تركيا تتهم عملية «إيريني» بـ«حصار» الحكومة الليبية

TT

تركيا تتهم عملية «إيريني» بـ«حصار» الحكومة الليبية

جددت تركيا هجومها على العملية الأوروبية لمنع تدفق الأسلحة إلى ليبيا، المعروفة باسم «إيريني»، معتبرة أنها تستهدف «حصار» حكومة الوحدة الوطنية الليبية. وأكدت في الوقت ذاته أنها ستواصل أنشطتها العسكرية هناك.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده «تسعى لأن تكون ليبيا واحدة موحدة تعيش في سلام واستقرار على أساس من التفاهم»، مشيراً إلى أنهم يواصلون أنشطتهم هناك «في إطار المساعدة لتحقيق السلام والأمن في البلاد».
وأضاف أكار، في تصريحات خلال متابعته جانباً من مناورات «ذئب البحر 2021» التي ينفذها الجيش التركي في شرق البحر المتوسط وبحر إيجه، أمس، أن «القوات التركية تساهم في توفير التدريب العسكري وإزالة الألغام والصحة والمساعدات الإنسانية وغيرها في ليبيا، في إطار الاتفاقيات الثنائية»، في إشارة إلى مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري الموقعة مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة في إسطنبول في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
ولفت أكار إلى استعراض قوات «الجيش الوطني الليبي» في قاعدة بنينة قرب بنغازي مؤخراً، معتبراً أنه دليل على محاولة من المشير خليفة حفتر «للحفاظ على وجوده». واتهم عملية «إيريني» بـ«تنفيذ الحظر على حكومة الوحدة الوطنية الليبية فقط». وقال أكار إن «استعراض حفتر مؤخراً دليل على أنه يحاول الحفاظ على وجوده، ومؤشر واضح على أن مشكلة ليبيا سببها حفتر وحلفاؤه، وأن كل شخص لديه ضمير يجب أن يسأل عندما يشاهد حجم العتاد العسكري الذي وصل لحفتر؛ أين عملية إيريني؟».
واتهم عملية «إيريني» بأنها «تحاول تنفيذ حظر الأسلحة على حكومة الوحدة الوطنية، وهذا ما يجعل شرعية العملية مثاراً للجدل، وهي بفعلها هذا تؤثر سلباً في العملية السياسية وتسبب عدم الاستقرار في البلاد».
وسبق أن اصطدمت تركيا مع قيادة عملية «إيريني» بسبب إصرارها على تفتيش إحدى سفنها المتجهة إلى ليبيا للشك في حملها أسلحة. وأشار أكار إلى أن الدعم التركي لليبيا «مستمر رغم كل المحاولات الاستفزازية»، وأن اتصالهم مع الدول المعنية بليبيا، خصوصاً مصر، «متواصل من أجل المساهمة في السلام في المنطقة».
ودفعت تركيا بأعداد من قواتها إلى جانب نحو 20 ألفاً من المرتزقة السوريين من الفصائل المسلحة الموالية لها في شمال سوريا للقتال ضد «الجيش الوطني» الليبي عقب توقيع مذكرة التفاهم مع السراج، كما سيطرت على قاعدتي الوطية الجوية ومصراته البحرية، وأقامت مركزاً للقيادة المشتركة التركية - الليبية في طرابلس.
ولا تزال تركيا تحتفظ بعسكريّيها إلى جانب نحو 7 آلاف من المرتزقة في ليبيا، رغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقرار الأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) بسحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة وكذلك المطالبات المتكررة من حكومة الوحدة الوطنية الليبية بدعم عملية انسحابهم. وتعتبر أنقرة أن تواجدها في ليبيا شرعي.
ومدّد مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، عمل بعثة مراقبة السفن قبالة ليبيا، لمراقبة وتفتيش السفن المشتبه في انتهاكها حظر توريد الأسلحة إلى البلاد. ويقضي القرار الجديد الذي يحمل رقم 2579 بتفويض الدول الأعضاء التي تعمل على المستوى الوطني أو من خلال المنظمات الإقليمية، بتفتيش السفن في أعالي البحار قبالة السواحل الليبية. ويسمح أيضاً للدول الأعضاء في مجلس الأمن، بمصادرة أي شحنة يتم اكتشافها خاضعة لحظر الأسلحة والتخلص منها.
وعدّت قيادة عملية «إيريني» قرار مجلس الأمن خطوة مهمة تمثل أساس المهمة الرئيسية للعملية، وأن هذا القرار يظهر رغبة المجتمع الدولي في الحفاظ على الإطار القانوني الرامي إلى منع الاتجار غير المشروع بالأسلحة من ليبيا وإليها في إطار الجهد المشترك لإحلال السلام والاستقرار في البلاد.
وقالت إن العملية منذ إطلاقها في 31 مارس (آذار) 2020، تحققت من 3344 سفينة تجارية ونفذت 133 زيارة للسفن بموافقة الربان وأجرت 14 عملية صعود وتفتيش على السفن التجارية المشتبه فيها، وواجهت 37 حالة رفض من قادة السفن. كما رصدت 468 رحلة جوية مشبوهة، و25 مطاراً وممرات هبوط و16 ميناء ومحطات نفطية.
وجرى تفويض عملية «إيريني» التابعة للقوات البحرية للاتحاد الأوروبي في المتوسط من قبل الاتحاد بهدف المساهمة في تنفيذ حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، وفقاً لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 2292 للعام 2016 و2526 للعام 2020.
في الوقت ذاته، كشف تقرير أممي عن استخدام طائرات مسيرة مصنوعة في تركيا معروفة باسم «نظام الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل» في عمليات القتال بين ميليشيات حكومة الوفاق السابقة والجيش الوطني الليبي.
وذكر التقرير الذي نشرته هيئة الإذاعة الأميركية أن مثل هذه المسيّرات ظهرت للمرة الأولى في مارس (آذار) 2020، ونقل عن الباحث في الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والردود عليه «ستارت» زاكاري كالينبورن، قوله إنه إذا قتل أي شخص في هجوم مستقل، فمن المحتمل أن يمثل ذلك أول حالة تاريخية معروفة لأسلحة ذاتية التشغيل قائمة على الذكاء الاصطناعي تستخدم للقتل.
وطائرة «كارغو 2» هي طائرة هجومية مسيرة صنعتها شركة «إس تي إم» التركية للهندسة والتكنولوجيا الدفاعية، ويمكن تشغيلها بشكل مستقل أو يدوياً، وهي قادرة على التعلم الآلي ومعالجة الصور في الوقت الفعلي ضد أهدافها وتلعب دور «روبوت قاتل».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.