القصف التركي المتواصل منذ سنوات يطرد فلاحين من قراهم شمال العراق

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يتفقد منطقة عسكرية قرب الحدود مع العراق يونيو الماضي (أ.ب)
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يتفقد منطقة عسكرية قرب الحدود مع العراق يونيو الماضي (أ.ب)
TT

القصف التركي المتواصل منذ سنوات يطرد فلاحين من قراهم شمال العراق

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يتفقد منطقة عسكرية قرب الحدود مع العراق يونيو الماضي (أ.ب)
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يتفقد منطقة عسكرية قرب الحدود مع العراق يونيو الماضي (أ.ب)

في أحد أيام منتصف شهر مايو (أيار)، قرر يوحنا خوشفا مختار قرية حدودية في محافظة دهوك في كردستان العراق أن يغادر مع أبناء قريته الـ120 إلى منطقة مجاورة، هرباً من القصف التركي ضد حزب العمال الكردستاني.
ويروي يوحنا لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف «تمطر الشظايا على بيوتنا، تكسر نوافذنا وأثاث بيوتنا. خوفاً على أرواحنا، نزحنا».
وأخذ يوحنا معه أيضاً قطيع الأغنام الذي يملكه ويبلغ عدد رؤوسه مائتين. وقد رحل بعيد بدء عملية «مخلب البرق» العسكرية التركية في 23 أبريل (نيسان) في دهوك لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً من أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ونزحت نحو 300 عائلة من قرى العمادية، على ما أعلنت وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق الخميس، أي قرابة 1500 شخص، منذ بدء العملية.
لكن غيرهم نزح من قبل، وهم يطمحون للعودة منذ ثلاث سنوات، مثل برقي إسلام الذي ترك قريته سنجي في شيلادزي بعدما قصفت مزرعتهم وقتل شقيقه في عام 2017، في واحدة من العمليات التركية المتواصلة منذ عام 1992 لاستهداف حزب العمال الكردستاني.
لكن أفق تحقق ذلك تضاءل مع احتراق الأراضي الزراعية نتيجة القصف المستمر، وعدم قدرة الحكومة الكردية أو العراقية على دفع تعويضات.
ويرى مدير برنامج تركيا في مركز دراسات «الدفاع عن الديمقراطية» وعضو البرلمان التركي السابق عن حزب الشعب الجمهوري المعارض أيكان إرديمير، أن «الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يريد نقل المواجهة مع حزب العمال الكردستاني من تركيا إلى أراضٍ يسيطر عليها حزب العمال في العراق أو يعبر منها إلى تركيا». وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتستخدم تركيا خصوصاً في هجماتها ضد التنظيم الذي يخوض تمرداً ضدها منذ 1984. الطائرات المسيرة، التي تصل أيضاً إلى منطقة سنجار جنوب دهوك القريبة من الحدود مع سوريا ما حال دون عودة آلاف النازحين الإيزيديين الذين تهجروا نتيجة ممارسات تنظيم «داعش» بين 2014 و2017. إلى منازلهم.
ومنذ أبريل، أصيب أربعة مدنيين بجروح في دهوك، وقتل ثلاثة بقصف على مخيم للاجئين خارج إقليم كردستان، بينهم قيادي كبير في حزب العمال الكردستاني، بحسب إردوغان.
وإثر قصف مخيم مخمور، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار «تقول إدارة بغداد إنها ستنظف المنطقة... نقول حسناً. لكننا سنواصل نضالنا لحين السيطرة على آخر إرهابي».
ويشرح مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق عادل بكوان أن الحكومة العراقية التي تواجه تحديات أمنية عديدة من تنظيم «داعش» وفصائل موالية لإيران، لا تملك «الوسائل لمنع حزب العمال الكردستاني من استخدام الأراضي العراقية»، كما يفعل منذ عقود، كقاعدة رئيسية لتمرده ضد أنقرة. لذلك، «توكل مهمة تولي أمر حزب العمال إلى أنقرة».
وكان إردوغان تعهد بنفسه إثر بدء العملية بـ«الإنهاء التام للتهديد الإرهابي... على طول حدودنا الجنوبية».
وقام وزير دفاعه منذ نحو شهرين بزيارة غير معلنة لقاعدة عسكرية تركية في شمال العراق التي باتت العشرات منها بالإضافة إلى نقاط المراقبة، تحاذي القرى الحدودية.
ورغم أن بغداد استدعت السفير التركي أكثر من مرة للاحتجاج، لكن العمليات لم تتوقف وتسببت بحرق نحو 20 كيلومترا مربعاً من الغابات في دهوك، وفق بيان لمديرية الغابات والمراعي في المحافظة، ما يساوي نحو 2.5 في المائة من مساحة الغابات في العراق، فيما وصفه الرئيس العراقي برهم صالح بـ«الممارسات غير الإنسانية والجريمة البيئية».
ويقول النائب في برلمان كردستان ريفينك محمد، وهو من أهالي القرى الحدودية في العمادية، إن «الجيش التركي توغل في هجومه الأخير بعمق 10 كيلومترات في بعض المناطق، و15 كلم و20 كلم في مناطق أخرى».
ويقول النائب المعارض في برلمان كردستان علي صالح من جهته: «قبل هذا الهجوم كانت القوات التركية تدخل أراضي الإقليم من البوابات الرسمية»، لكن منذ بدء الهجوم، «تقوم القوات التركية بإنشاء طرق وممرات للدخول مباشرة إلى الإقليم دون المرور بالطرق المعترف بها دولياً».
ويتهم حزب العمال أنقرة بالسعي إلى تكرار سيناريو سوريا في العراق. وشنت أنقرة في سوريا منذ عام 2016 ثلاث عمليات عسكرية وباتت تسيطر على 2000 كلم مربع في الشمال. وفي كردستان العراق، قد تقوم أنقرة بإنشاء حزام أمني لقطع الطريق أمام مشروع كردستان بين سوريا والعراق وإيران وتركيا.
ويقول زاكروس هيوا، المتحدث باسم منظومة المجتمع الكردستاني، الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا هجوم استراتيجي يهدف إلى قطع الاتصال بين أجزاء كردستان الأربعة وفي النهاية إنشاء حزام أمني».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.