الجيش العراقي يقيّد تحركات «الحشد» في معسكراته

اتخذ إجراءات لتقليل هجمات «الدرون» على البعثات الأجنبية قبيل زيارة الكاظمي لواشنطن

عناصر ميليشيات عراقية مدعومة من إيران تجوب شوارع بغداد في 29 يونيو (أ.ب)
عناصر ميليشيات عراقية مدعومة من إيران تجوب شوارع بغداد في 29 يونيو (أ.ب)
TT

الجيش العراقي يقيّد تحركات «الحشد» في معسكراته

عناصر ميليشيات عراقية مدعومة من إيران تجوب شوارع بغداد في 29 يونيو (أ.ب)
عناصر ميليشيات عراقية مدعومة من إيران تجوب شوارع بغداد في 29 يونيو (أ.ب)

كشفت مصادر عسكرية عن إجراءات متسارعة لتنظيم العلاقة بين الجيش العراقي وقوات «الحشد الشعبي» في المواقع المشتركة بينهما، وذلك قبل أيام من انطلاق الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، واللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في العاصمة الأميركية، نهاية الشهر. وتجيء الخطوة بعد أسابيع من ارتفاع وتيرة الهجمات التي تشنها الفصائل ضد منشآت عسكرية ودبلوماسية.
وتشمل الإجراءات الجديدة «فرض مزيد من الضوابط على نشاط قوات الحشد الشعبي، ومنع استخدام المواقع العسكرية التابعة للجيش في شن هجمات معادية»، ضد القواعد العسكرية والبعثات الأجنبية. وحثت وزارة الخارجية الأميركية حكومة بغداد على «التصدي للميليشيات العراقية وتقديم عناصرها إلى العدالة»، فيما أكدت أن «الحوار الاستراتيجي بين البلدين سيركز على توسيع التعاون، بغض النظر عمن يحكم في بغداد، وماذا يريد جيرانه».
ويستقبل الرئيس بايدن رئيس الوزراء العراقي في 26 يوليو (تموز) في واشنطن، حسبما أعلن البيت الأبيض. وستتيح هذه الزيارة «تأكيد الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين، وفق بيان للبيت الأبيض. وأشارت الرئاسة الأميركية إلى أنّ بايدن «يتطلع أيضاً إلى تعزيز التعاون الثنائي مع العراق في القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية». ويُفترض أن يؤدّي الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن إلى وضع جدول زمني لانسحاب التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم «داعش». ولا يزال هناك نحو 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة، بينهم 2500 أميركي، لكنّ إتمام عمليّة انسحابهم قد يستغرق سنوات.
واستهدف نحو خمسين هجوماً صاروخيّاً أو بطائرات مسيّرة المصالح الأميركيّة في العراق منذ بداية العام. وتُنسب هذه الهجمات التي لم تتبنّها أيّ جهة إلى الحشد الشعبي وهو تحالف من فصائل موالية لإيران مندمجة في القوات الحكومية العراقية. واستهدف أحدث هجوم كبير في السابع من يوليو قاعدة عين الأسد العسكرية في غرب العراق، حيث سقط 14 صاروخاً من دون تسجيل إصابات. وشنت الولايات المتحدة من جهتها ضربات نهاية يونيو (حزيران) على مواقع للحشد في العراق وسوريا، ما أسفر عن مقتل نحو عشرة في صفوف مقاتلين موالين لإيران. ويثير ذلك مخاوف من اندلاع صراع مفتوح في العراق، بين حليفتي بغداد؛ الولايات المتحدة وإيران.
وقالت مصادر عراقية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «سياقاً جديداً في الأوامر العسكرية بدا واضحاً في غالبية القطعات العسكرية، يمضي باتجاه تحييد الأنشطة الخارجة عن القانون». وأضافت المصادر، التي طلبت حجب هويتها، أن «الفصائل غيرت من استراتيجيتها الميدانية بالتموضع في مواقع جديدة في أطراف المدن، أو قرب الحدود، لتفادي الضربات الجوية، أو بالاستفادة من غطاء يوفره وجودها داخل قواعد مشتركة مع الجيش العراقي، أو الشرطة الاتحادية».
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن مكتب القائد العام للقوات المسلحة فرض مؤخراً إجراءات تشمل مراقبة أنشطة ألوية للحشد داخل قواعد الجيش، ومنع استخدامها في نشاط خارج عن القانون.
ومنذ انتهاء معارك التحرير ضد تنظيم «داعش»، نشأت روابط حذرة وغير تقليدية بين الجيش العراقي وفصائل الحشد الشعبي، لا سيما في المواقع المشتركة، وصلت إلى درجة التوتر في بعض الحالات، لا سيما بعد استهداف المصالح الأميركية. وقال قيادي في «الحشد الشعبي»، وهو يقود فصيلاً كبيراً في قاطع كركوك (شمال بغداد)، إن الإجراءات الجديدة خلقت صدامات متفرقة بين الجانبين، سببها التفوق الذي حققته الفصائل في الشهرين الماضيين على حساب الأجهزة الأمنية الأخرى.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن «خلافات حادة وصلت إلى حد المشاجرة بين ضباط عراقيين في إحدى القواعد الجوية العسكرية ولواء بارز للحشد الشعبي، شمال بغداد، على خلفية إطلاق طائرات مسيرة تحمل معدات متفجرة».
وحث ضباط القاعدة الجوية عناصر لواء الحشد على إزالة منصات الإطلاق والتوقف عن إطلاق طائرات «الدرون» التي تحمل الصواريخ، لكن قادة اللواء رفضوا الانصياع لطلبات الجيش وتفاقم الأمر إلى مشاجرة داخل القاعدة. وترغب الحكومة العراقية في فرض سيطرة أكبر على مواقع الجيش الرسمية، بالتزامن مع تصاعد الهجمات على مواقع حيوية في بغداد والأنبار وأربيل.
وتنشر الفصائل العراقية عشرات المعسكرات التابعة لها، من مناطق شمال الموصل، وصلاح الدين والأنبار، لكنها تقوم بتغييرها بين حين وآخر، طبقاً للمعطيات التي يفرضها الصدام مع الولايات المتحدة. ويحتاج رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى فرض مزيد من القوة ضد الفصائل العراقية، إذا أراد تحقيق نتائج مضمونة مع الأميركيين في الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي، نهاية الشهر الحالي.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.