ما أبرز التحديات الدبلوماسية التي تنتظر الحكومة الإسرائيلية المقبلة؟

خبراء يرون أن مجيء حكومة يمينية سيؤدي إلى تدهور علاقات تل أبيب الدبلوماسية

ما أبرز التحديات الدبلوماسية التي تنتظر الحكومة الإسرائيلية المقبلة؟
TT

ما أبرز التحديات الدبلوماسية التي تنتظر الحكومة الإسرائيلية المقبلة؟

ما أبرز التحديات الدبلوماسية التي تنتظر الحكومة الإسرائيلية المقبلة؟

سيضطر الفائز في الانتخابات التشريعية المرتقبة في إسرائيل إلى التعامل مع سلسلة من التحديات الدبلوماسية الملحّة، أبرزها الأزمة غير المسبوقة في العلاقات مع الولايات المتحدة، ومواجهة قضائية على الساحة الدولية مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني، والتوترات مع الاتحاد الأوروبي بسبب البناء الاستيطاني المتواصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويقول خبراء سياسيون إن ائتلافا حكوميا من أحزاب يسار الوسط قد يفيد إسرائيل على الساحة الدبلوماسية، إلا أن حكومة يمينية جديدة بقيادة نتنياهو قد تؤدي إلى تدهور على جميع الجبهات، خاصة مع الإدارة الأميركية، بعد وصلت العلاقات الفاترة أصلا بين نتنياهو والرئيس أوباما إلى أسوأ حالاتها، بسبب إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي على إلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي أعرب فيه عن قلقه من اتفاق محتمل بين القوى الدولية وإيران حول برنامجها النووي. وفي هذا الشأن قال يغال بالمور، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إن «ثمن الحديث عن هذه القضية علنا، والتعليق على نقاش عام تم عبر خطاب الكونغرس، هو خسارة التأثير خلف الأبواب المغلقة».
ويقول الخبراء إن حكومة جديدة بقيادة هرتزوغ ستساعد حتما على إعادة بناء العلاقات مع إدارة أوباما، حيث يؤكد إيتان جيلبوع خبير العلاقات الإسرائيلية - الأميركية بجامعة بار إيلان، إنه في حالة عودة نتنياهو لولاية أخرى، فإنه سيواجه عقبات أكبر في التنسيق مع واشنطن، ليس فيما يتعلق بالنووي الإيراني فحسب، بل أيضا في عدد من القضايا التي تقدم فيها الولايات المتحدة في العادة دعما ثابتا لإسرائيل. وإحدى هذه القضايا مسعى الفلسطينيين للتوجه بشكل أحادي الجانب للأمم المتحدة، وقيامهم بمقاضاة إسرائيل أمام الجنائية الدولية. وبحسب جيلبوع فإنه «في السابق كنا نثق بأن الولايات المتحدة تقوم بعرقلة تحركاتهم، لكن مع حكومة (يمينية) محدودة فإن الظروف ستتغير».
وهناك أيضا علاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي الذي يعد أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث تسعى وزيرة خارجيته فديريكا موغيريني للمشاركة بشكل أكبر في حل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. وقد أوضح شارون باردو مدير مركز دراسات السياسات الأوروبية والمجتمع في جامعة بن غوريون أن «الأوروبيين لا يرغبون في أن يظهروا وكأنهم يتدخلون في الانتخابات.. وقد تتحسن العلاقات مع أوروبا في حال قدوم قيادة إسرائيلية جديدة»، مضيفا أنه «في حال تم تشكيل الحكومة المقبلة من عناصر تعتبرها أوروبا أكثر اعتدالا، فلا شك في أننا سنرى استعدادا للاستماع إلى الحكومة الجديدة».
لكن تبقى جهود السلام مع الفلسطينيين أصعب قضية للتعامل معها، خاصة بعد انهيار مفاوضات السلام في أبريل (نيسان) 2014.
وحول هذه القضية الحساسة، أكد دوري غولد، وهو سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، وشغل منصب مستشار السياسة الخارجية لنتنياهو حتى يناير (كانون الثاني) الماضي، أن الحكومة الإسرائيلية المقبلة ستواجه ضغوطات دولية للعودة إلى طاولة المفاوضات، بينما ستتوقع القوى الدولية من إسرائيل تقديم تنازلات.
وقال موضحا: «يريد الغرب دائما من إسرائيل دفع ثمن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين»، في إشارة إلى تجميد الاستيطان أو إطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وتعهد هرتزوغ بالسعي للتوصل إلى اتفاق سياسي مع الفلسطينيين لتحديد حدود إسرائيل الدائمة، بدعم من الدول العربية المعتدلة، بينما أكد نتنياهو أن الوقت حاليا غير ملائم تماما لأي اتفاق يتضمن تنازلات إقليمية.
ويرى بالمور، الذي يشغل حاليا منصب رئيس الشؤون العامة في الوكالة اليهودية، أنه حتى لو لم يتم استئناف مفاوضات السلام، فإن على إسرائيل أن تعمل على تهدئة الوضع لتهيئة الظروف لاستئناف المحادثات في المستقبل. وبحسب بالمور فإنه «نظرا لعدم وجود مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين، فإن على إسرائيل أن تسعى للهدوء (وليس لحل)، ولكن نوع من الهدوء على الجبهة الفلسطينية، ونوع من التوازن الذي سيسمح مع مرور الوقت باستئناف الجهود الدبلوماسية لاتفاق يتفاوض عليه.. لكن على إسرائيل في الوقت نفسه الإبقاء على كل الخيارات مطروحة على المستوى الإقليمي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.