القضاء التونسي يفتح تحقيقاً في «محاولة اغتيال» رئيس الجمهورية

تصريحات لرئيس الجمهورية تُغضب قيادات «اتحاد الشغل»

TT

القضاء التونسي يفتح تحقيقاً في «محاولة اغتيال» رئيس الجمهورية

كشف المتحدث باسم المحكمة الابتدائيّة في العاصمة التونسية، محسن الدالي، عن تعهد النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالمراسلة الواردة عليها من وزارة العدل المتعلقة بتصريح رئيس الجمهوريّة الوارد بمقطع فيديو منشور على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية يتهم فيه أطرافاً داخلية وخارجية لم يسمِّها بالتخطيط لاغتياله، إذ قال في 15 يونيو (حزيران) الحالي: «يوجد من سافر خلسة إلى خارج البلاد التونسية لإزاحته من منصبه، حتى بالاغتيال».
وتأتي هذه الخطوة إثر إذن حسناء بن سليمان، وزيرة العدل التونسية بالإنابة، بفتح تحقيق في «محاولة اغتيال رئيس الجمهورية» والقيام بالتتبعات الأمنية والقضائية المستوجَبة على ضوء ما ستفرزه التحقيقات. وقررت النيابة العامة فتح تحقيق ضدّ كل من سيكشف عنه البحث من أجل «العزم المقترن بعمل تحضيري لارتكاب جرائم قتل لها صبغة إرهابيّة والانضمام إلى تنظيم إرهابي والتآمر على أمن الدولة». كانت أطراف سياسية معارضة قد شككت في هذه الرواية، معتبرةً أن الرئيس التونسي تحدّث قبل أشهر عن محاولة تسميمه من خلال ظرف مسموم ولكنّ نتائج التحقيقات لم تظهر إلى الآن، كما أن عدة أطراف أمنية وسياسية تحدثت عن «حادثة من وحي الخيال».
على صعيد آخر، كشف نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، عدم سحب مبادرة الحوار الوطني من رئيس الجمهورية على الرغم من الانتقادات الحادة التي وجّهها قيس سعيد إلى جلسات الحوار السابقة، معتبراً أن «حوار 2013» لم يكن حواراً ولم يكن يتسم بالوطنية. وعبّر عن غضبه وإدانته لتصريح رئيس الجمهورية الأخير الذي شكّك في الحوار الوطني الذي قاده الاتحاد العام التونسي للشغل صحبة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين سنة 2013، قائلاً: «لولاه لما تمكّنّا من تجنيب بلادنا حرباً أهليّة كانت ستعصف بها بعد الاغتيالات التي طالت رموزاً سياسية وأمنيين وعسكريين».
واعتبر أنّ ما عبّر عنه قيس سعيد هو تشكيك متواصل في المؤسّسات والمنظمات الوطنية والأحزاب السياسية وتراجُع منه عن التزامه بمبادرة الحوار الوطني التي اقترحها اتحاد الشغل من أجل إنقاذ تونس من الوضع الصعب الذي دفعت إليه الأطراف الحاكمة وأصبح يهدّد كيان الدولة.
وجاء قرار رئيس الاتحاد مخالفاً لتصريحات عدد من القياديين خلال أشغال الهيئة الإدارية المنعقدة الخميس الماضي، حيث كان الاتجاه الغالب يميل نحو سحب مبادرة الاتحاد من رئيس الجمهورية. ودعا الطبوبي رئيس الجمهوريّة إلى لعب دوره وتحمل مسؤوليته والمضي في مبادرة الحوار السياسي قائلاً: «إذا تواصلت الأزمة تجب إعادة الأمانة للشعب التونسي بتنظيم انتخابات مبكرة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.