«أبو علي» سفيراً جديداً لبريطانيا في بغداد

الدهاء الإنجليزي يرتبط لدى العراقيين بـ «أبو ناجي»

السفير البريطاني مارك برايسون «أبو علي» خلال تقديم أوراق اعتماده للرئيس برهم صالح (حساب سفير المملكة المتحدة على «تويتر»)
السفير البريطاني مارك برايسون «أبو علي» خلال تقديم أوراق اعتماده للرئيس برهم صالح (حساب سفير المملكة المتحدة على «تويتر»)
TT

«أبو علي» سفيراً جديداً لبريطانيا في بغداد

السفير البريطاني مارك برايسون «أبو علي» خلال تقديم أوراق اعتماده للرئيس برهم صالح (حساب سفير المملكة المتحدة على «تويتر»)
السفير البريطاني مارك برايسون «أبو علي» خلال تقديم أوراق اعتماده للرئيس برهم صالح (حساب سفير المملكة المتحدة على «تويتر»)

أظهرت أول إطلالة للسفير البريطاني الجديد في العراق مارك برايسون، أنه لا يقل من حيث إجادته اللغة العربية، عن سلفه السفير السابق ستيفن هيكي الذي انتهت مهمته في بغداد مؤخراً. ويتوقع أن يتسلم السفير الجديد مهام عمله خلال الأيام القريبة المقبلة. وكذلك كشف الخطاب الموجه إلى العراقيين الذي قدمه برايسون عن كونه مسلماً ولديه ولد اسمه علي.
وقال برايسون كلمة مصورة موجّهة للعراقيين «أنا السفير الجديد في العراق، وكنت نائباً للسفير للفترة ما بين عامي 2013 - 2014». وأعرب عن أمله في «معرفة المزيد عن تاريخ العراق بصفته مسلماً»، مشيراً إلى أنّه «يقضي وقت فراغه في مشاهدة مباريات كرة القدم والحديث إلى ابنه (علي) في لندن وتحسين لغته العربية».
ويبدأ «أبو علي» مهمته في حين ترتبط بالذاكرة العراقية منذ قرابة قرن من الزمن كنية «أبو ناجي» التي تشير إلى الدقة والانضباط والدهاء لدى الإنجليز. وعلى رغم أن سبب إطلاق هذه الكنية ليس معروفاً في شكل قطعي، يميل بعض الآراء إلى الاعتقاد بأن ذلك ارتبط بالزيارة التي كانت تقوم بها «المِسّ غيروترود بيل» مستشارة وسكرتيرة الحاكم البريطاني في العراق وصاحبة الدور الأساسي في تأسيس الدولة العراقية بعد الاحتلال الإنجليزي للعراق مطلع القرن الماضي، ويقال إن «المس بيل» كان من عاداتها التحرك عبر زورق في نهر دجلة، وذات يوم أوقفته أمام أرض يملكها ناجي رضا جادر وتكلمت معه وأعجبت به؛ لذلك كانت غالباً ما تتردد على منطقة الجادرية لترى السيد ناجي، وأنها كانت وراء ترشيحه لرئاسة بلدية منطقة الكرادة وجعله عضواً في المجلس التأسيسي العراقي لسنة 1924. ويرى أصحاب هذا الرأي أن الكنية أتت من هذه الزاوية. لكن رأياً آخر يقول، إن «أبا ناجي» كان تاجراً يهودياً وكانت لديه دار فخمة وحديقة كبيرة مطلة على نهر دجلة، وأن «المس بيل» اعتادت قضاء ساعات العصر في حديقة هذه الدار، وكانت تتكلم مع صاحبها ومع ضيوفه وتنقل لهم أخبار السياسية بشكل عام وأخبار الحكومة البريطانية ومشاريعها في العراق، وكان «أبو ناجي» يقوم بدوره بنقل تلك الأخبار إلى أصحابه وأصدقائه فتنتشر في بغداد. وكان يعتقد أن الأخبار التي ينقلها «أبو ناجي» تتمتع بالدقة والصدقية لأن مصدرها «المس بيل».
واليوم، وبعد نحو قرن من الزمان، يمثل «أبو علي» المملكة المتحدة في بغداد، وليس من الواضح بعد ما إذا كان العراقيون سيستبدلون كنية السفير الجديد بكنية «أبو ناجي» الدالة على دقة الإنجليز ودهائهم.
وكان السفير البريطاني المنتهية مهامه في العراق ستيفن هيكي، تكلم عبر تغريدة في «تويتر»، عن ذكرياته في العراق ووعد بنشر بعض تفاصيلها بعد حين. وقال «هناك الكثير من الأشياء التي سأفتقدها في العراق؛ لذا سأحاول سرد بعضها في الأيام القليلة المقبلة». وغالباً ما كان هيكي يوجه خطابات باللغة العربية إلى المواطنين العراقيين في الأعياد وبعض المناسبات الاجتماعية والرياضية.
وتتمتع مسألة تكنية الأشخاص بأهمية خاصة في سياق الثقافة العراقية، وغالباً ما يخاطب العراقيون بعضهم بأسماء أولادهم من الأولاد الأبكار، فيقال للرجل «أبو فلان» وللمرأة «أم فلان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.