التحالف الدولي يتعهد «هزيمة دائمة» لـ«داعش»

«قلق شديد» من انتشار شبكات التنظيم في أفريقيا جنوب الصحراء

جانب من اجتماع التحالف في روما أمس (رويترز)
جانب من اجتماع التحالف في روما أمس (رويترز)
TT

التحالف الدولي يتعهد «هزيمة دائمة» لـ«داعش»

جانب من اجتماع التحالف في روما أمس (رويترز)
جانب من اجتماع التحالف في روما أمس (رويترز)

أكد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة «داعش»، في بيان ختامي على أثر اجتماع لأعضائه الـ83 في روما، أمس، أنه سيواصل القتال ضد التنظيم الإرهابي لإلحاق «هزيمة دائمة» بمقاتليه، لأن «التهديد لا يزال قائماً»، سيما في أفريقيا.
وأفاد المجتمعون في بيانهم الختامي أنهم «عازمون معاً على مواصلة القتال ضد (داعش) وتهيئة الظروف لهزيمة دائمة للجماعة الإرهابية... من خلال جهد شامل ومنسق ومتعدد الأوجه». ورحبوا بانضمام أعضاء جدد إلى التحالف، هم جمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموريتانيا واليمن.
وأعلنوا التزامهم «تعزيز التعاون عبر كل خطوط جهود التحالف من أجل التأكد من أن (داعش) في العراق وسوريا وفروعه وشبكاته حول العالم غير قادرة على إعادة تشكيل أي جيب إقليمي أو تواصل يهدد أوطاننا وشعوبنا ومصالحنا». وإذ لفتوا إلى أن التنظيم لم يعد يسيطر على أراضٍ في العراق وسوريا، حذروا من أن «التهديد لا يزال قائماً»، داعين إلى حملة تعهدات لعام 2021 بغية تحقيق الاستقرار.
واعترفوا بـ«جهود العراق لمواجهة (داعش) وفلوله ومنع عودة ظهورها»، مشيدين بـ«زيادة قدرة القوات العراقية على محاربة (داعش)». وذكروا بأن التحالف «يعمل في العراق بناء على طلب حكومة العراق مع الاحترام الكامل لوحدة العراق وسيادته وسلامة أراضيه، ولمصلحة الشعب العراقي». ونددوا بشدة «بالهجمات المستمرة ضد أفراد التحالف والقوافل والمنشآت الدبلوماسية»، مؤكدين على «أهمية حماية الحكومة العراقية لأصول التحالف».
وأكدوا أن «التحالف يقف الى جانب الشعب السوري لدعم تسوية سياسية دائمة وفقاً لقرار مجلس الأمن الرقم 2254»، داعين إلى «توخي اليقظة ضد تهديد الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره للبناء على النجاح قد تحقق واستمروا في العمل معاً ضد أي تهديدات لهذا النتاج وتجنب الفراغات الأمنية التي قد يستغلها (داعش)».
وأشار الوزراء في بيانهم المشترك إلى اجتماع ركز على الوضع الأمني في قارات ومناطق أخرى، ولا سيما أفريقيا، فعبروا عن «قلق شديد» لأن التنظيمات والشبكات التابعة لـ«داعش» في أفريقيا جنوب الصحراء «تهدد الأمن والاستقرار، لا سيما في منطقة الساحل وفي شرق أفريقيا - موزمبيق».
وأعلن التحالف «التزام العمل مع الدول المتضررة لمعالجة التهديدات التي يشكلها «تنظيم داعش» في أفريقيا لضمان الهزيمة العالمية الدائمة للتنظيم بناءً على طلب وموافقة مسبقة من الدول المعنية، وفي إطار الاحترام الكامل للقانون الدولي». ورحب الوزراء بحضور وفود من دول أفريقية عدة بصفة مراقب في هذا الاجتماع الوزاري. كما رحبوا بجهود أفغانستان لمواجهة «تنظيم داعش خراسان».
وإدراكاً للتحدي الذي يمثله المقاتلون الإرهابيون الأجانب المحتجزون وكذلك ذووهم الذين بقوا في سوريا والعراق، التزم الوزراء «متابعة آليات العدالة والمساءلة الفعالة القائمة بالتنسيق الوثيق مع بلدان المنشأ»، على أن يشمل ذلك أيضاً محاسبة المقاتلين الذين استخدموا العنف الجنسي كأداة للإرهاب. وأقروا بأن «وضع معتقلي (داعش) وأفراد عائلاتهم في شمال شرق سوريا يثير قلقاً بالغاً»، داعين إلى «إيجاد حل شامل وطويل الأمد لهذه القضية الخطيرة».
وأكدوا أنهم سيعقدون الاجتماع الوزاري التالي للتحالف بحلول يونيو (حزيران) 2022 وعقد اجتماع للمديرين السياسيين للمجموعة الصغيرة في بروكسيل خريف 2021.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حض حلفاء الولايات المتحدة على مواصلة التركيز على هزيمة «داعش»، وخصوصاً على مواجهة المنتسبين إلى التنظيم الإرهابي في أفريقيا. وقال أمام الاجتماع، أمس، إن جهود التحالف أدت إلى «إنجازات مهمة» بما في ذلك الوقف الفعلي لتحركات المقاتلين الأجانب نحو العراق وسوريا.
ووسط أولويات دولية مهمة أخرى، بما في ذلك كبح جائحة «كوفيد - 19» وتكثيف مكافحة تغير المناخ، يأمل التحالف في تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة من «داعش» وإعادة المقاتلين الأجانب إلى أوطانهم وتحميلهم المسؤولية عن أفعالهم ومكافحة الرسائل المتطرفة.
وكانت الولايات المتحدة أسست هذا التحالف بهدف هزيمة «داعش» عام 2014 بعدما سيطر التنظيم على منطقة واسعة في شمال سوريا والعراق، وفي عام 2019 أعلن التحالف طرد مسلحي التنظيم من آخر منطقة كانت لديهم.
وأجرى المشاركون تقييماً للجهود الحالية لضمان الهزيمة الكاملة للتنظيم الذي لا تزال فلوله تشكل تهديداً في العراق وسوريا وأظهرت بوادر تصاعد في أجزاء من أفريقيا.
وشدد وزير الخارجية الإيطالي لويغي دي مايو الذي تستضيف بلاده الاجتماع على ضرورة «تكثيف الإجراءات التي اتخذها التحالف، وزيادة المناطق التي يمكننا العمل فيها». ولفت إلى أنه «فضلاً عن العراق وسوريا، هناك تصاعد مقلق في نشاط التنظيم، لا سيما في منطقة الساحل وموزمبيق والقرن الأفريقي». ودعا إلى «إنشاء آلية خاصة للتعامل مع التهديد في أفريقيا».
وحض بلينكن أعضاء التحالف على «عدم التخلي عن حذرهم»، موضحاً أنه على الرغم من هزيمتهم، فإن عناصر «داعش» في العراق وسوريا «ما زالوا يطمحون لشن هجمات واسعة النطاق». وقال: «معاً، يجب أن نظل ملتزمين أهداف تحقيق الاستقرار كما فعلنا في حملتنا العسكرية التي أدت إلى النصر في ساحة المعركة».
ودعا إلى «بذل جهد جديد لإعادة - وإعادة تأهيل أو محاكمة - زهاء عشرة آلاف مقاتل من (داعش) لا يزالون مسجونين» في سوريا. وأضاف أن «هذا الوضع ببساطة لا يمكن الدفاع عنه ولا يمكن أن يستمر الى أجل غير مسمى». كما أعلن فرض عقوبات على عثمان إلياسو جيبو، وهو مواطن من النيجر يتزعم «تنظيم داعش» في الصحراء الكبرى.
وحذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من عودة شبكات «تنظيم داعش» وخلاياه النائمة لضرب الاستقرار وتخريب المجتمعات. وقال خلال كلمته أمام الاجتماع في روما، أمس، إن «الفترة الماضية شهدت إشاراتٍ مُقلقةً على عودة الشبكات الداعشية والخلايا النائمة لهذا التنظيم الإجرامي للعمل بآليات جديدة... ليس من أجل السيطرة على الأرض والتحكم في السكان، ولكن بهدف ضرب الاستقرار وتخريب المجتمعات وتهديد حياة المدنيين واستهداف المصالح والأهداف الحيوية».
وأوضح أنه «كما كان القضاء على سيطرة (داعش) على المدن والسكان مرهوناً بتضافر العمل الدولي المشترك في إطار التحالف الدولي، فإن اجتثاث التنظيمات الداعشية والخلايا النائمة يتوقف على قدرة أعضاء التحالف على مواصلة العمل الجماعي، خاصة على صعيد التنسيق العملياتي وتبادل المعلومات وتجفيف المنابع ودعم بناء القدرات الذاتية للقوات الأمنية المحلية التي تواجه داعش في الميدان، وبحيث يتم سد أي فراغ أمني يُمكن أن يتسلل منه هذا التنظيم الإجرامي ليهدد المجتمعات من جديد».
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري التزام بلاده الكامل «دعم جهود التحالف الدولي ضد (داعش) من خلال تبنيها لمقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب لا تستند فقط إلى البعد الأمني بل تأخذ بعين الاعتبار أيضاً الأبعاد الفكرية من خلال إصلاح وتحديث الخطاب الديني وتفكيك الخطاب المغلوط الذي تستند إليه العناصر الإرهابية».
وقال شكري خلال مشاركته في الاجتماع إن «التنظيم لا يزال يمثل خطراً حقيقياً على الرغم مما تم تحقيقه من نجاح على صعيد تحرير مناطق واسعة من الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا». وشدد على «ضرورة تدعيم الجهود المشتركة للدول الأعضاء في التحالف للقضاء على التهديد الذي يمثله التنظيم».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».