«لامبدا» يقلق «الصحة العالمية»

ظهر في بيرو العام الماضي وتفشى في أميركا اللاتينية

مصاب بطفرة «لامبدا» في بيرو منشأ هذه السلالة من «كورونا» (أ.ف.ب)
مصاب بطفرة «لامبدا» في بيرو منشأ هذه السلالة من «كورونا» (أ.ف.ب)
TT

«لامبدا» يقلق «الصحة العالمية»

مصاب بطفرة «لامبدا» في بيرو منشأ هذه السلالة من «كورونا» (أ.ف.ب)
مصاب بطفرة «لامبدا» في بيرو منشأ هذه السلالة من «كورونا» (أ.ف.ب)

أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تتابع بقلق واهتمام طفرة «لامبدا» التي ظهرت للمرة الأولى في بيرو في أغسطس (آب) 2020، وأطلقت المنظمة عليها هذا الاسم في 14 يونيو (حزيران) 2021، وتأكد وجودها في تشيلي والأرجنتين. وأصبحت منطقة أميركا اللاتينية البؤرة الرئيسية لانتشار «كوفيد – 19» بعد القفزات السريعة والمتتالية في عدد الإصابات الجديدة التي سجلتها معظم بلدان المنطقة خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة، ما دفع بالعديد من الحكومات للعودة إلى فرض تدابير العزل والإقفال العام في بعض الحالات.
وقالت مديرة المكتب الإقليمي للمنظمة، كاريسا إتيان، إن القرائن المتوفرة حتى الآن عن هذه الطفرة تشير إلى خطورتها العالية، خاصة من حيث سرعة سريانها وقدرتها على مقاومة المناعة الناشئة عن اللقاحات والتعافي من الوباء. وأضافت إتيان: «ما زلنا لا نملك البيانات الكافية لتحديد مدى خطورة هذه الطفرة ومواصفاتها النهائية، لكن المؤشرات العلمية التي تجمعت حتى الآن لدى الخبراء لا تبعث على التفاؤل».
وتجدر الإشارة إلى أن ثمة 11 طفرة لفيروس «كوفيد – 19» تخضع لمراقبة خبراء المنظمة الدولية في جميع أنحاء العالم. وقال ناطق بلسان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة إن استخلاص الاستنتاجات النهائية حول هذه الطفرة قد يستغرق بعض الوقت، نظراً لكونها ظهرت في منطقة تعاني من ضعف قدرات الترصد الوبائي وإجراء التسلسل الوراثي للفيروس وشفافية القرائن المتراكمة، الأمر الذي يجعل من تحديد مدى خطورتها بطيئاً ومعقداً.
ويقول العالم الوبائي بابلو تسوكاياما، منسق مختبر التحاليل الوراثية الجرثومية في جامعة ليما، الذي يشرف على الفريق الذي رصد هذه الطفرة، إن كل العينات الفيروسية التي جمعها الخبراء في بيرو خلال أبريل (نيسان) الفائت كانت من هذه الطفرة.
وكانت السلطات الصحية في تشيلي والأرجنتين قد أفادت عن مئات الإصابات بهذه الطفرة خلال الأسابيع المنصرمة، لكن خبراء منظمة الصحة يرجحون أن يكون العدد أكبر بكثير، حيث إن قدرات إجراء التسلسل الوراثي للفيروس محدودة جداً في هذين البلدين.
يذكر أن المنظمة الدولية تشدد باستمرار على أهمية إجراء أكبر عدد ممكن من التسلسل الوراثي لمراقبة الطفرات الجديدة وتحديد مواصفاتها، من أجل تعديل اللقاحات وتكييفها للحفاظ على فاعليتها ضد هذه الطفرات. وفيما أعلنت وزارة الصحة في بيرو أن طفرة «لامبدا» باتت تشكل 71 في المائة من الإصابات الجديدة، يرجح الخبراء أن تكون هذه الطفرة هي التي تسببت في الموجة الوبائية التي ضربت تشيلي والأرجنتين مؤخراً، والتي ما زالت السلطات الصحية في البلدين تواجه صعوبة كبيرة في احتوائها.
ويرى خبراء منظمة الصحة أنه إذا كانت اللقاحات هي السلاح الوحيد الذي يملكه العالم اليوم في المعركة ضد الوباء، فإن رصد الطفرات الجديدة ومتابعتها وتحديد مواصفاتها هي الضمان لفاعلية اللقاحات التي لا بديل عنها في مواجهة كوفيد حالياً. وينبهون إلى أن متابعة الطفرات الجديدة في البلدان الغنية وحدها ليست كافية، حيث إن معظم هذه الطفرات تظهر في البلدان النامية التي ما زال الفيروس يسري فيها بسرعة وكثافة، ويدعون إلى تقديم المساعدة العاجلة لهذه البلدان من أجل تعزيز قدراتها على الترصد والتحليل ومدّها بالمشورة العلمية اللازمة.
وتخشى الأوساط العلمية من أن ظهور طفرات فيروسية جديدة في البلدان النامية، وعدم التمكن من تحديد مواصفاتها بدقة، خاصة ما يتعلق بمقاومتها للمناعة المكتسبة، من شأنه أن يبطل مفعول اللقاحات ويؤخر السيطرة على الوباء، بل قد يؤدي إلى توطنه بشكل دائم. ومن الدراسات القليلة جداً التي أجريت على طفرة «لامبدا» وقدرتها على مقاومة لقاح «كورونافاك» الصيني، تبين أنها تملك قدرة على مقاومته تصل إلى 64 في المائة من الحالات، كما أفاد خبير العلوم الفيروسية التشيلي ريكاردو سوتو. وكانت دراسة أجراها خبراء من جامعة نيويورك قد أظهرت أن هذه الطفرة تقاوم لقاحي «فايزر» و«مودرنا» بنسبة تصل إلى 22 في المائة في بعض الحالات.
يذكّر خبراء منظمة الصحة بأن طبيعة التحور الفيروسي عموماً تؤدي في معظم الأحيان إلى ظهور طفرات أسرع سرياناً من السابقة وأحياناً أشد فتكاً، حيث إن الهدف من التحور هو البقاء عن طريق التكاثر في الموئل الطبيعي الذي هو جسم الإنسان. ويشددون على أن حملات التلقيح الكثيفة في البلدان التي يسري فيها الفيروس بسرعة، يجب أن تواكبها حملات ترصد دقيقة لتحديد التحورات المقاومة للمناعة المكتسبة.
إلى جانب ذلك، أعلنت منظمة الصحة أن برنامج «كوفاكس» سيحصل على 110 ملايين جرعة من اللقاحين اللذين تنتجهما شركتا سينوفارم وسينوفاك الصينيتان. وكان البرنامج الذي تشرف عليه المنظمة لتوزيع اللقاحات على البلدان الفقيرة ومتدنية الدخل وقع اتفاقات مماثلة من شركات أسترازينيكا وجونسون آند جونسون وفايزر ومودرنا. وفي خطة البرنامج توزيع ملياري جرعة لقاح هذا العام، لكنه حتى الآن لم يوزع سوى 80 مليون جرعة. ويأتي التوقيع على هذا الاتفاق بعد أسابيع من موافقة المنظمة على استخدام اللقاحين المذكورين في حالات الطوارئ.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».