المقاومة ضد المجلس العسكري في ميانمار تبتعد عن سو تشي

تعتمد نظرة لا مركزية إلى السلطة على غرار الحركة الديمقراطية في هونغ كونغ

يتصدر جيل ما دون الخامسة والعشرين من العمر الذي ولد مع الثورة الرقمية ويبقى على تواصل مع العالم الحركة الاحتجاجية (إ.ب.أ)
يتصدر جيل ما دون الخامسة والعشرين من العمر الذي ولد مع الثورة الرقمية ويبقى على تواصل مع العالم الحركة الاحتجاجية (إ.ب.أ)
TT

المقاومة ضد المجلس العسكري في ميانمار تبتعد عن سو تشي

يتصدر جيل ما دون الخامسة والعشرين من العمر الذي ولد مع الثورة الرقمية ويبقى على تواصل مع العالم الحركة الاحتجاجية (إ.ب.أ)
يتصدر جيل ما دون الخامسة والعشرين من العمر الذي ولد مع الثورة الرقمية ويبقى على تواصل مع العالم الحركة الاحتجاجية (إ.ب.أ)

انقضت ستة أشهر منذ أن أوقفت الزعيمة المدنية السابقة أونغ سان سو تشي، ووضعها المجلس العسكري الذي قاد الانقلاب في الإقامة الجبرية في عاصمة ميانمار نايبيداو. ويبدو أن الزمن ولّى حين كان سكان ميانمار يتناقلون خطاباتها سراً في عهد الديكتاتوريات السابقة مترقبين أي تعليمات قد تتسرب منها. وفقدت سو تشي كثيراً من وزنها السياسي في السنوات الأخيرة على الساحة الدولية. والآن فإن الاعتقاد السائد أنها خسرت كثيراً من وزنها السياسي محلياً أيضاً وسط دعاوى تستهدفها بتهم عدة، وبات الشباب الذي يتصدّر المقاومة ضد الحكم العسكري عازماً على خوض معركته بعيداً عن زعيمة المعارضة. ولفت ريتشارد هورسي من مجموعة الأزمات الدولية إلى الزعيمة الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 1991 التي قضت نحو 15 عاماً من حياتها قيد الإقامة الجبرية، كانت تعتبر فيما مضى «الحل» للخروج من الأزمة. لكن «أهميتها بنظر الغرب تراجعت كثيراً» اليوم. وأخذت عليها دول عديدة تغطيتها على التجاوزات التي ارتكبتها السلطات العسكرية ومتطرفون بوذيون بحق أقلية الروهينغا المسلمة. غير أن سو تشي لم تكترث للانتقادات، بل توجهت إلى لاهاي للدفاع أمام محكمة العدل الدولية عن حكومتها المتهمة بارتكاب «إبادة». وأعلن طبيب شاب يلزم الإضراب منذ سيطرة الجنرالات على السلطة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا نقاتل من أجل حزب سو تشي، بل حتى لا يعيش الجيل المقبل في حكم العسكريين».
ولا تزال «الأم سو» ابنة بطل الاستقلال الذي تم اغتياله ورمز المقاومة السلمية للاستبداد، تلقى تقديراً كبيراً، وكانت صورتها طاغية الحضور في التظاهرات التي هزت البلاد في الأشهر الأخيرة. لكنّ ماني مونغ من منظمة هيومن رايتس ووتش رأت أنها باتت «تعتبر أكثر فأكثر بمثابة وجه تاريخي». ويتصدر جيل ما دون الخامسة والعشرين من العمر الذي ولد مع الثورة الرقمية ويبقى على تواصل مع العالم، الحركة الاحتجاجية. ويرفض أي زعامة تتجسد في شخص، ويعتمد نظرة لا مركزية إلى السلطة، على غرار الحركات المطالبة بالديمقراطية في هونغ كونغ وتايلاند. وأوضحت ماني مونغ أن هذا الجيل «لم يعد يريد أن تحكمه شخصية رمز ولا أن تسيطر عليه قوة سياسية وحيدة»، مثلما كانت الحال مع الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة سو تشي بدءاً من 2015.
وتمثل فصائل عرقية متمردة في شمال البلاد وشرقها اليوم، قوة مقاومة أساسية في عملية التغيير، وهي حملت السلاح ضد العسكريين وتؤوي وتدرب كثيراً من المعارضين الفارين. وهذه الفصائل لم تعتبر يوماً أن سو تشي تمثلها. ولم تنجح الزعيمة المدنية حين كانت في السلطة في إيجاد حل للتوتر العرقي والصراعات المسلحة المستمرة منذ استقلال البلاد عام 1948، واستمرت إثنية بامار التي تنتمي إليها والتي تشكل الغالبية في بورما في السيطرة على البلاد.
ورأت فرنسواز نيكولا مديرة قسم آسيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أنه «إذا سقط المجلس العسكري في نهاية المطاف، فإن هذه المجموعة لن تقبل بهذه الهيمنة». وتكشف بعض الخطابات السياسية منذ الآن عن الرغبة في إقامة فيدرالية مع تمثيل أفضل لمختلف الإثنيات البورمية التي تضم أكثر من 130 أقلية. وفي مؤشر مهم إلى تغيير التوجه هذا، انضمت إي تينزار مونغ من إثنية شان إلى «حكومة الوحدة الوطنية» التي شكلها معارضون سراً. وقالت فرنسواز نيكولا: «أفسحوا لها مكاناً في المشهد السياسي، هذا أمر جديد تماماً ورمز قوي». وتظهر خلافات داخل صفوف حكومة الوحدة الوطنية بين حرس قديم وفي لسو تشي وجناح تقدّمي أكثر لم يعد يرغب في المضي قدماً معها حصراً. وفي تحول تام في موقفها، دعت حكومة الوحدة الوطنية في مطلع يونيو (حزيران)، أقلية الروهينغا للانضمام إلى صفوفها لمحاولة الإطاحة بالمجلس العسكري، ووصلت إلى حد قطع وعد بمنحهم الجنسية، ما يعد ثورة حقيقية. ويبقى السؤال مطروحاً عما إذا كانت أونغ سان سو تشي تتنبه إلى هذه التحولات، وسط عزلتها وانقطاعها عن الأخبار، أم لا.
ولا يزال المجلس العسكري يعدها بمثابة تهديد له. وألغى الجنرالات نتيجة الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2020 وحققت فيها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية فوزاً ساحقاً، ويوجه المجلس العسكري اتهامات عديدة إلى سو تشي؛ من أبرزها الفتنة والفساد، لمنعها من العودة إلى العمل السياسي.



«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)

رفضت المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، طلب استئناف تقدمت به منغوليا ضد قرار أكد انتهاكها التزاماتها بعدم توقيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارة أجراها للبلاد.

وزار الرئيس الروسي منغوليا في أوائل سبتمبر (أيلول) رغم صدور مذكرة توقيف بحقّه من المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرّاً، بشبهة الترحيل غير القانوني لأطفال أوكرانيين بعد غزو أوكرانيا عام 2022.

وقالت المحكمة في قرارها: «إنها رفضت طلب منغوليا بالحصول على إذن بالاستئناف»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت المحكمة الجنائية الدولية منغوليا، وهي دولة عضو، بالفشل في اعتقال بوتين، وأحالت المسألة على جمعية الدول الأطراف لاتخاذ مزيد من الإجراءات.

وينص نظام روما، وهو المعاهدة التأسيسية للمحكمة التي وقّعتها جميع الدول الأعضاء، على التزام الدول بتوقيف المطلوبين.

مسؤول عن «جريمة حرب»

وبعد أيام من صدور القرار، تقدّمت منغوليا بطلب للحصول على إذن باستئنافه، فضلاً عن استبعاد اثنين من القضاة، لكن المحكمة رفضت، الجمعة، طلبي منغوليا.

وقال القضاة إن قرار المحكمة، وإحالة المسألة على جمعية الدول الأطراف، لا يمكن استئنافهما، لأنهما «لا يُشكلان حكماً رسمياً للمحكمة بشأن جوهر القضية أو بشأن مسألة إجرائية».

وأضاف القضاة أن القرار كان «تقييماً للامتثال في ما يتعلق بواجب التعاون مع المحكمة».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين في مارس (آذار) 2023. وقالت حينها إن هناك «أسباباً معقولة» للاعتقاد بأن بوتين «يتحمل المسؤولية عن جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني» لأطفال أوكرانيين إلى روسيا.

ورفضت موسكو مذكرة التوقيف وعَدّتها باطلة، لكن زيارة بوتين إلى منغوليا كانت الأولى لدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية خلال 18 شهراً منذ صدور المذكرة.

وألغى الرئيس الروسي العام الماضي زيارة إلى قمة مجموعة «بريكس» في جنوب أفريقيا، العضو في المحكمة الجنائية الدولية، بعد ضغوط داخلية وخارجية على بريتوريا لتوقيفه.