«إعلاميو الإخوان» يتحدثون عن مطالبات تركية بـ«التوقف تماماً»

TT

«إعلاميو الإخوان» يتحدثون عن مطالبات تركية بـ«التوقف تماماً»

لا تزال محاولة المضي بمسار التطبيع بين مصر وتركيا تتفاعل على مستويات عدة، وبعد أيام من إشارة مصرية - يونانية إلى «ثبات المواقف واتساق المصالح» بين الجانبين في شرق المتوسط، نقل إعلاميون في قنوات موالية لتنظيم «الإخوان» وتعمل من أنقرة عن مسؤولين أتراك مطالبتهم للعاملين في تلك القنوات بـ«التوقف تماماً» عن العمل، ليس فقط عبر شاشات الفضائيات ولكن أيضاً «عدم الظهور عبر منصات مواقع التواصل أو (يوتيوب)».
وقال مقدم البرامج السابق في قناة «الشرق»، معتز مطر، أول من أمس، في بث عبر صفحته على «فيسبوك» إنه «لأول مرة يطلب منا رسمياً إيقاف البرنامج تماماً على كل الأصعدة؛ تلفزيونياً أو من خلال (سوشيال ميديا)». وأضاف: «البرنامج سيتوقف على فيسبوك، ويوتيوب، مثلما توقف سابقاً على شاشة التلفزيون».
وأضاف أن موقف السلطات التركية امتد إلى عدد آخر من الإعلاميين، كما أكد ذلك مقدم البرامج السابق في «قناة الشرق» سامي كمال الدين، الذي كتب عبر «فيسبوك» أن السلطات في أنقرة «أصدرت تعليمات لعدد من الإعلاميين بالتوقف عن أي نشاط إعلامي من تركيا».
وذكرت مصادر في «قنوات الإخوان» لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليمات شملت إلى جانب مطر، الممثل هشام عبد الله بقناة الشرق، وكلا من محمد ناصر وحمزة زوبع في قناة (مكملين)، ووقف أي برامج تنتقد مصر أو دول الخليج، واضطرت إدارة الأخيرة إلى عرض حلقة معادة من برنامج المذيع محمد ناصر، دون إعلان مسبق، وصدرت تعليمات مماثلة لقناتي (الشرق) و(وطن)».
وقالت المصادر إن «السلطات التركية طلبت من الإعلاميين العاملين بهذه القنوات أو الموالين للإخوان وقف بث أي برامج لهم عبر مواقع التواصل، ووقف صفحاتهم عليها أو الرحيل عن تركيا».
وتعتبر القاهرة القنوات التي تركز على الشأن المصري وتعمل من أنقرة «معادية»، لكن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، تجنب الإفادة في أبريل (نيسان) الماضي، بشأن ما إذ كانت بلاده طلبت من تركيا إغلاق تلك القنوات، واكتفى بالقول: «إن المهم هو الفعل وليس بالضرورة أن نخوض فيمن طلب؟ أو من بادر؟... المهم مراعاة القانون الدولي بعدم التدخل، وإذا كان ذلك (توقف البرامج التي تعتبرها مصر معادية) أمرا موثقا ومستمرا، فإنه يعتبر إيجابياً».
وسبق لمطر أن قال مطلع الشهر الحالي إن «الإجازة المفتوحة مع القناة (الشرق) نفدت، وعلاقتي وفريق الإعداد بالقناة انتهت»، وفق تعبيره، غير أنه قال، أول من أمس، إن «وقف البرنامج على كل المنصات جاء في إطار التفاهم المصري - التركي لتطبيع العلاقات بين الجانبين».
وتوترت العلاقات بين القاهرة وأنقرة منذ عام 2013، وخفّضا علاقاتهما الدبلوماسية، على خلفية موقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المناهض لإطاحة الرئيس الراحل محمد مرسي بعد احتجاجات شعبية واسعة ضد استمراره في الحكم، لكن العلاقات التجارية ظلت قائمة رغم ذلك. واستضافت مصر في مايو (أيار) الماضي، مشاورات «استكشافية» برئاسة نائبي وزيري الخارجية في الجانبين، ووصفها البلدان بـ«الصريحة والمعمقة».
وكانت القنوات الداعمة لجماعة الإخوان والتي تصنفها مصر «معادية» وتعمل من تركيا، قد أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي دخول بعض أشهر مقدميها في إجازات، تاركة الباب مفتوحاً بشأن مصيرهم، غير أن بعض العاملين في القناة قالوا إن السلطات في أنقرة طلبت منهم التوقف عن الهجوم على القاهرة.
ورغم أن مطر لم يفصح بشأن طريقة مواصلة عمله، فإنه ألمح في وقت سابق من الشهر الحالي، إلى أن هناك ما وصفه بـ«عروض للظهور على شاشة التلفزيون من جديد»، لكن لم يوضح طبيعة الدول أو الجهات التي تلقى منها تلك «العروض».
ورأى وزير الخارجية المصري السابق، محمد العرابي، في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن «دولا كثيرة ستبدي قبولاً لاستقبال إعلاميي وعناصر الإخوان، وربما يكون منها كندا أو بريطانيا»، لكنه شدد على أنه «مهما كانت الوجهة فالمعيار الأساسي أنهم أصبحوا بلا تأثير أو جمهور وفي حكم المجموعة المنتهية».
وبدا خلال الأيام الأخيرة أن هناك عودة للتصعيد في الخطاب الإعلامي سواء في قنوات ومواقع الإخوان أو في بعض الصحف الموالية لحكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، ضد مصر وقيادتها، لاسيما بعدما نشرت صحيفة «يني شفق» التركية القريبة بشدة من الحكومة مقالا لمستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم (إردوغان)، ياسين أقطاي، هاجم فيه الحكومة المصرية بعد صدور حكم قضائي بإعدام 12 من قيادات وعناصر «الإخوان» في إحدى القضايا، والذي أتبعه بمقال آخر، قبل أيام، هاجم فيه وسائل الإعلام في كل من مصر والسعودية والإمارات، بسبب ما اعتبر أنه «محاولة لتصوير أن هناك هرولة من تركيا لتحسين العلاقات مع مصر»، وطالب مسؤولو الحكومة التركية بالانتباه إلى «محاولات وسائل إعلام بعض دول الخليج منذ البداية لعرقلة مساعي تحسين العلاقات مع القاهرة، مهاجما حكومات الدول الثلاث».
ورأى مراقبون أن التعليمات المشددة الجديدة من السلطات التركية لإعلاميي وقنوات الإخوان، استهدفت تأكيد التزام أنقرة في المضي في جهود تحسين العلاقات مع مصر وتجنب أي عراقيل تؤثر عليها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».