الدبيبة من سبها: لا حرب في ليبيا بعد اليوم

المنفي يتعهد الالتزام بموعد الانتخابات... وحفتر يحث على المشاركة

صورة وزعها مكتب الدبيبة لدى وصوله إلى سبها أمس
صورة وزعها مكتب الدبيبة لدى وصوله إلى سبها أمس
TT

الدبيبة من سبها: لا حرب في ليبيا بعد اليوم

صورة وزعها مكتب الدبيبة لدى وصوله إلى سبها أمس
صورة وزعها مكتب الدبيبة لدى وصوله إلى سبها أمس

عقدت «حكومة الوحدة» الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أول اجتماع لها منذ توليها السلطة في مدينة سبها بجنوب البلاد، تزامناً مع تعهد محمد المنفي، رئيس «المجلس الرئاسي»، بالسير قدماً نحو التعهدات التي التزم بها، بشأن دعم المسار الانتخابي، وإنجاح جهود المصالحة الشاملة، بينما دعا المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، الشعب الليبي للمشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المُقبل.
وقال الدبيبة عقب وصوله برفقة وفد وزاري إلى مدينة سبها، لعقد الاجتماع الخامس لمجلس الوزراء، وتفقد أوضاع المدينة: «قررنا ولأول مرة في تاريخ ليبيا أن يكون اجتماع مجلس الوزراء في سبها، ووجودنا بكامل فريقنا الحكومي دليل على عزمنا المضي لمساعدة الجنوب الذي يعاني ما يعانيه نتاج سنوات من الحرب والانقسام». وشدد على أنه «لا حرب في ليبيا بعد اليوم في سبها ولا في غيرها».
وأضاف الدبيبة: «مواجهة (كورونا) في الجنوب وتوفير الأمن والوقود وتأمين الانتخابات على رأس أولوياتنا، بما في ذلك الجنوب الليبي فهو عمق استراتيجي لا تقوم البلاد من دونه»، متعهداً بأن تعمل حكومته على «استكمال خطط مكافحة الإرهاب والجريمة في هذه المنطقة».
ويعتبر اجتماع حكومة الوحدة، أمس في سبها، الأول من نوعه منذ توليها مقاليد السلطة في شهر مارس (آذار) الماضي، وفقاً لنتائج الحوار السياسي الذي رعته بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية. وتزامنت الزيارة مع إعلان «شعبة الإعلام الحربي» للجيش الوطني أن لجنته العسكرية المُشتركة بدأت برئاسة رئيس أركانه العامة الفريق عبد الرازق الناظوري وعدد من القيادات العسكرية جولات ميدانية تستهدف كافة المُعسكرات والثكنات العسكرية بمناطق جنوب ليبيا.
إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية ليبية عن المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني قوله في بيان إن «الليبيين سيقفون بقوة ضد من يحاول منعهم من ممارسة حقهم الانتخابي».
وبعدما شدد على ضرورة تهيئة الظروف الأمنية لإنجاح العملية الانتخابية، أضاف «سنقف بقوة ضد من يحاول منع أو إرهاب أو قمع الليبيين من ممارسة حقهم الانتخابي»، مطالباً الشعب بـ«التسجيل بكثافة في الانتخابات المرتقبة».
بدوره، استغل المنفي اجتماعه مساء أول من أمس، في مدينة طبرق بعدد من قبائل الأشراف والمرابطين، ووفد آخر يمثل أعيان وحكماء منطقة البطنان لإعادة التأكيد مجدداً على «حرص المجلس الرئاسي على وحدة التراب الليبي وحماية سيادته، والتزامه بمخرجات الحوار في جنيف، والتمسك بالانتخابات، ودعم اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) ووقف إطلاق النار، وتوحيد المؤسسات، ودعم مشروع المصالحة الوطنية، ولم شمل الليبيين».
وأوضح المنفي في بيان وزعه مكتبه أن «الوفود أكدت دعمها للمنفي، واستحسانها للخطوات التي قام بها نحو السلام والاستقرار في البلاد، ودعمها الكامل للمجلس الرئاسي، واستعدادها للعمل وفق الاستراتيجية التي وضعها لدعم مسار المصالحة، والوصول للاستحقاق الانتخابي نهاية هذا العام».
من جهتها، أكدت المفوضية العليا للانتخابات زيادة إقبال المواطنين في منظومة السجل الانتخابي، لتتخطى نسبة التسجيل 50 في المائة، وقالت إن «عدد المسجلين الجدد بلغ 90 ألفاً و473 مواطناً، ليرتفع إجمالي المسجلين في المنظومة إلى مليونين و430 ألفاً و470 مواطناً».
وأفادت المفوضية بأن «عدد المكالمات التي تتلقاها بلغ 12 ألف مكالمة يومياً بمتوسط 3 دقائق»، موضحة أن «هذا الكم الهائل سبب ضغطاً متزايداً على خطوط الاتصال نتج عنه تأخر في الرد على المواطنين».
لكنها أكدت مع ذلك على «عدم وجود أي خلل في منظومة التسجيل، وتمكن عشرات الآلاف من المواطنين من الاتصال وحل مشكلات التسجيل وما زالت الجهود قائمة لمعالجة الصعوبات بشكل نهائي».
بدوره، كشف متحدث باسم رئيس مجلس النواب، أنه «شكّل لجنة للذهاب لروما لمناقشة مقترح حول القاعدة الدستورية»، وأوضح أن «هذا المقترح سيتم إبداء الرأي حوله تحت قبة المجلس بمقره في مدينة طبرق بعد إتمام المشاورات حوله في روما، وأن مجلس النواب هو من سيعتمده أخيراً».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.