مسيرات شعبية وإجراءات أمنية ومطالبات بكشف الحقيقة

TT

مسيرات شعبية وإجراءات أمنية ومطالبات بكشف الحقيقة

أحيا اللبنانيون، أمس، الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت بإقفال عام، وبنشاطات رمزية وميدانية، ومسيرات جالت شوارع العاصمة ووقفات تضامنية في المرفأ وأمام قصر العدل، في إشارة إلى ضرورة الوصول إلى الحقيقة في هذه القضية.
وكان المتظاهرون بدأوا بالتوافد صباحاً إلى ساحات العاصمة بيروت، لا سيما تلك التي كانت تشهد تحركات خلال انتفاضة السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك وسط إجراءات أمنية مشددة.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، انطلقت عشرات الأتوبيسات من طرابلس باتجاه بيروت للمشاركة في إحياء الذكرى، كما انطلقت أتوبيسات من عدة مدن جنوبية، منها صور، تضامناً مع أهالي الضحايا والجرحى تحت شعار «رفع الحصانة عن المتورطين والمنظومة السياسية».
وانتشرت على طول الطرقات المؤدية إلى بيروت حواجز ثابتة للجيش اللبناني الذي أعلن أن وحداته المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية أوقفت عدداً من الشبان المتوجهين للمشاركة في الذكرى الأولى لانفجار المرفأ وبحوزتهم كميات من الأسلحة والذخائر. وأوضح الجيش أنه اتخذ تدابير احترازية لمواكبة إحياء ذكرى انفجار المرفأ بهدف الحؤول دون قيام أعمال شغب أو صدامات، وأنه أوقف مواطناً في منطقة الذوق (شرق بيروت) بحوزته سلاح وذخائر (مسدس وعصي وأقنعة واقية من الغاز وسلاسل معدنية)، كما أوقف ستة مواطنين عند حاجز الأولي في صيدا (جنوب لبنان) بحوزتهم أسلحة حربية وذخائر وأعتدة عسكرية وبوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».
وجالت بيروت مسيرة راجلة لقوى الأمن الداخلي تكريماً لأرواح ضحايا الانفجار، وتم وضع 214 وردة على النصب التذكاري للضحايا تكريماً لأرواحهم، كما وضع وفد من الأمن العام إكليلاً من الزهر على ضريح ضحايا المرفأ قرب مكان الانفجار.
ونظمت نقابة المحامين في بيروت يوماً تضامنياً مع ضحايا الانفجار وتكريماً للجرحى المحامين والضحايا منهم، أكد خلاله نقيب المحامين ملحم خلف أن أحداً لن يفلت من المحاسبة والعقاب وأن العدالة آتية.
ومن أمام شركة كهرباء لبنان في الجميزة (شرق بيروت)، انطلقت مسيرة كبيرة وصولاً إلى المرفأ. وتخلل المسيرة إشكال بين متظاهرين حزبيين نتج عنه عدد من الجرحى. وأفادت قناة «إل بي سي أي»، بأن قوى الأمن أطلقت النار بالهواء لفض اشتباك حصل في المنطقة بين مسيرتين لحزب القوات والحزب الشيوعي، وحضرت قوة من الجيش اللبناني لتطويق الحادث.
وكانت القوى الأمنية اتخذت تدابير سير خاصة، إذ أقفلت بعض الطرقات في العاصمة، كما أهابت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالمواطنين الإبقاء على سلمية التحرك وعدم الانجرار إلى الأعمال التخريبية.
وعند الساعة السادسة وسبع دقائق، توقيت حصول الانفجار قبل عام، رُفع أذان المساجد وقُرعت أجراس الكنائس في وسط بيروت، كما أُطلقت أبواق سيارات الدفاع المدني والصليب الأحمر وسيارات الإسعاف في التوقيت نفسه.
كما وجهت القوات الجوية في الجيش اللبناني تحية تضامنية مع أهالي الضحايا من فوق مكان الانفجار في مرفأ بيروت.
وحداداً على أرواح الضحايا الذين سقطوا في تفجير المرفأ، تم تنكيس الأعلام في القصر الجمهوري، أمس، الذي أعلنته الدولة يوم حداد عام أقفلت خلاله الإدارات الرسمية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».