محكمة إسرائيلية ترجئ الفصل في قرار طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح

فلسطينيون في بيت لحم يشاركون في احتجاجات دعماً لإخوانهم المقيمين بحي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)
فلسطينيون في بيت لحم يشاركون في احتجاجات دعماً لإخوانهم المقيمين بحي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)
TT

محكمة إسرائيلية ترجئ الفصل في قرار طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح

فلسطينيون في بيت لحم يشاركون في احتجاجات دعماً لإخوانهم المقيمين بحي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)
فلسطينيون في بيت لحم يشاركون في احتجاجات دعماً لإخوانهم المقيمين بحي الشيخ جراح بالقدس (أ.ف.ب)

أرجأت المحكمة العليا الإسرائيلية، اليوم (الاثنين)، بت قرار طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة لمصلحة مستوطنين إسرائيليين، وهي قضية تسببت بتصعيد دامٍ في مايو (أيار) الماضي.
وقالت العائلات إنها رفضت عرض المحكمة البقاء في المنازل «كمستأجرين محميين» ودفع إيجار سنوي رمزي في مقابل أن يعترفوا بملكية المستوطنين للعقارات، على ما أكد محمد الكرد، أحد المهددين بالطرد، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وطلب القاضي إسحق عميت الاطلاع على مزيد من الوثائق والبيانات، مشيراً إلى أن المحكمة «ستنشر القرار لاحقاً» من دون تحديد موعد واضح.
وشدد المحامي سامي إرشيد، ممثلاً العائلات الفلسطينية الأربع التي ناقشت المحكمة العليا ملفاتها في جلسة الاثنين، على رفض عرض المحكمة. وقال: «نوافق على اعتبارنا مستأجرين محميين لكن مع الاحتفاظ بحقوقنا (...). سنطلب الاعتراف بحقوق الملكية التي منحتها إيانا الحكومة الأردنية».
أما محامي المستوطنين إيلان شيمر فرأى أن مطالب السكان «غير قابلة لأن تتحقق».
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967 وضمتها لاحقاً، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي الذي يرفض الاستيطان ويعتبره غير قانوني. وتتعلق القضية بملكية الأرض التي بُنيت عليها منازل يعيش فيها فلسطينيون ويسعى مستوطنون للاستحواذ عليها في القدس الشرقية.
وينص القانون الإسرائيلي على أنه إذا تمكن يهود من إثبات أن عائلتهم عاشت في القدس الشرقية قبل حرب عام 1948 يمكنهم المطالبة باسترداد «حقهم في الملكية». ولكن لا يوجد مثل هذا القانون للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم خلال الحرب.
وقال المحامي إرشيد إن «الجلسة مهمة وصعبة والنقاش كان حاداً... نأمل أن تأخذ المحكمة الوثائق الجديدة التي قدمناها على محمل الجد». وأضاف: «القضايا المطروحة ليست بسيطة، والقضاة يعون ذلك، وهذا يدعو إلى التفاؤل، خاصة أن القضاة أصغوا إلى جميع الادعاءات حتى تلك التي تناقض ما أصدرته محاكم سابقة». ورأى أن القضاة يحاولون أن «تصل الأطراف إلى تسوية مبنية على مبادئ قانونية محددة».
واستأنفت العائلات أمام المحكمة العليا بعدما قضت محاكم دنيا بإجلائها في دعوى أقامها مستوطنون إسرائيليون، لكن في إسرائيل يمكن مع بعض الاستثناءات الاستئناف مرة واحدة فقط أمام المحكمة العليا التي حكمت لمصلحة الإخلاء في الماضي.
من جهته، انتقد نائب رئيس بلدية القدس أرييه كينغ الذي يدعم موقف المستوطنين، تأجيل المحكمة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا استمرت المحكمة في ذلك فهذا يعطي العرب مجالاً للقيام بأعمال شغب».
وفي بيان لها، قالت العائلات الفلسطينية المهددة بالطرد إنها طلبت من المحكمة قبول استشارة قانونية لاختصاصية قانونية.
وبحسب البيان، «قدم المحامون طلباً بقبول استشارة قانونية للدكتورة رونيت ليفين شنور» وهي أستاذة في القانون وباحثة في معهد غازيت غلوب لأبحاث العقارات.
وأضاف البيان أن شنور خلصت إلى أن «الحكومة الأردنية قامت بكل ما يلزم لتسجيل ملكية المنازل قبل نشوب حرب يونيو (حزيران) 1967، ولم يتسنَّ لها إتمام ذلك بسبب الحرب وعلى حكومة إسرائيل احترام تعهدات الحكومة الأردنية».
خارج المحكمة العليا تجمّع عشرات الأشخاص، بينهم نواب في الكنيست وأهالٍ ومحامون ونشطاء سلام فلسطينيون وإسرائيليون وأجانب، الاثنين، دعماً للعائلات الفلسطينية، وتعبيراً عن رفضهم للاستيطان الإسرائيلي على وقع قرع الطبول والهتافات، كما ذكرت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية.
وحمل المتظاهرون لافتات كتب على بعضها «لا للاحتلال» و«أوقفوا الاستيطان في القدس الشرقية».
في مايو، تحوّلت الاحتجاجات المؤيدة لسكان الشيخ جراح الفلسطينيين إلى مواجهات مع المستوطنين والشرطة الإسرائيلية، وشكّلت الشرارة وراء اندلاع مواجهات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية. ووقعت حينها مواجهات في مجمع المسجد الأقصى بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية.
ثم في الفترة من 10 إلى 21 مايو، اندلع نزاع دامٍ بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وعلى رأسها حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، والجيش الإسرائيلي، أسفر عن مقتل 260 فلسطينياً، بينهم أطفال ومقاتلون، و13 شخصاً في إسرائيل، بينهم جندي وطفل وفتاة.
وقالت جمعية «عير عميم» الإسرائيلية التي تتابع نمو المستوطنات في القدس، إن ما يصل إلى ألف فلسطيني في الشيخ جراح وحي سلوان المجاور معرضون لخطر الطرد لمصلحة مستوطنين.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.