قصف جبل الزاوية يستهدف الموسم الزراعي وثماره

اضطرار السكان للنزوح قبل جني المحاصيل أو بيعها

إنقاذ ما يمكن إنقاذه من متعلقات بيت دمره القصف في جبل الزاوية أمس (أ.ف.ب)
إنقاذ ما يمكن إنقاذه من متعلقات بيت دمره القصف في جبل الزاوية أمس (أ.ف.ب)
TT

قصف جبل الزاوية يستهدف الموسم الزراعي وثماره

إنقاذ ما يمكن إنقاذه من متعلقات بيت دمره القصف في جبل الزاوية أمس (أ.ف.ب)
إنقاذ ما يمكن إنقاذه من متعلقات بيت دمره القصف في جبل الزاوية أمس (أ.ف.ب)

يعاني أهالي بلدات وقرى جبل الزاوية في إدلب شمال غربي سوريا، من تداعيات القصف المتواصل من قبل قوات النظام والميليشيات المساندة لها، وتصعيدها العسكري منذ أكثر من الشهر، على المنطقة ومناطق أخرى بريف حلب وحماة، مستهدفة المناطق المأهولة بالسكان، الذين يعيشون على الزراعة وقد حان وقت جني محاصيل هذا الموسم، ما أدى إلى نزوح آلاف المدنيين نحو مناطق بعيدة وآمنة نسبياً إضافة جرح ومقتل العشرات.
بعض المدنيين نزح للمرة الرابعة خلال السنوات الأخيرة، بسبب القصف المتعمد والهجمات العشوائية على المناطق المأهولة بالسكان، مثل أبو جهاد وعائلته، من قرية مشون، الذي يقول بأنه لجأ إلى خيمة متواضعة في مخيم البركة القريب من منطقة سرمدا الحدودية، «لا يتوفر فيها أبسط مقومات الحياة» على حد تعبيره، معبرا عن غضبه مما يجري من تصعيد عسكري وتبعاته على الأبرياء.
يضيف أبو جهاد، أنه منذ أكثر من شهر بدأت قوات النظام والميليشيات المساندة لها، بقصف قرى وبلدات «البارة ومشون وبيلون وابلين» في جبل الزاوية، بشكل مكثف، بقذائف المدفعية والصاروخية على مدار اليوم، «وقد قتل عدد من أقاربنا وأبناء قريتنا والقرى المجاورة، ولم يكن أمامنا وباقي سكان هذه المناطق، أي خيار، سوى النزوح تحت جنح الظلام أو مع ساعات الصباح الأولى، أثناء الهدوء النسبي للقصف»، لافتاً إلى أن الظروف الصعبة التي يعاني منها هو وغيره بسبب هذا النزوح، لا تقل صعوبة عن العيش في مكان القصف، إذا يعاني النازحون من الحر الشديد، وعدم توفر المال لشراء الطعام والدواء، لافتا أن ذلك «بسبب نزوحنا المفاجئ قبيل جني محاصيلنا الزراعية».
(أم محمد) من بلدة ابلين جنوب إدلب تحدثت عن مقتل ابنتها جراء القصف المدفعي الذي استهدف البلدة منتصف الشهر الماضي (يونيو)، إضافة لإصابة زوجها بجروح بليغة، الأمر الذي دفعها وباقي أفراد أسرتها البالغ عددهم ثمانية أشخاص، بينهم طفلان، إلى النزوح إلى مخيم حديث المنشأ بالقرب من بلدة كللي شمال إدلب، يفتقر للخدمات اللازمة، بما في ذلك، عدم وجود مركز رعاية صحية يهتم بصحة زوجها. وتضيف: «لم يكن الضرر الذي لحق بنا فقط استشهاد ابنتي وإصابة زوجي، لكن هناك أضرار مادية كبيرة جراء القصف الذي طال مزارعنا ولم يسمح لنا بجني محصولنا من الكرز والمحلب، وتعرض مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية المزروعة بالقمح، للحريق». وتشير إلى أنها وعائلتها اضطروا للنزوح، بدون أن يكون لديهم المال الكافي الذي يساعد على متطلبات الحياة، وأن هذا الأمر، فرض نفسه على أبناء باقي البلدات المجاورة في جبل الزاوية، فالقصف جاء في الوقت الذي كان يعول فيه سكان جبل الزاوية على موسمهم هذا العام، بسبب وفرة الثمار والمحاصيل. ولفتت إلى أن كل ما تمكنت أسرتها من حمله من نقود، شارف على النفاد، بسبب تكاليف النزوح وأجور النقل التي بلغت حوالي 1000 ليرة تركية أو ما يساوي 120 دولارا أميركيا.
مسؤول في فريق «منسقو استجابة سوريا» قال، بأنه تم توثيق 411 خرقاً لوقف إطلاق النار في إدلب، خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي، من قبل النظام السوري وروسيا في شمال غربي سوريا، وقد قتل خلال الخروقات 31 مدنياً، بينهم 13 طفلا، 4 نساء، 12 رجلا، واثنان من الكوادر الإنسانية. كما قصفت 16 منشأة ومركزاً للدفاع المدني وأبنية تحتية، فيما نزح أكثر من 2.862 نسمة (يمثل الأطفال والنساء نسبة 70 في المائة منهم). وأضاف أن قوات النظام والميليشيات المساندة، قصفت المناطق المأهولة بالسكان بقذائف مدفعية متطورة «كراسنوبول» الموجهة ليزرياً عبر طائرات استطلاع روسية، محققة إصابة مباشرة، الأمر الذي زاد من أعداد القتلى المدنيين في جبل الزاوية جنوب إدلب وإجبار مئات الأسر على النزوح.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.