اتهامات «غسل أموال» و«تصرف جنائي» و«فساد» تطارد حاكم «المركزي» اللبناني أوروبياً

القضاء الفرنسي يفتح تحقيقاً في ثروة سلامة

لبناني يضع قناعاً بوجه رياض سلامة خلال مظاهرة في بيروت نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
لبناني يضع قناعاً بوجه رياض سلامة خلال مظاهرة في بيروت نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
TT

اتهامات «غسل أموال» و«تصرف جنائي» و«فساد» تطارد حاكم «المركزي» اللبناني أوروبياً

لبناني يضع قناعاً بوجه رياض سلامة خلال مظاهرة في بيروت نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
لبناني يضع قناعاً بوجه رياض سلامة خلال مظاهرة في بيروت نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي (أ.ف.ب)

ثقيلة التهم المساقة من النيابة العامة المالية الفرنسية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشغل منصبه منذ عام 1993 ويحمل الجنسية الفرنسية، كما كثير من المسؤولين اللبنانيين.
وقطعاً، إن فتح تحقيق أولي بشأن اتهامات خطيرة من نوع «تآمر جنائي» و«غسل أموال في إطار عصابة منظمة» لا يعني أبداً ثبوت التهم باعتبار أن المبدأ المعمول به في القضاء الفرنسي هو أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته». ولكن مشكلة حاكم مصرف لبنان أن القضايا الجنائية آخذة بمحاصرته محلياً وأوروبياً: سويسرا أولاً واليوم فرنسا وغداً بريطانيا إضافة إلى لبنان.
ووفق مصدر مصرفي لبناني في باريس، فإن وضع سلامة أصبح اليوم «دقيقاً» قضائياً وسياسياً ومن شأنه «التأثير على ممارسة عمله كحاكم لمصرف لبنان» وهو الشخص المناط به، بسبب وظيفته، إخراج لبنان من أزمته النقدية والمالية وبالتالي فإن مصيره أصبح «مطروحاً جدياً».
وأمس (الأحد)، كشف النقاب عن فتح تحقيق رسمي «أولي» بحق رياض سلامة عقب شكويين قدمتا بحقه إلى النيابة المالية الوطنية المؤهلة للنظر بهذا النوع من الدعاوى التي لاحقت في السنوات الأخيرة مجموعة واسعة من المسؤولين الأفارقة بتهم الإثراء غير المشروع بموجب قانون يمكن ترجمة اسمه بـ«من أين لك هذا؟».
وعربياً، لوحق نائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد بموجب هذا القانون وحجز على ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة وبعد سنوات من «الحرب القضائية» تمت إدانته.
أصبح معلوماً أن سويسرا كانت السباقة في فتح الملفات القضائية بحق رياض سلامة ومطالبتها القضاء اللبناني بتقديم المساعدة القضائية. وفي فرنسا، قدمت الشكوى الأولى ضد حاكم مصرف لبنان من قبل جمعية «أكونتبيليتي ناو» (المحاسبة الآن) السويسرية في 16 أبريل (نيسان) الماضي التي يمثلها المحامي الفرنسي أنطوان ميزونوف. وهذه الجمعية السويسرية معروفة بحربها ضد الإفلات من العقاب الذي تتمتع به الطبقة السياسية والمالية اللبنانية منذ عشرات السنوات.
أما الشكوى الثانية فقدمت بعد أسبوعين وجاءت من جهتين: الأولى، جمعية «شيربا» الفرنسية المتخصصة في محاربة الجرائم الاقتصادية والمالية عبر العالم، والثانية جمعية «ضحايا الممارسات الاحتيالية والجرمية في لبنان» وهي مجموعة فرنسية - لبنانية تعمل على إلقاء كامل الضوء على الفساد الذي ينخر المجتمع والاقتصاد اللبنانيين، وأسسها لبنانيون ومزدوجو الجنسية خسروا، مثل الكثير من اللبنانيين، ودائعهم الموضوعة في المصارف اللبنانية. ويمثل الجهتين المحاميان ويليام بودرون وآملي لوفيفر. والأول معروف كونه هو من أطلق جمعية «شيربا» ورأسها لعدة سنوات. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محاميي شيربا والمجموعة اللبنانية، ترحيبهما بفتح التحقيق الرسمي، واعتبارهما أن له بعداً أوروبياً وعالمياً وقولهما إنه «سينظر في عمليات تبييض أموال ضخمة وأنه ينبغي أن تفتح جميع أدراج المافيا التي ركعت لبنان».
ومن المرجح أن يدفع التحقيق الفرنسي دولاً أوروبية أخرى إلى الاحتذاء بباريس عبر آلية توجيه طلبات للمعلومات على المستوى الأوروبي... وتتوجه الأنظار مباشرة إلى لندن حيث قدمت مجموعة «غيرنيكا» المتخصصة بمحاربة الفساد التي تضم طيفاً من المحامين، شكوى تستهدف حاكم مصرف لبنان.
الخيط الجامع بين كل هذه القضايا عنوانه الفساد وتبييض الأموال والاختلاسات. وليست الأمور محصورة بشخص الحاكم، بل تتناول الدائرة الأقرب إليه وتتكون من شقيقه رجاء وابنه نادي وابنة شقيقه ماريان حويك التي تقلبت في مناصب تنفيذية رفيعة في مصرف لبنان. وينظر إليها على أنها «الاسم المستعار» لرياض سلامة صاحب «الهندسات المالية» التي سمحت طيلة سنوات للعملة الوطنية اللبنانية (الليرة) المحافظة على قيمتها إزاء الدولار الأميركي من خلال دفع فوائد مرتفعة على ودائع الدولار كانت تزيد غالباً على عشرة في المائة. وسلامة المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية وصل إلى حاكمية مصرف لبنان بفضل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري الذي اغتيل ومجموعة من المقربين منه بعملية تفجير معقدة في قلب بيروت في عام 2005.
وتجدر الإشارة إلى أن التحقيق المفتوح في سويسرا يتناول غسل الأموال مختلسة من مصرف لبنان وفق آليات معقدة وتتناول ما لا يقل عن 300 مليون دولار. وحتى اليوم، ينفي سلامة بشكل قاطع التهم الموجهة إليه ويؤكد أن أمواله مصدرها شرعي. وبحسب الدعويين المقدمتين ضده في باريس، فإن ثروته المنقولة وغير المنقولة تقدر بمئات الملايين وبينها عقارات في الأحياء الأكثر بورجوازية في باريس مثل جادة الشانزليزيه وشارع مانديل إضافة إلى ممتلكات على الشاطئ المتوسطي اللازوردي. ومنذ أيام قليلة، كان سلامة في باريس التي يرتادها دورياً منذ سنوات.
تتهم الشكاوى المقدمة إلى القضاء الفرنسي ومجموعته المشار إليها بجمع ثروة ضخمة وتطالب، بالتوازي، بالتحقيق في هروب مليارات الدولارات من لبنان منذ انطلاق الأزمة الأخيرة، الأمر الذي فاقم الأوضاع ودفع بعشرات الآلاف من اللبنانيين إلى الشوارع والساحات. وما زال مصرف لبنان وحاكمه شخصياً، مستهدفين بمطالبات التحقيق.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن إحدى الشكويين المقدمتين إلى النيابة المالية الفرنسية، تتهم سلامة بتجميع ثروة تقارب الملياري دولار. وسبق أن نشرت معلومات في لبنان لم يتم التأكد من صحتها صادرة خصوصاً عن موقع «درج» ومنصة «مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد».



قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
TT

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

وجاءت مواقف قاسم في الكلمة الأولى له بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي. وقال قاسم: «قررت أن أعلن كنتيجة (...) بشكل رسمي وواضح أننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو (تموز) 2006»، في إشارة إلى الحرب الأخيرة بين الجانبين. وأضاف: «انتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير (حزب الله)، انتصرنا لأننا منعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها إلى درجة لا تستطيع معها أن تتحرك، والهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كل جانب» .

وتوجّه قاسم في مستهل كلمته إلى مناصري الحزب، قائلاً: «صبرتم وجاهدتم وانتقلتم من مكان إلى آخر، وأبناؤكم قاتلوا في الوديان، وعملتم كل جهدكم لمواجهة العدو». وأضاف: «كررنا أننا لا نريد الحرب، ولكن نريد مساندة غزة، وجاهزون للحرب إذا فرضها الاحتلال. والمقاومة أثبتت بالحرب أنها جاهزة والخطط التي وضعها السيد حسن نصر الله فعّالة وتأخذ بعين الاعتبار كل التطورات، و(حزب الله) استعاد قوّته ومُبادرته، فشكّل منظومة القيادة والسيطرة مجدداً ووقف صامداً على الجبهة».

 

ولفت إلى أن إسرائيل فشلت في إحداث فتنة داخلية، قائلاً: «الاحتلال راهن على الفتنة الداخلية مع المضيفين، وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى». وعن اتفاق وقف إطلاق النار، قال قاسم: «الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية، ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقنا في الدفاع، وهو ليس معاهدة، بل هو عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية لها علاقة بالقرار 1701، يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها، وينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني لكي يتحمل مسؤوليته عن الأمن وعن إخراج العدو من المنطقة».

وأكد أن «التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق، ونظرتنا للجيش اللبناني أنه جيش وطني قيادة وأفراداً، وسينتشر في وطنه ووطننا».

وتعهّد بصون الوحدة الوطنية واستكمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة التي حدّدها رئيس البرلمان نبيه بري، في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، واعداً بإعادة الإعمار بالتعاون مع الدولة، «ولدينا الآليات المناسبة»، قائلاً: «سيكون عملنا الوطني بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أن الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد، في إطار اتفاق الطائف، وسنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرتنا الدفاعية، وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».