احتجاجات في لبنان على الأوضاع المعيشية

بيع الخبز بالرغيف بدلاً من الربطة

زحمة على إحدى محطات الوقود جنوب بيروت (أ.ب)
زحمة على إحدى محطات الوقود جنوب بيروت (أ.ب)
TT

احتجاجات في لبنان على الأوضاع المعيشية

زحمة على إحدى محطات الوقود جنوب بيروت (أ.ب)
زحمة على إحدى محطات الوقود جنوب بيروت (أ.ب)

يشهد لبنان حركة احتجاجات مطلبية وقطع طرقات بسبب غلاء المعيشة والارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار مقابل الليرة (بلغ 18 ألفاً في السوق السوداء وسعره الرسمي 1515 ليرة) وشح المواد الأساسية، وذلك في وقت بات فيه الخبز يباع بالرغيف بدلاً من الربطة في عدد من المحال بسبب تدهور القدرة الشرائية.
وأقفل محتجون أمس (الأحد) أوتوستراد الدامور جنوب العاصمة بيروت، وأقدم عدد من سائقي السيارات والفانات في صيدا (جنوب لبنان) على إقفال الطرقات بالسيارات.
وشمالاً قطع محتجون عدداً من الطرقات بالشاحنات احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، كما حاول أحد الأشخاص رمي البنزين على سيارته بهدف إحراقها أمام إحدى محطات الوقود على طريق عام حلبا (شمال لبنان) بعدما انتظر لساعات طويلة من دون قدرته على تأمين مادة البنزين.
وكانت معظم محطات الوقود أقفلت أبوابها أمام المواطنين خلال عطلة نهاية الأسبوع بانتظار جدول الأسعار الجديد الذي سيصدر عن وزارة الطاقة بعدما أصبح دعم المحروقات على أساس سعر صرف 3900 ليرة للدولار بدلاً من 1500 (السعر الرسمي).
ومن المقرر أن يعقد اليوم اجتماعاً في وزارة الطاقة بين الوزير ريمون غجر والمعنيين بملف المحروقات لإصدار جدول الأسعار الجديد.
وكان ليل السبت الأحد شهد تصاعداً بوتيرة الاحتجاجات ولا سيما في منطقة طرابلس شمالاً حيث أقدم محتجون غاضبون على اقتحام مصرف لبنان وسرايا طرابلس كما توجه عدد من المتظاهرين إلى منازل ومكاتب السياسيين في المنطقة.
وشهدت المدينة تدافعاً بين المتظاهرين والجيش اللبناني ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى.
وأعلن الجيش في بيان عن إصابة تسعة عسكريين بجروح بعدما أقدم شبّان يستقلون دراجات نارية على رمي قنابل صوتية باتجاه قوة من الجيش كانت تعمل على حفظ الأمن أثناء احتجاجات شهدتها منطقة طرابلس ليل السبت.
وكانت غرفة العمليات في جهاز الطوارئ والإغاثة في طرابلس أعلنت أن حصيلة احتجاجات مساء السبت كانت 18 إصابة بين مدنيين وعسكريين تم إسعافهم جميعاً فيما نقل 4 منهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
وفي ظل تدهور الأوضاع المعيشية أظهرت صور تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات لبيع الدجاج بالمفرق، أي بالقطعة، وهي تجربة جديدة لم تكن موجودة في السابق في لبنان وظهرت مؤخراً إثر تدني القدرة الشرائية للمواطنين، كما انتشرت صور لمحال تبيع الخبز بالرغيف بعد ارتفاع سعر ربطة الخبز أكثر من الضعف.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.