلك مباني الإذاعة والتلفزيون الوطنيين من عناصر طالبان الإرهابيين». وتعد قدرة كابل على السيطرة على شمال البلاد حاسمة بالنسبة لاستمرارية الحكومة على الأمد الطويل». إلى ذلك، أدانت السفارة الأميركية في كابل الهجوم الجديد العنيف الذي شنته حركة طالبان على عواصم أقاليم أفغانية، حسب وكالة «باجوك» الأفغانية للأنباء أمس». وانتقدت السفارة السيطرة غير القانونية على زارانج (نمروز) والهجوم على شبرجاه (جاوزجان) واستمرار الجهود للسيطرة على لاشكرجاه (هلمند) وعواصم إقليمية أخرى». وجاء في بيان السفارة: «تلك التحركات من جانب طالبان لفرض حكمها بالقوة، غير مقبولة وتتعارض مع مزاعمها لدعم تسوية تفاوضية في عملية السلام بالدوحة». وأضاف البيان «ندعو طالبان إلى الموافقة على وقف دائم وشامل لإطلاق النار والمشاركة بشكل كامل في مفاوضات السلام لإنهاء معاناة الشعب الأفغاني». ولطالما اعتبر شمال أفغانستان معقلا مناهضاً لطالبان شهد مقاومة كانت الأشد لحكم الحركة في تسعينات القرن الماضي». ولا تزال المنطقة تؤوي العديد من الميليشيات فيما تعد أرضاً خصبة لتجنيد عناصر القوات المسلحة.
وأفاد المستشار لدى مجموعة الأزمات الدولية إبراهيم ثوريال بأن «السيطرة على قندوز مهمة للغاية إذ أنها ستخفف الضغط عن عدد كبير من قوات طالبان ليكون من الممكن حشدهم في أجزاء أخرى من الشمال». وانتشرت تسجيلات مصورة تظهر المعارك نهاية الأسبوع تضمنت مشاهد لإطلاق سراح العديد من السجناء في المدن التي تمت السيطرة عليها». وتستهدف طالبان السجون عادة لإطلاق سراح المقاتلين المحتجزين وبالتالي تعزيز صفوفها». وسيطرت الحركة الجمعة على أول عاصمة ولاية في أفغانستان هي زرنج في نمروز عند الحدود مع إيران، وانتزعت في اليوم التالي شبرغان في ولاية جوزجان الشمالية». وأفادت تقارير عن وقوع معارك على أطراف هرات (غرب) ولشكركاه وقندهار (جنوب)».
وشكلت وتيرة التقدم الذي حققته طالبان مفاجأة للقوات الحكومية لكن عناصر الحكومة تلقوا دفعة إلى الأمام في وقت متأخر السبت بعدما قصفت مقاتلات أميركية مواقع طالبان في شبرغان». وتعد شبرغان معقلا لأمير الحرب السابق عبد الرشيد دوستم الذي أشارت تقارير إلى أن عناصر ميليشياته انسحبوا إلى جانب القوات الحكومية باتجاه المطار». وأشرف دوستم على إحدى أكبر الميليشيات في الشمال واكتسب سمعة كشخصية يهابها كثيرون عندما قاتل طالبان في تسعينات القرن الماضي، فيما اتهمت قواته بارتكاب مجازر بحق آلاف سجناء الحرب المنتمين إلى المتمردين.
ومن شأن أي تراجع لمقاتلين أن يقلص آمال الحكومة مؤخراً في قدرة الميليشيات على مساندة جيش البلاد الذي يعاني من ضغط شديد. ولم تدل الحكومة بكثير من التصريحات بشأن سقوط عواصم الولايات، باستثناء تعهدها استعادتها.
وكان هذا رد فعلها المعهود على معظم المكاسب التي حققتها طالبان في الأسابيع الأخيرة، رغم أن القوات الحكومية فشلت بدرجة كبيرة في الإيفاء بتعهداتها استعادة عشرات المناطق والمراكز الحدودية». ونزح مئات آلاف الأفغان جراء المعارك الأخيرة فيما قتل 12 شخصاً السبت عندما أصابت قنبلة زرعت في جانب الطريق حافلتهم أثناء محاولتهم الهرب من غارديز في ولاية باكتيا». وقال نور جان «خسرت والدتي ووالدي وشقيقين واثنتين من زوجات أشقائي وغيرهم من أفراد عائلتي». ومن المقرر استكمال انسحاب القوات الأجنبية بحلول نهاية الشهر الجاري، قبيل الذكرى الـ20 على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة والتي أدت إلى الاجتياح الذي أطاح طالبان.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».