أنباء عن تشكيل عباس لجاناً للتواصل مع الفصائل

«حماس» تتهمه بتعطيل المصالحة وتطالبه بـ«خيارات مناسبة»

الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الثوري لحركة «فتح» (وفا)
الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الثوري لحركة «فتح» (وفا)
TT

أنباء عن تشكيل عباس لجاناً للتواصل مع الفصائل

الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الثوري لحركة «فتح» (وفا)
الرئيس محمود عباس خلال ترؤسه اجتماع المجلس الثوري لحركة «فتح» (وفا)

قال اللواء أكرم الرجوب، عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قرر تشكيل لجان للتواصل مع الفصائل الفلسطينية، بما فيه حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، من أجل الوصول إلى اتفاق وحدة وطنية على قاعدة الثوابت الفلسطينية وعلى قاعدة الشرعية الدولية.
جاء ذلك خلال اجتماعات المجلس في دورته الثامنة التي حضرها عباس. وناقش المجلس الكثير من القضايا من بينها وضع الحركة الداخلي، والعلاقة مع إسرائيل والعالم، والمعركة في القدس والوحدة الوطنية. وقال عضو مجلس ثوري «فتح» إياد نصر، إن الجلسة كانت مسؤولة جداً، وناقشت كل القضايا التي يتطلب حلها من القيادة.
وشدد نصر على «تمسك حركة فتح بالشراكة الوطنية والحوار في إطار منظمة التحرير، وتشكيل نظام سياسي واحد نذهب من خلاله باتجاه إنهاء الانقسام، ومن ثم التوجه لحكومة وحدة وطنية أو وفاق وطني».
وكان الرئيس محمود عباس دعا في كلمته خلال افتتاح أعمال دورة الثوري الاثنين الماضي، حركتي «فتح» و«حماس» وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي، إلى العودة فوراً إلى حوار جاد على مدار الساعة لإنهاء الانقسام وبناء الشراكة الوطنية على كل المستويات لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه شعبنا وقضيته الوطنية.
وجاءت دعوة عباس بعد فشل المباحثات الأخيرة في القاهرة التي اصطدمت بخلافات حول كل شيء تقريباً، منظمة التحرير والحكومة وإعادة إعمار غزة. وقرر الثوري الذي انتهت جلساته، أمس، متابعة الحوار مع «حماس» و«الجهاد» وكافة الفصائل على طريق تشكيل حكومة توافق وطني.
وردت حركة «حماس» بدعوة عباس إلى تقديم خيارات مناسبة لاستئناف مسار المصالحة، وقال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة أن على عباس تقديم الخيارات المناسبة من أجل المصالحة. وأضاف العاروري، وهو مسؤول ملف المصالحة في «حماس»، في تصريح نشرته مواقع تابعة للحركة، «إن جميع الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركتي (حماس) و(فتح)، توصلتا خلال جولات الحوار السابقة، إلى اتفاق وطني شامل وخريطة طريق كاملة، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وإنهاء الانقسام، وبناء شراكة وطنية، بالاستناد إلى الإرادة الشعبية الفلسطينية، لكن الأخ أبو مازن، أوقف المسار الوطني الشامل المتفق عليه، خلال جولات الحوار السابقة التي عقدت في القاهرة، واجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، الذي عقد الصيف الماضي، بالتزامن في مدينتي بيروت ورام الله، دون التشاور مع الشركاء أو الضامنين، بقراره تعطيل الانتخابات».
وكان يفترض أن تجري الانتخابات التشريعية في مايو (أيار) الماضي لكن عباس أوقفها بعدما منعتها إسرائيل في القدس، وقال عباس أنه مستعد لإجرائها فوراً بعد أن يضمن أنها ستجري في القدس، لكن «حماس» قالت آنذاك، إن القدس كانت مجرد ذريعة للتهرب من الانتخابات، واتهمت عباس بإلغاء الانتخابات خشية هزيمة حركة «فتح» بعدما قرر قياديون حاليون وسابقون في الحركة، تحديها بقوائم انتخابية موازية.
ويوجد خلاف حول هذه النقطة، إذ تريد «حماس» إصدار مرسوم آخر للانتخابات كما تريد البدء بإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية، لكن «فتح» تريد أن تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية، فوراً، من أجل توحيد المؤسسات الفلسطينية والعمل على إعادة إعمار قطاع غزة، باعتبارها المسألة الأكثر إلحاحاً في هذا الوقت. كما يوجد خلاف آخر بين «فتح» و«حماس» حول موضوع الإعمار وآليته والجهة المسؤولة عنه.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.