الأزمة الاقتصادية اللبنانية: مريض بالربو يلجأ لمسجد لتشغيل آلة الأكسجين

صورة للمواطن الذي لجأ إلى مسجد بلبنان لبقاء تشغيل آلة الأكسجين الخاصة به (حساب إمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت الشيخ حسن مرعب بتويتر)
صورة للمواطن الذي لجأ إلى مسجد بلبنان لبقاء تشغيل آلة الأكسجين الخاصة به (حساب إمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت الشيخ حسن مرعب بتويتر)
TT

الأزمة الاقتصادية اللبنانية: مريض بالربو يلجأ لمسجد لتشغيل آلة الأكسجين

صورة للمواطن الذي لجأ إلى مسجد بلبنان لبقاء تشغيل آلة الأكسجين الخاصة به (حساب إمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت الشيخ حسن مرعب بتويتر)
صورة للمواطن الذي لجأ إلى مسجد بلبنان لبقاء تشغيل آلة الأكسجين الخاصة به (حساب إمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت الشيخ حسن مرعب بتويتر)

لجأ رجل فجر اليوم (الأربعاء) إلى أحد مساجد بيروت، عند موعد صلاة الفجر، للاستفادة من توفر الكهرباء من أجل تشغيل آلة أكسجين يحتاجها جراء إصابته بمرض الربو، وسط تقنين قاس في ساعات التغذية بالتيار يتخطى 20 ساعة يومياً في خضم انهيار اقتصادي غير مسبوق.
ويشهد لبنان الغارق في أزمة اقتصادية متمادية، رجّح البنك الدولي الشهر الماضي أن تكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، شحّاً في الفيول الضروري لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
ونشر إمام وخطيب جامع الإمام علي بن أبي طالب في بيروت الشيخ حسن مرعب صورة على حسابه على «تويتر» يظهر فيها رجل غزا الشيب ذقنه، وهو يجلس على عتبة داخل المسجد يقرأ في القرآن، بينما أنبوب التنفس مثبت على أنفه وموصول بآلة أكسجين أمامه.
وأرفق الصورة بتعليق: «أحد المصلين مصاب بمرض الربو... لجأ إلى المسجد فجراً لتشغيل آلة الأكسجين ليستفيد من فترة تشغيل مولد المسجد (مما اضطرنا لعدم إطفائه بعد انتهاء الصلاة من أجله)، وذلك لعدم توفر الكهرباء ولا اشتراك المولدات في منزله». وأضاف: «ألا لعنة الله على من أوصلنا إلى هذا الحال».
https://twitter.com/DrHassanMoraib/status/1412596051052273665
ويواجه لبنان منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ما يجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب المولدات الخاصة، التي تعوض نقص إمدادات الدولة.
وتراجعت تدريجياً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شحّ الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى اتباع تقنين.
وتغرق المناطق كافة في ظلام دامس. وتنتشر بشكل شبه دوري مقاطع فيديو وصور لأشخاص يناشدون المعنيين التدخّل لتوفير الكهرباء من أجل تشغيل ماكينات الأكسجين لأطفالهم أو أفراد عائلاتهم، خصوصاً في مناطق لا تتوفر فيها المولدات الخاصة. وكانت استغاثة رجل نهاية الشهر الماضي في مدينة طرابلس (شمال) لإنقاذ طفلته المصابة بالربو قد أشعلت تحركات احتجاجية في الشارع.
وعلى وقع تدهور سعر صرف الليرة التي خسرت أكثر من تسعين في المائة من قيمتها أمام الدولار، ورفع السلطات لأسعار الوقود الأسبوع الماضي، لم يعد كثر قادرين على تحمّل تكلفة فاتورة المولّد الكهربائي، ما ينذر بتفاقم الوضع.
ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساساً. ويُشكل إصلاحه أحد مطالب المجتمع الدولي الرئيسية لدعم لبنان. وقد كبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.