تحضيرات الأحزاب اللبنانية للانتخابات «خجولة»... و«القوات» الأكثر استعداداً

رغم تكاثر الكلام عن مساعٍ للتبكير بإجرائها

TT

تحضيرات الأحزاب اللبنانية للانتخابات «خجولة»... و«القوات» الأكثر استعداداً

لا ينسجم تلويح أكثر من حزب سياسي لبناني بالدفع باتجاه انتخابات نيابية مبكرة مع استعداد هذه الأحزاب لامتحان صناديق الاقتراع، إذ تؤكد المعلومات أن تحضيرات القوى السياسية للاستحقاق النيابي لا تزال تتم على نار هادئة على أساس أن الانتخابات حاصلة في موعدها في مايو (أيار) 2022 وليس قبل ذلك.
وفيما تؤكد مصادر تيار «المستقبل» كما مصادر «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) انطلاق استعداداتهم للانتخابات على أن يتم تسريع وتيرة التحضيرات في حال اتخاذ قرار خوض انتخابات مبكرة، يشير عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون أن «التيار الوطني الحر» لم يبدأ بعد التحضيرات للانتخابات «لأن التفكير والتركيز اليوم هو على الخطوات الإصلاحية والإنقاذية المطلوبة لوقف الانهيار المالي الحاصل، وإن كانت فكرة الانتخابات المبكرة بدأت تتقدّم بسبب انسداد الأفق على الصعيد الحكومي». ولفت عون في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أنه «وفي حال أجهضت المحاولة الأخيرة التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري وتكرّس واقع استحالة تشكيل حكومة، فسيكون الملاذ الأخير هو إعادة الكرة إلى الشعب اللبناني كي يعيد تكوين السلطة، ابتداءً من المجلس النيابي؛ لذلك، ننتظر نجاح أو نعي مساعي الرئيس بري الأخيرة للبناء عليها بما يخصّ الانتخابات المبكرة».
ويعتبر عون أنه «ليس لدى أي من الأحزاب اليوم الجاهزية لخوض الانتخابات في فترة وجيزة، ولكن ما دام هذا يصح على الجميع، فهذا يبقي التنافس بحالة من التوازن بينها، ولأن الظرف استثنائي والأزمة كبيرة، ليس لأحد ترف أخذ وقته في التحضير لها. هي يجب أن تكون محطة سريعة تنتج واقعاً جديداً يسمح بإعادة إطلاق عجلة المؤسسات وعملها».
وإذ يرفض عون الدخول في تكهنات حول نتائج الانتخابات منذ الآن، يقول: «في حال فرضت علينا، سنخوضها طالبين استكمال معركة بناء الدولة التي ما زالت تحتاج إلى كثير من الجهود في المرحلة المقبلة». ورداً على سؤال، رأى أنه «يحق للقوات اللبنانية أن تطمح لأن تكون الكتلة المسيحية الأكبر ولكن ليس كل ما يشتهيه المرء يدركه، وبجميع الأحوال، لا يمكن لأحد استباق إرادة الناس ولتكن منافسة ديمقراطية وبنّاءة، ومبارك لمن يفوز من الكتلتين في حينها».
ويبدو الحزب «التقدمي الاشتراكي» الأقل استعداداً للانتخابات. ويوضح رامي الريس، مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» أن «الأولوية الكبرى التي يصر عليها رئيس الحزب هي الوقوف إلى جانب الناس ودعم صمودهم وليس بذل الجهد بموضوع الانتخابات... أما إذا حصلت انتخابات مبكرة فعندها لكل حادث حديث ووقتها نستعد لخوض الانتخابات بشكل مباشر، علماً بأننا أصلاً من الأحزاب التي تبقى على تماس مباشر مع الناس في كل الأيام وليس فقط في المواسم الانتخابية».
بالمقابل، يبدو حزب «القوات» الأكثر استنفاراً للانتخابات، إذ يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» شارل جبور أنه «لحظة إقفال صناديق الاقتراع بعد انتخابات 2018 بدأنا الاستعدادات لانتخابات عام 2022 وهذه الاستعدادات قائمة حالياً على قدم وساق وتم وضع أسس جديدة على مستوى جهاز الانتخاب لمتابعة التفاصيل ولوائح الشطب وكل ما عدا ذلك». ويضيف جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «بعد ثورة 17 تشرين الأول 2019 سرعنا حركتنا، فبعدما كنا نعمل على قاعدة حصول الانتخابات في موعدها، بتنا نستعد للانتخابات المبكرة ما استدعى تزييت الماكينة تحضيراً لهذا الاستحقاق. ويمكننا القول إننا اليوم على جاهزية تامة على مستوى الماكينة الحزبية، أما العنوان السياسي للمعركة فمتروك للحظة التي يقرر فيها موعد الانتخابات حينها نعلن أيضاً عن مرشحينا في كل الدوائر»، لافتاً إلى أنه «وفق كل الاستطلاعات فكتلة (القوات) ستصبح الكتلة المسيحية الأكبر علماً بأن الوزن السياسي للقوات في نهاية المطاف وزن وطني».
وبحسب مدير عام شركة «ستاتيستكس ليبانون» ربيع الهبر، فإن معظم الأحزاب ليست مستعدة للانتخابات المبكرة «وهي لا تزال في بداية التحضيرات، بحيث لم تكتمل لدى معظمها المشهدية الكاملة». ويشير الهبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العمل بمعظم الماكينات الانتخابية انطلق ولكن لا يزال في مراحله الأولى وبالتالي هي غير قادرة على خوض الانتخابات غداً». هو يستبعد أن يكون هناك تغيير كبير في تكوين المجلس النيابي، معتبراً أنه «إذا توحدت المعارضة بشكل جيد وتمكنت من إعداد لوائح متماسكة موحدة في كل دائرة بوجوه جيدة عندها قد تتمكن من خلق كتلة صغيرة داخل المجلس النيابي الجديد. علماً بأن حجم الكتل النيابية الأخرى لن يشهد تغييراً كبيراً كما يتم الترويج له». ويرجح الهبر أن نشهد نسباً مشتركة متدنية بالاستحقاق النيابي، لافتاً إلى أن «هذه النسبة في دائرة بيروت الثانية مثلاً قد لا تتخطى الـ٢٧%».



القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
TT

القضاء العراقي يواجه أزمة بعد فوز ترمب لصدور مذكرة قبض بحقه

ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)
ترمب خلال مشاركته بتجمّع انتخابي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي هنأ الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، ومحمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، دونالد ترمب بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي تبحث عن كيفية التعامل مع ترمب المرحلة المقبلة في ظل وجود مذكرة صادرة من مجلس القضاء الأعلى في العراق بالقبض على ترمب بتهمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.

الرئيس العراقي الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد

وقال عضو اللجنة مختار الموسوي في تصريح صحافي إن «ترمب بالنسبة للعراق وحسب القوانين العراقية هو مجرم، لكن العراق سيتعامل معه بشكل طبيعي، فهناك مصلحة للعراق بذلك، ووصول ترمب إلى البيت الأبيض لن يؤثر على العلاقات بين بغداد وواشنطن». ورأى الموسوي، وهو نائب عن «الإطار التنسيقي الشيعي» الحاكم أن «أميركا دولة مؤسسات ولا تتأثر كثيراً برؤساء في التعاملات الخارجية المهمة». وأضاف: «ترمب لا يعترف بالحكومة العراقية ولا يحترم السلطات في العراق»، لافتاً إلى أن «زيارته للعراق أثناء ولايته السابقة اختصرت فقط على زيارة الجنود الأميركان في قاعدة (عين الأسد) بمحافظة الأنبار، لكن العراق سيتعامل مع ترمب بشكل طبيعي».

الجنرال الإيراني قاسم سليماني (أ.ب)

وختم عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية تصريحه قائلاً: «في حال زار ترمب العراق خلال المرحلة المقبلة، فهناك صعوبة في تنفيذ مذكرة القبض بحقه، فهناك مصلحة للدولة العراقية وهي تتقدم على جميع المصالح الأخرى، فهي تمنع أي تنفيذ لتلك المذكرة بشكل حقيقي بحق ترمب».

أبو مهدي المهندس (أ.ف.ب)

يشار إلى أن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان أعلن صدور أوامر قبض بحق ترمب على خلفية أوامر أصدرها لقتل سليماني والمهندس في السابع من يناير (كانون الثاني) عام 2021. وأوضح بيان رسمي، صدر في ذلك الوقت أن «القرار يستند إلى أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ»، مؤكداً أن «إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب».

القضاء العراقي وأزمة تطبيق القانون

قانونياً، وطبقاً لما أكده الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» فإأن «القضاء العراقي تحرك بناءً على الشكوى المقدمة من الطرف المشتكي، وبالتالي فإن القضاء ملزم وفق القانون باتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص سواء كان في الداخل العراقي أو الخارج العراقي».

وأضاف التميمي: «ولأن الجريمة التي ارتُكبت داخل العراق واستهدفت شخصيات في العراق وأدت إلى مقتلهم؛ فإن الولاية القضائية هنا هي التي تطبق وهي ولاية القضاء العراقي»، مبيناً أن «إصدار أمر قبض بحق ترمب في وقتها وفق مذكرة القبض الصادرة من القضاء العراقي وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي وهي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لكونه شريكاً في هذه العملية؛ ولذلك يعدّ الإجراء من الناحية القانونية صحيحاً».

مركبة محترقة في مطار بغداد أصابها أحد الصواريخ الثلاثة (خلية الإعلام الأمني)

ورداً على سؤال بشأن تنفيذ المذكرة، يقول التميمي إن «التنفيذ يكون عن طريق الإنتربول الدولي بعد تقديم طلب عبر وزارة الخارجية، وهو أمر صعب من الناحية الواقعية، والثانية هي انضمام العراق إلى اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1948 وهي تحاكم الأشخاص بمختلف الجرائم، ومنها جرائم العدوان التي تنطبق على عملية الاغتيال التي نُفذت بأمر ترمب وفقاً للمادة 6 من قانون هذه المحكمة التي تتطلب دخول العراق فيها أولاً». وأوضح التميمي أنه «مع كل هذه الإجراءات القانونية، لكن ترمب في النهاية أصبح رئيس دولة وهو يتمتع بالحصانة وفقاً اتفاقية فيينا».

أول المهنئين لترمب

وفي الوقت الذي تبدو عودة ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية مقلقة لبعض الأوساط العراقية، إلا أن العراق الرسمي كان من أول المهنئين؛ إذ هنأ الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد ترمب، وتطلع إلى أن «تعمل الإدارة الأميركية الجديدة على تعزيز الاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه والحوار البنَّاء في المنطقة»، كما هنَّأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دونالد ترمب بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية لولاية جديدة، معرباً عن أمله في «تعزيز العلاقات الثنائية» خلال «المرحلة الجديدة». وكتب السوداني على منصة «إكس»: «نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة، ونتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات عدة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين». كما أن رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني كانا أول المهنئين لترمب؛ نظراً للعلاقة الجيدة التي تربط الأكراد مع الجمهوريين. وكتب نيجرفان بارزاني على منصة «إكس» قائلاً: «أتقدم بأحرّ التهاني إلى الرئيس ترمب ونائب الرئيس المنتخب فانس على فوزهما في الانتخابات». وأضاف: «نتطلع إلى العمل معاً لتعزيز شراكتنا وتعميق العلاقات الثنائية بين إقليم كردستان والعراق والولايات المتحدة».

أما رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، فقد عبّر من جهته إلى أهمية «تعميق الشراكة بين إقليم كردستان والولايات المتحدة، والعمل معاً لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة».

اقرأ أيضاً