الكاظمي يلتقي بايدن قريباً على وقع {اختلاف أولويات} بين الطرفين

TT

الكاظمي يلتقي بايدن قريباً على وقع {اختلاف أولويات} بين الطرفين

سلطت وسائل إعلام عراقية محلية في الغالب تابعة لفصائل مسلحة الضوء على حضور رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي مراسم تشييع قتلى الغارة الأميركية الأخيرة. بدا حضور عبد المهدي الذي لا يحمل صفة رسمية رسالة تم الحرص على إبرازها بين كبار الحاضرين وفي مقدمتهم زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وقادة شيعة آخرون في وقت خلطت الضربة الأخيرة لموقع تابع لأحد الفصائل على الحدود بين العراق وسوريا الأوراق تماما.
فقبل يوم واحد من القصف الأميركي العنيف الذي أوقع قتلى وجرحى ودمر مقار تخزين الأسلحة التي تستخدمها الفصائل ضد الأميركيين كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يحضر استعراضا عسكريا لـ«الحشد الشعبي» لمناسبة ذكرى تأسيسه، الأمر الذي أعطى رسالة بأن صفحة جديدة قد فتحت بين الكاظمي وفصائل الحشد وقياداته. لم ينته الأمر عند هذا الحد، حيث ظهر الرجل القوي في هيئة الحشد الشعبي رئيس الأركان «أبو فدك»، وهو خليفة أبو مهدي المهندس الذي قضى في الغارة الأميركية مع قاسم سليماني مطلع عام 2020، بين الكاظمي وقاسم الأعرجي وهم يبسط كفي يده على ظهريهما، وهي صورة أخذت حيزا واسعا لدى وسائل الإعلام التابعة للحشد والفصائل. وحيث بدا أن شهر عسل جديدا، وإن بدا متأخرا لأكثر من سنة بين الكاظمي والفصائل بعد أكثر من سنة على تسلمه السلطة في ظل خلافات حادة عليه ومواجهات مع بعض الفصائل آخرها قضية قاسم مصلح، فإن الولايات المتحدة الأميركية أجهضت بعد ساعات ما بدا أنه صفحة جديدة.
صحيح أن الكاظمي حاول استيعاب الغضب الناتج عما خلفته الضربة من خسائر بالأرواح والمعدات عبر موقف بدا قويا بإدانة الضربة على لسان الناطق العسكري باسمه، فضلا عن بيان قوي آخر من وزارة الخارجية وموقف آخر لافت وتضمن إدانة لما جرى من رئاسة الجمهورية، فإن ما كان قبل الضربة برغم المشهد الاحتفالي خلال الاستعراض يختلف عما بعدها. فبالإضافة إلى كونها غير متوقعة من إدارة أميركية بدت مهادنة إلى حد كبير للفصائل المسلحة، فإن دقتها في إصابة الهدف بدت مثار غضب آخر، مفاده أن واشنطن التي سبق أن تخوفت من سلاح جديد للفصائل استهدفت مكامن تخزينه.
سياسيا، وفيما بدأ الكاظمي يحزم حقائبه للسفر إلى واشنطن خلال الشهر المقبل للقاء الرئيس جو بايدن فإن جدول الأولويات بينهما اختلف عن تاريخ ما قبل توجيه الضربة. فالكاظمي يريد استكمال موضوع جدولة الانسحاب الأميركي من العراق طبقا للحوار الاستراتيجي الذي أطلقه خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، بينما بايدن باتت له أولوياته في أسلوب الردع قبل بحث الانسحاب من عدمه.
وبينما يرتكز موقف بايدن على شبه إجماع داخلي أميركي بين الديمقراطيين والجمهوريين على صعيد كيفية التعامل مع الفصائل الموالية لإيران في العراق، فإن موقف الكاظمي الذي كان قبل توجيه الضربة أكثر مرونة بدا الآن في وضع مختلف لا يخلو من صعوبات حقيقية. فالقوى السياسية الشيعية وطبقا لمصادر مطلعة بشأن فحوى الاجتماع الذي عقده الكاظمي مع زعيم تحالف الفتح هادي العامري أوصلت إلى الكاظمي رسالة مفادها تغيير مطالب تلك القوى وفي مقدمتها الفصائل من جدولة الانسحاب إلى الانسحاب الفوري. هذا الموقف بقدر ما هو جديد فإنه محرج للكاظمي لأن مسألة تغيير الأولويات طبقا لردات الفعل يمكن أن تكون نتائجه خطيرة على مسار الحوار الاستراتيجي بين الطرفين.
وكان الكاظمي، طبقا لتلك المصادر، وعد العامري ببحث هذا الأمر مع الجانب الأميركي. لكن في مقابل ذلك أعلن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي الذي حضر مراسم التشييع أمس أن بلاده «ستتوصل قريبا لاتفاق مع الولايات المتحدة على جدولة سحب قواتها». وأضاف الأعرجي طبقا لتصريحات نقلتها قناة «الجزيرة» أن «العراق ليس بحاجة إلى قوات قتالية أجنبية على أراضيه ولديه ما يكفي من قوات».
وكشف الأعرجي الذي استخدم مفردات أكثر دبلوماسية مما قيل في رسالة العامري للكاظمي أن «الكاظمي سيزور واشنطن قريبا وسيتم الاتفاق خلال الزيارة على جدولة الانسحاب الأميركي من العراق»، علما أن العراق كان قد اتفق مع الولايات المتحدة الأميركية خلال جولة الحوار الاستراتيجي في شهر أبريل (نيسان) الماضي على جدولة كاملة لهذا الانسحاب. كما تم تشكيل لجان عسكرية عالية المستوى بين الطرفين لغرض الاتفاق على الجدولة.



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.