الشيف مارون شديد: أضع في أطباقي حواسي الخمس وكمشة حب ورشة من الإنسانية

دخل العالمية من بابها العريض وسجل نجاحات من الصين إلى مونتي كارلو

الشيف مارون شديد  -  حضور قوي في مونتي كارلو
الشيف مارون شديد - حضور قوي في مونتي كارلو
TT

الشيف مارون شديد: أضع في أطباقي حواسي الخمس وكمشة حب ورشة من الإنسانية

الشيف مارون شديد  -  حضور قوي في مونتي كارلو
الشيف مارون شديد - حضور قوي في مونتي كارلو

هو موسوعة متنقلة لمعلوماته الكثيرة في مجال الطبخ، فالشيف مارون شديد يعد الثقافة العامة عنصرا أساسيا في مهنته، ولذلك هو منكب دائما على البحث والتفتيش عن كل جديد فيها، الأمر الذي يخوله إلى أن يرد على أي سؤال تتوجه به إليه في مجال الطبخ.
«الطبخ فن راق لا يمكن الاستهانة به كما أننا يجب أن نحفزه بثقافة خاصة تطوره وتزيد من ارتقائه، وأنا أعمل جنبا إلى جنب مع عدد من المختبرات العلمية لدراسة كل مكون أو منتج أستعمله»، هكذا يصف الشيف مارون مواكبته اليومية لعمله، هو الذي دخل مجال الطهي عندما كان لا يزال في السابعة عشرة من عمره.
«تأثرت بـ3 أشخاص خلال مشواري المهني، وأولهم والدتي»، يرد الشيف مارون شديد بحماس. ويتابع: «لم يحبذ والداي فكرة انخراطي في هذا المجال، ولكن مع الوقت وعندما لمسوا شغفي به شجعاني، وخصوصا والدتي التي اعترف أنه بسببها وصلت إلى ما أنا عليه اليوم».
يعد الشيف مارون والدته التي خسرها منذ فترة قصيرة، الموسوعة الأساسية التي نهل منها غالبية معلوماته في مجال الطهي ويقول في هذا الصدد: «أعد والدتي مصدر وحي وملهمة تطلعاتي إلى الأفضل، وأحيانا كثيرة أتخيلها أمامي لكي أتمكن من التوصل إلى مذاق طبق معين. كانت ربة منزل بامتياز في استطاعتها أن تحضر مائدة لـ20 شخصا في ظرف نصف ساعة. لقد تعلمت منها أن أغرف الحب من مكونات أي طبق أحضره دون استثناء». ويتذكر الشيف مارون متأثرا: «قبل رحيلها بيوم زرتها وعائلتي بدعوة منها إلى الغذاء، وزودتني يومها بعلبة وضعت لي فيها (البابا غنوج) وهو من المتبلات التي أحبها كثيرا». ويتابع: «تخيلي أنني بقيت آكل في هذا الطبق لمدة 20 يوما بعد رحيلها دون أن يتغير طعمه، وفي كل مرة كنت أتناول منه كمية صغيرة كنت أتساءل عن سرها، فأسلوبها في الطبخ كان فريدا من نوعه وأحاول دائما تقليدها في هذا الصدد».
ولكن، ماذا عن الأشخاص الآخرين الذين ساهموا في تكوين شخصيته المهنية؟ يجيب: «هناك روبير حجيلي، ومجيد حكيم، وهذان الاثنان برعا في فن الطهي بشكل كبير، فشكلا حالتين استثنائيتين في مهنتي كـ(شيف) عامة. تعلمت من الأول أصول المطبخ اللبناني والنفس الطيب والإنسانية في الطهي، بينما أخذت من الثاني كيفية التخطيط والتفكير وإدارة أعمالي بشكل ناجح، فلعبا دورا هاما في حياتي لا يمكن أن أنساهما أبدا».
ومهما تحدثنا مع الشيف مارون شديد عن سر نجاحه، فهو دائما ما يعود إلى نقطة البداية؛ أي إلى ثقافة الأصالة التي استشفها من هؤلاء الثلاثة، ويعبر عن الوصفة المثالية لطبق شهي بالقول: «إذا لم يدخله فعل الحب من أول لحظة فكوني على ثقة بأن طعمه لن يكون لذيذا، كما يجب أن تعملي بحواسك الخمس دون تغييب أي واحدة منها، فكما تحمل حاستا الذوق والشم أهمية خاصة في تحضير أي طبق، هناك ارتكاز كبير على حواس السمع والنظر واللمس. فالصوت العميق الصادر من أسلوب غرف الملعقة في الطبق، يعرف المحترف في هذا المجال على مدى انسجام المكونات بعضها ببعض، أما أسلوب تقديمه على المائدة فهو إما أن يفتح باب شهيتك وإما العكس، وبأناملك تستطعين أن تفرضي ملمس الطعام الخاص بكل نوع منه ولا يجب أن ننسى رشة من الإنسانية التي يجب أن تغلفه».
جال الشيف مارون شديد في الكرة الأرضية بأكملها حاملا معه أسس المطبخ اللبناني وخصائصه. ففي عام 2013 منح لقب «شيف العام» من قبل الجمعية العالمية للطهي «les toques blanches du monde». وفي عام 2012 كان اللبناني والشرق أوسطي الوحيد الذي دعي للمشاركة في حفل آلن دوكاس «Louis xv 25ans»، كما استضافته مارسال رافين في مطعم «بلو باي» في فندق مونتي كارلو في إمارة موناكو، وترأس وفد المنتخب الوطني اللبناني الذي شارك في مسابقة «Bocuse d'or» العالمية التي أقيمت في الصين عام 2008. وفي مدينة بيلاجيو الإيطالية استطاع إعداد 6 وجبات خلال حفل عشاء أقيم ضمن مهرجان «gourmet food and wine festival» في فندق «سيربيللوني» المدموغ بنجمة «ميشلان».
كما منح ميدالية «bocuse d’or» الذهبية في لبنان. وإضافة إلى إنجازاته هذه أسس وترأس قسم فن الطهي، ومطعم تطبيق الطالب في قسم «L’atelier» في جامعة القديس يوسف في بيروت. كما أنشأ عام 2012 شركة «مارون شديد لفنون الطهي»، وهدفها إشراك خبراته في مجال الطهي في 3 قطاعات: تأمين الطعام المرهف للزبائن، أكاديمية الطبخ التي تفتح المجال أمام هواة الطبخ للاطلاع على أسس هذا المجال وعناصره الأساسية، وقسم الاستشارات وتطوير الأعمال التي يزود بها الشيف مارون المطاعم ومستثمري الأعمال في مجال الطهي بالنصائح والدراسات الخاصة للنجاح فيها.
«أكثر ما أتذكره في مشواري الطويل هذا هو مشاركتي في مهرجان عالمي أقيم في إيطاليا عام 2012، وشارك فيه 250 شيفا اختاروا بينهم 12 شخصا ليتباروا لصنع أطباق تنحدر من ثقافاتهم، فاخترت تحضير طبق الـ«ريزوتو» الإيطالي الذي كان من ضمن لائحة الطعام المطلوب منا تحضيرها. ابتكرت طريقة جديدة في صناعة هذا الطبق ومزجت فيه ما بين ثقافتي الشرقية والغربية، فأضفت إلى مكوناته الأصلية زيت الزيتون وزهرة «البوراش»، وقطعت البصل على شكل بطاطا الـ«شيبس»، كما لونته ببهارات من بلادنا كالكمون، وصدقيني إذا قلت لك إن جميع الطهاة المشاركين في المسابقة لم يستطيعوا مقاومة الرائحة المتسللة من طبقي، فكانوا يزورون المنصة التي أقف عليها الواحد تلو الآخر ويتهامسون بين بعضهم البعض، متبادلين الدعوات للوقوف على مكونات الطبق الذي حضرته. حتى إن أحد الطهاة الإيطاليين أثنى على طبق الـ«ريزوتو» الذي حضرته قائلا لي: «كيف استطعت أن تحضر طبقا إيطاليا بهذه المهارة التي لا نصادفها في الطبق الأصلي الذي نحضره نحن الإيطاليون؟».
وسألت الشيف مارون شديد عن القاعدة الأساسية التي يجب اتباعها في اختراع طبق ما فأجاب: «الاختراع يتطلب من صاحبه التمتع بثقافة المطبخ، فيجب أن ندرس جيدا خطواتنا في هذا الموضوع، إذ ليس من السهل هذا الأمر كما يتخيل البعض. وهنا أرغب في أن أضيف أن أي طبق نرغب في إضافة مكونات جديدة عليه يجب أن نحافظ على هويته الأصلية دون أن تفقد توازنها». ورأى الشيف مارون أن 3 عناصر أساسية يجب أن نحافظ عليها في طريقة تحضير أي طبق، ألا وهي: المذاق، والنسيج، والنكهة. ويضيف: «التوازن في أسلوب اختيار المكونات إضافة إلى انسجامها مع بعضها بعضا «harmony»، وأن تتمتع بملمس الطبق الأصلي تؤلف قواعد تحضير أي طبق نقوم به».
أما أحلام الشيف مارون شديد فهي تترجم تطلعاته الحقيقية إلى المستقبل، ويقول: «أحلم في أن يصبح اسم مارون شديد بمثابة مدرسة تزود من يرغب في تحقيق النجاح أن يتبع دروسها، فلمطبخ مارون شديد هويته الخاصة ومن تذوق أطباقي يعرف تماما عن ماذا أتكلم، فإذا ما وضعت أحد أطباقي بين 100 غيرها، فإنك دون شك ستتعرفين مسبقا إلى أنني صاحب توقيعها».



مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
TT

مطعم «تيرا نيرا» في باريس... جاذب عشاق الأكل الإيطالي والسياح

مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)
مشهد من مسلسل «إيميلي في باريس» خارج المطعم (إنستغرام)

الشيف غابريال في «إيميلي في باريس» (Emily in Paris) هو شخصية محورية في المسلسل، وهو شاب فرنسي وسيم يعمل شيفاً في مطعم في باريس. يُجسِّد دوره الممثل الفرنسي لوكاس برافو. غابريال هو جار إيميلي، ويسكن في نفس المبنى الذي تسكن فيه البطلة الأميركية، التي تنتقل من شيكاغو إلى باريس للعمل في شركة تسويق. تنشأ بينهما علاقة معقدة ومليئة بالتوتر العاطفي، حيث تنجذب إيميلي إلى الشيف غابريال، لكنه في نفس الوقت مرتبط بعلاقة حب مع كامي، وهي إحدى صديقات إيميلي.

إلى جانب جاذبيته الشخصية، غابريال موهوب جداً في الطهي، ويكرس وقته بالكامل لمهنته طاهياً وحلمه الحصول على نجمة ميشلان للتميز. في مواسم لاحقة من المسلسل، يلعب دورُه في إدارة المطعم والطموح لفتح مطعمه الخاص دوراً مهماً في تطور قصته. العلاقة بينه وبين إيميلي وكامي هي جزء أساسي من دراما الحب الثلاثي، التي تتكرر في سياق المسلسل.

الطاولة الشهيرة التي يجلس عليها الشيف غابريال (إنستغرام)

الشخصية تعكس الجوانب الرومانسية والمهنية للعالم الباريسي، حيث يتفاعل الشيف غابريال مع شغفه بالطهي وتحديات العلاقات العاطفية.

هذه هي باختصار قصة الشيف الوسيم الذي يعمل في مطعم «ليه دو كومبير» (Les Deux Compères)، وهو موقع حقيقي ومعروف في باريس، لكنه في الواقع لا يحمل هذا الاسم. المطعم الحقيقي يُدعى «Terra Nera»، وهو مطعم إيطالي يقع في الدائرة الخامسة في باريس بالقرب من البانثيون، تماماً كما في المسلسل.

ومن وراء شهرة «إيميلي في باريس» عالمياً أصبح «تيرا نيرا» وجهة شعبية للزوار والمعجبين بالمسلسل، بعد أن تم تصوير مشاهد كثيرة فيه. على الرغم من أن المسلسل يظهره مطعماً فرنسياً بإدارة غابريال، فإن المطعم الحقيقي يقدم أطباقاً إيطالية.

ويدور كثير من الأحداث والمشاهد في المسسل في هذا المطعم الذي يلعب دوراً محورياً، فهو ليس مكان عمل الشيف غابريال فقط، ولكنه نقطة التقاء شخصيات رئيسية كثيرة في القصة أيضاً.

يشتهر مطعم «تيرا نيرا» بأطباقه الإيطالية الأصلية، فهو صغير الحجم يقصده الذواقة الباحثون عن عنوان إيطالي في قلب العاصمة الفرنسية، كما يشتهر أيضاً بخدمته الجيدة. ويعمل فيه أعضاء من عائلة إيطالية واحدة. من أشهر أطباقه: أنتيباستي ميزون، واللينغويني ألي فونغولي، وساليتشي نابوليتانا، وتورتا ديلا نونا، أو «تورتة الجدة»، ولاكريما كريستي.

ميزة المطعم أنه يقدم مأكولات إيطالية تقليدية مع التركيز على الأطباق الكلاسيكية، مثل البيتزا والمعكرونة، بالإضافة إلى اللحوم والأسماك التي تحضر على الطريقة الإيطالية المتوسطية.

يشتهر «تيرا نيرا» بالأطباق الإيطالية بما فيها الأسماك (إنستغرام)

ومن الأسباب التي زادت من شهرة المطعم هو موقعه في منطقة سياحية، وقربه من معالم ثقافية كثيرة، مثل البانثيون وجامعة السوربون.

الديكور في المطعم بسيط وجميل بنفس الوقت، وأجواؤه دافئة جداً، يجذب كثيراً من الزوار بسبب المسلسل الذي تنتجه «نتفليكس»، ما زاد من شعبيته بين عشاق «إيميلي في باريس» والسياح عموماً، وخاصة عشاق الأكل الإيطالي.

وقبل ظهور المطعم في المسسل كان المطعم مقصد الذواقة الإيطاليين والفرنسيين الذين يعشقون الأكل الإيطالي.

مطعم «تيرا نيرا» الإيطالي في باريس (إنستغرام)

الطاهي الرئيسي في مطعم «Terra Nera» في باريس هو «Giovanni Lepori». يتميز «Lepori» بخبرته الواسعة في تقديم المأكولات الإيطالية الأصيلة، مع التركيز على إعداد الأطباق باستخدام مكونات طازجة وتقنيات تقليدية، تعكس روح المطبخ الإيطالي. ومن الضروري أن تقوم بالحجز المسبق نظراً لشعبيته المتزايدة، خصوصاً خلال المواسم السياحية على مدار العام.