حزب معارض يتهم رئيس الحكومة التونسية بـ«التخطيط للفوضى»

الرئيس قيس سعيد خلال تلقيه جرعة من اللقاح المضاد لـ«كورونا» بأحد مستشفيات العاصمة (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد خلال تلقيه جرعة من اللقاح المضاد لـ«كورونا» بأحد مستشفيات العاصمة (أ.ف.ب)
TT

حزب معارض يتهم رئيس الحكومة التونسية بـ«التخطيط للفوضى»

الرئيس قيس سعيد خلال تلقيه جرعة من اللقاح المضاد لـ«كورونا» بأحد مستشفيات العاصمة (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد خلال تلقيه جرعة من اللقاح المضاد لـ«كورونا» بأحد مستشفيات العاصمة (أ.ف.ب)

اتهمت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، في مقطع فيديو نشرته عبر صفحتها الخاصة على «فيسبوك»، أمس، رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي بالتخطيط المسبق للفوضى، التي شهدتها مراكز التلقيح في اليوم المفتوح، الذي صادف عطلة عيد الأضحى، بهدف إعفاء وزير الصحة «المعفى أصلاً منذ يناير (كانون الثاني) الماضي»، واصفة إياه بـ«كبش فداء»؛ حسب تعبيرها.
وقالت موسي في تصريحات نقلها موقع «تونس الرقمية»، وصحف محلية، إن كل ما حدث «يندرج في إطار تصفية الحسابات السياسية»؛ حسب تعبيرها، محذرة من «مخطط سياسي جديد سينتج منظومة ربيع الدمار والخراب في نسختها الثانية»، وفق تقديرها.
وأضافت عبير أن «لاعبين أساسيين في منظومة الدمار في نسخته الأولى سيخرجون، فيما سيدخل لاعبون جدد، ويتم تدوير لاعبين قدماء متجددين ودعوتهم لإعادة الظهور» على الساحة السياسية، مؤكدة في هذا السياق أنه «سيتم قلب الطاولة، والإطاحة بكل ما هو موجود لإضاعة البوصلة عن التونسيين، ولنشر الفوضى».
بدوره؛ حمّل رئيس الجمهورية السابق، المنصف المرزوقي، مسؤولية سوء إدارة الأزمة الصحية إلى رئيسي الجمهورية والحكومة. وقال المرزوقي في تدوينة له عبر صفحته الخاصة على «فيسبوك»: «قمة اللاكفاءة واللاجدارة واللامسؤولية السّياسية والأخلاقية والجزائية، من قبل كلّ الطبقة السّياسية، وأساساً من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».
من جهته، علق النائب عن كتلة «حركة النهضة»، محمد القوماني، أمس، على الدعوات للنزول إلى الشارع والاحتجاج بكثافة بعد غد الأحد، قائلاً: «نحن نتفهم مشاعر الغضب لدى التونسيين على الأداء الحكومي والبرلماني والرئاسي والنخبة السياسية بصفة عامة»، لكنه نبه في المقابل إلى محاولات الاستثمار في غضب التونسيين بدعوتهم للتظاهر، والنزول إلى الشارع، مشيراً إلى أن هذه الدعوات «لن تلقى حظوظ النجاح، خاصة أن المواطن لم يعد ينجر وراء جهات مجهولة».
وبين النائب القوماني أن الصفحات التي «دعت إلى قلب نظام الحكم كشفت عن جهل بالدستور، لأنهم تخيلوا سهولة نزول الناس إلى الشارع، وقلب النظام، وتسليم الأمور إلى المؤسسة العسكرية». وقال بهذا الخصوص إن هذه الدعوات «لا تتجاوز أن تكون مثل حديث المقاهي البسيط»، مشدداً في تصريحه على أن هذه الدعوات «قاصرة، وقوات الأمن قادرة على إحكام الوضعية وتجاوز الخطر».
من جانبه، أكد رئيس مجلس نواب الشعب، راشد الغنوشي، ضرورة توحد السلط والقوى السياسية في مواجهة وباء «كورونا»، والتسريع بتلقيح المواطنين، مع ضرورة إطلاق حملات التلقيح في كل الجهات، وألا يقتصر الأمر على المراكز العمومية، مشيراً إلى فاعلية وأهمية التلقيح في مواجهة الوباء.
في سياق ذلك، استنكرت نقابة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الاستشفائيين الجامعيين، تصريحات رئيس الحكومة، التي نفى فيها علمه بحيثيات تهم السياسة المتبعة لمقاومة «كوفيد19». وعبرت النقابة، في بيان أصدرته مساء أول من أمس، عن رفضها قراره الذي يحرم القطاع الصحي المنهك جراء الوباء، وما وصفتها بالسياسة الحكومية الفاشلة لمقاومته، من عطله السنوية، مذكرة بأن تنظيم العمل وضمان استمراريته داخل المؤسسات الصحية كان دائماً أمراً داخلياً، ولا يمكن أن يخضع بأي حال من الأحوال للتجاذبات السياسية.
كما دعت رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية لما انجر عن سياسة حكومته في أزمة «كوفيد19»، وحيّت جهود مهنيي الصحة التي وصفتها بالجبارة، داعية إياهم إلى مواصلة مهامهم بكل مهنية وتفان للخروج بالبلاد من هذ الوباء.
وكان رئيس الحكومة قد أعلن مساء الثلاثاء عن إقالة وزير الصحة، فوزي مهدي، وتعيين وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي وزيراً للصحة بالنيابة، معللاً قرار إقالة وزير الصحة بأنه عاين «سوء تسيير في قيادة هذه الوزارة، التي تزخر بالكفاءات والمراجع العلمية والإدارية»، حسب مقطع فيديو نشر على صفحة رئاسة الحكومة على «فيسبوك». وأكد أن «(الأخطاء الكارثية) التي أصبحت تتوالى، والتي صارت تهدد صحة التونسيين»، جعلته يتخذ قرار الإقالة الذي تأخر فيه؛ وفق قوله.
ووصف رئيس الحكومة قرار استدعاء التونسيين، ممن تجاوز سنهم 18 عاماً إلى تلقي التلاقيح يوم عيد الأضحى، بأنه «قرار شعبوي، ويمكن وصفه بالإجرامي لما فيه من تهديد لصحة التونسيين»؛ حسب تعبيره.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.